23 ديسمبر، 2024 2:39 م

التبريرات والشبهات والجهات الساندة وحملة السهام- النبالة  وهل لهم ميمنة وميسرة —لو تكتيكهم بهجوم السهم الخاطف بالجواز الاحمر الذي تطور بقدرة القادر الى اخضر.. مع هؤلاء اللصوص
مع بدء الحملة الإنتخابية وتسجيل الكيانات للإنتخابات البرلمانية القادمة في نيسان عام 2014 ، بدأت حملة موازية من الصراعات والشتائم والإتهامات بين لصوص بغداد من الأحزاب الحاكمة في الدولة العراقية المُستباحة من قِبَل عصابات هذه الأحزاب بكل مؤسساتها وبكل ما يشير إلى وجود بلد اسمه العراق ، إن كان هناك حقاً ما يشير إلى وجود سمات الدولة العراقية إنطلاقاً من مفهوم الدولة الحديثة وما يتحكم بها من مؤسسات تدل على تماسك كيانها واحترام هيبتها والثقة بمخططاتها . لقد بدأت حملة المهاترات وكشف الأوراق ونشر الغسيل القذر بين لصوص بغداد اولاً لتنتهي بعد إشتداد اوارها عند لصوص المحافظات الأخرى فتنتشر بذلك سموم هذه المهاترات لتعم وطننا ولتزكم انفاس اهلنا الذين لا ناقة لهم في فضائح هؤلاء اللصوص ولا جمل .
يتبارى قادة الأحزاب العراقية الحاكمة ورؤساء كتلهم البرلمانية ليؤكد كل منهم على نقطتين اساسيتين ، إلى جانب نقاط فرعية اخرى ، في هذا العراك الذي بدأ ينال الجوانب اللاأخلاقية أيضاً ، وما هذا الإنحدار اللاأخلاقي في المواجهة إلا من سمات مواجهات اللصوص حينما تكون الغنيمة هي المحور الذي تدور عليه خلافاتهم . ولم يعد العراق في العقود الخمس الماضية من تاريخه إلا غنيمة استباحتها البعثفاشية المقيتة للعقود الأربعة الأولى لتواصل احزاب الإسلام السياسي التي وضعتها سياسة الإحتلال الأمريكي على قمة السلطة لتخلف البعث ليس بنفس الفكر الشوفيني الدكتاتوري ولكن بنفس اساليب الإبتزاز وطرق الفساد وتواصل أفضلية الإنتماء الحزبي على المؤهل العلمي في إشغال مناصب شبه الدولة العراقية وإدارة ما يسمى بمؤسسات هذه الدولة التي لا يمكن وصفها إلا بالمُستباحة فعلاً .
النقطة الأولى التي لا يخجل المسؤولون على الساحة السياسية العراقية من ترديدها في كل لقاء معهم او ضمن اي تصريح لهم سواءً كانوا ضمن حرامية السلطة الحاكمة او من لصوص التهريج في ما يسمى بالبرلمان العراقي هي موضوعة الفساد بشقيه المالي والإداري المستشري في كل مفاصل الدولة العراقية الكسيرة الجناح . يخرج علينا هؤلاء جميعاً في مقابلاتهم التلفزيونية او الصحفية او في مقالاتهم ليجعل كل منهم من نفسه مَلاكاً طاهراً نقياً صافياً خالياً من كل شائبة ونزيهاً من أية لوثة وينشر صحيفته وكأنها بيضاء لا يدنسها مُدنس ، في الوقت الذي يرمي فيه خصومه السياسيين سواءً في السلطة التنفيذية او التشريعية بكل الموبقات والجرائم التي تؤسس للفساد المالي والإداري مشيراً إلى الإثراء الفاحش والسريع لهؤلاء الذين جعلوا من الموقع الحكومي او المقعد البرلماني مَحلَباً لا ينضب لثرواتهم وعقاراتهم بمعظمها خارج العراق وبأقلها في داخله ليبعدوا بذلك عين الحسود التي طالما يعج بها المجتمع العراقي حسب تصورات هؤلاء اللصوص . ويظل المواطن العراقي حائراً بين حانة هذه التصريحات والإدعاءات ومانة الواقع المر الذي يعيشه هذا المواطن ليبرهن بنفسه وبدون ان يكون له اي رصيد من العلم والمعرفة على كذب مثل هذه التهريجات التي لا يصنفها إلا ضمن العراك الذي يدور بين حرامي الهوش وحرامي الغنم ، كما يقول المثل العراقي .
