عند انطلاق البغدادية الفضائية قبل أكثر من تسع سنوات , تبنت شعارا نتمنى أن لا يتغير قط وهو انها صوت العراقيين جميعا بغض النظر عن ألوانهم الجميلة , وقد أفرزت مسيرتها الصعبة العديد من العلامات الايجابية وأبرزها اتباع منهج الاعلام الاستقصائي الذي يعتمد الحقائق وليس الاثارات لغرض الكشف عن واقع ما يجري في العراق بدون تزييف ومشاركة العراقيين همومهم وأفراحهم , وقد استطاعت هذه القناة ( المستقلة ) ان تكشف للرأي العام العديد من الملفات الساخنة والباردة التي أرعبت البعض وأثلجت صدور الكثيرين .
وللأسباب المعروفة للجميع فقد تم ايقاف بثها , الا انها استطاعت ان تعاود بثها التجريبي على القمر نايل سات (الذي يستخدمه اغلب العراقيين ) بتردداتها السابقة وترددات جديدة , وقد مثلت عودتها انتصارا للحق وموضع ارتياح للكثيرين لأن المرحلة التي يمر بها بلدنا تحتاج الى معاودة نشاطها الاعلامي لكي تسجل لها حضورا في الوقوف الى جانب شعبنا وهو يجاهد للقضاء على الارهاب الذي أوجدته الأخطاء التي وقع بها الفاسدون والفاشلون والكارهون لاستقرار العراق , ومما يسجل لصالح القناة انها عادت بدون ذلة أوالقبول بأية املاءات , فقد عادت بضميرها الوطني المترفع عن كل المغريات لكي تؤدي رسالة وليس لتحقيق منافع زائلة وهو ما يدعونا للتفاعل معها باخلاص , ولانها قناة العراقيين فأن من حقهم وحدهم ان يضعوا شروطهم عليها لكي تواصل تمثيلهم ونحن على ثقة بان هذه الشروط ستكون موضع ترحيب من قبل ادارتها ابتداءا بصاحب الامتياز الدكتور الخشلوك .
وتتلخص تلك الشروط بما يأتي :
1. تقليص فترة البث التجريبي كلما أمكن ذلك سيما وانها تمتلك الامكانيات المادية والتقنية لكي تختصر الزمن لأنه لا وقت للعراقيين في الانتظاركما ان الجمهور ينتظرها بشوق المحبين .
2. ان تبدأ من حيث توقفت لاغية لمقولة عفى الله عما سلف فيما يتعلق بازهاق الارواح والهدر بالمال العام .
3. الغاء الاستراحات كافة ومنها ( استراحة المقاتل ) مستقبلا لأن المعارك الضروس التي يخوضها الشعب لا تتحمل الاستراحات .
4. ايجاد وسائل أكثر فاعلية وكفاءة للتواصل مع المواطنين وفي كل مكان لتزويدها بالوثائق والمستندات التي تثبت التورط في الفساد بكل أشكاله ( السياسي والاجتماعي والاداري ) باشاعة مفهوم المواطن هو المسؤول .
5. تخصيص جزءا مهما من برامجها لتسليط الأضواء وتحليل الاسباب التي أدت الى وقوع العراق بالمعانات الحالية والمساعدة على تنظيم حملات شعبية لمساءلة المتسببين وبما يضمن الحفاظ على وحدة العراق .
6. عدم السماح لأي كان لاستثمار القناة لغرض القاء الخطب الكاذبة والوعود الزائفة للتغطية على فسادهم او فشلهم أو لتحقيق مآرب شخصية وسياسية البعيدة عن خدمة العراق والعراقيين .
7. ايجاد صيغ يمكن من خلالها محاورة الضيوف من قبل المتلقين أكثر من الاعتماد على مهارات ولباقة المقدمين وبما يتيح المجال للتعبير عن آراء المواطنين لايجاد الحلول لها وتخفيف المعانات .
8. محاولة عدم ترك الانطباع لدى البعض بان برامج القناة هي عبارة عن محاكمات تتم فيها البراءة او اطلاق الاحكام فالهدف هو عرض الحقائق للرأي العام والجهات المعنية ليأخذ كل منهم دوره في خدمة الجمهور .
9. تخصيص برامج وأوقات تعني باظهار الجوانب الايجابية في المجتمع لاشاعة روح الأمل والتفاؤل لدى الجمهور وتشجيع المسؤولين الذين يتسم ادائهم بالايجابية لمواصلة عطائهم بدعم شعبي .
10. الاهتمام بالمواهب والمبادرات والابداعات بمختلف الجوانب لتشجيع الطاقات الخلاقة لشرائح المجتمع كافة والاستعانة بالتكنوقراط في ابداء الآراء بالحالات والظواهر الايجابية والسلبية بدلا من التعويل على السياسيين لأن التكنوقراط يهتمون بالحلول والسياسيين أغلبهم من صناع المشكلات .
وقد يستصعب البعض فكرة وضع الشروط من قبل الجمهور على القنوات الفضائية لاسيما وان لكل قناة رسالة وفلسفة تتبعها وهي تنفق الأموال لكي تحقق أهدافها , ونقول يحق القول لمن لديه هذا الاعتقاد ولكن الموضوع لا ينطبق على كل القنوات ومنها البغدادية , فخلال سنوات بثها الماضية أثبتت للكثير من المشاهدين والمهتمين بالجوانب التحليلية بأن هذه القناة لاتمثل استثمارا تجاريا وموضوعا يتعلق بتحقيق الربح المادي وانما مشروعا وطنيا واضح الأهداف والغايات ومشروعها يصب في المصالح العليا , والمواطن العراقي بات يمتلك القدرة العالية على الادراك والتشخيص ولهذا من السهل عليه ان يعرف هوية وانتماء أية وسيلة للاعلام , نتمنى للبغدادية والعاملين فيها وجمهورها دوام التوفيق .