وهنا لابد لنا من التساؤل اين يكمن الغباء فعلاً في ظاهرة كهذه ؟ أيكمن في عقل هذا السياسي ، او في عقل المواطن العراقي ؟ إن جولة واحدة بسيطة في اية منطقة شعبية عراقية في بغداد بالذات ، وليس في خارجها حيث المصيبة اعظم ، والحديث مع الناس سواءً على الشارع او الزقاق او في سيارات النقل الكبيرة منها والصغيرة ، وحتى في الستوتة ، ترينا مدى غباء السياسيين العراقيين الذين يتكلمون بهذا المنطق المفلوج الذي لا يؤيده الواقع الذي يعيش فيه السياسي المتكلم نفسه . ولا يجد المرء عند المواطن العراقي مهما كانت بساطته سوى التشخيص الكامل الذي يختصره بجملة ” حجي كلهم حرامية ” . نعم كلكم حرامية حسب تشخيص الشارع العراقي لكم . ولو كان هناك تطبيق عادل لقانون من اين لك هذا لاتضح هذا الأمر بكل جلاء . فإن لم يكن الأمر كذلك فلماذا تلتصقون بمواقعكم هذه ولا تغادرونها إنقاذاً لشرفكم وسمعتكم التي تتلوث يومياً بحيث يزداد تلوثها كلما إقتربت من المراكز العليا في مسؤولية الدولة في السلطتين التنفيذية والتسريعية وكلما طالت المدة التي يأخذها الإلتصاق بهذا الكرسي او ذاك الموقع . وإن لم يكن المتنفذون هم لصوص هذا البلد وسُراق خيراته وهدر امواله وتهريب عملته وتعطيل مشاريع تنميته وازدياد فقر مواطنيه وانعدام الخدمات الضرورية فيه لأبسط مقومات الحياة الحديثة في بلد كالعراق يعج بالخيرات ، إن لم يكن المتنفذون هم المخططون والمنفذون لكل هذه الجرائم بحق الوطن واهله والناشطون باقتناص ملفات الفساد لبعضهم البعض وحفظها في ادراج مكاتبهم عند الحاجة إليها وكأنهم يلعبون الختيلة في مصير هذا لبلد وفي حياة مواطنيه ، إن لم يكن هؤلاء السياسيون هم القائمون بكل ذلك فمن يجرأ على القيام بمثل هذه الجرائم بحق الوطن والمواطن وهو خارج هذين السلطتين ومن غير المرتبطين بهذا السياسي او ذاك من المقاولين ذوي المشاريع الوهمية او من المقربين الآخرين حزبياً او مذهبياً او عائلياً او عشائرياً او مناطقياً ؟
اما النقطة الثانية التي طالما ينفخ السياسيون العراقيون صدورهم بعنجهية كاذبة وثقة زائفة بالنفس حينما يتحدثون عنها فهي مفردة ” التغيير ” الذي يؤكدون دوماً على ضرورة حدوثه للخروج من هذا المأزق الحرج والنفق المظلم الذي قادوا الوطن إليه منذ ان جاء بهم الإحتلال الأمريكي إلى السلطة وحتى يومنا هذا والذي يزداد سوءً يوماً بعد يوم . وهم حينما يؤكدون على ذلك لا ينسون ان يجعلوا من الإنتخابات القادمة وسيلة لهذا التغيير الذي يزعمون بانهم يسعون إليه ، فيضيفون بتبجحهم هذا صفة شنيعة أخرى إلى خصالهم المُخجلة في اللصوصية ليصبحوا من امهر الكذابين ايضاً .
حينما يتكلم سياسيو العراق في السلطتين التنفيذية والتشريعية عن التغيير لا يذكرون لنا تفاصيل وآليات هذا التغيير الذي يضعونه كمفردة عائمة لا تعني شيئاً يدل على محاسبتهم عليه في المستقبل . فهل يعني التغيير في مفهومهم هذا هو زوال الوجوه التي تحكمت بواقع وطننا في السنين العشر ونيف الماضية فاوصلته إلى الحضيض بعد ان وظفت كل ما لديها من دجل ديني ونفاق سياسي وتعصب قومي واصطفاف عشائري وانحياز مناطقي وتناسي مطبق للهوية الوطنية العراقية وتجاهل صفة المواطنة لدى الإنسان العراقي ؟ إن كان هذا هو ما يقصدونه بالتغيير فإن تصرفاتهم في بدء الحملة الإنتخابية وبالذات عند بدء تسجيل الكيانات الإنتخابية لا تدل على ذلك مطلقاً ، أي انهم يكذبون كذباً صريحاً في هذه الحالة . والدليل الواضح على كذبهم هذا هو ان احزاب الإسلام السياسي التي اتى بها الإحتلال الأمريكي إلى السلطة السياسية والقوى الأخرى المختلفة معها في الفكر والمشاركة لها في السلطة وبالتالي في نهب الوطن وسلب خيراته قد غيرت من تكتيكها الإنتخابي لتخوض الإنتخابات على شكل كيانات مستقلة لتتحالف مجدداً بعدئذ مع دفع نفس وجوهها التي قادت مسيرتها السياسية لتتصدر قوائمها الإنتخابية التي ستضم إضافة إلى هؤلاء القادة القدماء أسماءً لإمعات لا حول لها ولا قوة في اي عمل في السلطتين التنفيذية او التشريعية وما عليها إلا النهيق بنعم او لا حسب ما يمليه رئيس السلطة التنفيذية او رئيس الكتلة الإنتخابية . إذن لا مجال عن الحديث حول التغيير في مثل هذه الحالة التي ستعود بها نفس الوجوه لقيادة الحملة الإنتخابية وحتى بنفس المسميات الحزبية او الجبهوية . إن كذبة القناعة بالتغيير والعمل عليه التي يدعي بها ممثلو الأحزاب المتنفذة وطبالوهم لا تصمد امام الواقع المعاش الذي يسعى فيه كل هؤلاء إلى الإستمرار في الحكم حتى بعد الإنتخابات القادمة التي يسعون إلى ان يكون كل منهم هو المتصدر فيها والتي يُسَخرون لها الأموال الطائلة وكل ما مارسوه من دجل ديني وتخلف فكري وعنف مليشياوي وبممارسات لا تختلف كثيراً عن الممارسات والطرق التي سلكوها في الإنتخابات الماضية والتي قبلها .
التغيير الذي يمكن ان يحدث يجب ان تتوفر له بعض الآليات التي تساعد على تحقيقه . وأول هذه الآليات هو إعتراف أحزاب الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني وكل القوى الأخرى التي شاركتها السلطة السياسية في السنين العشر ونيف الماضية بفشلها التام في قيادة العملية السياسية وعجزها عن إيصال العراق إلى مواقع التقدم الحضاري والحياة الإنسانية لمواطنيه . إن القوى المتنفذة في العراق اليوم يجب عليها ان تتبنى الحقيقة ولو لمرة واحدة وتتعامل مع نتائج فشلها في كافة الميادين التي عاثت فيها الخراب والفساد وتنسحب من العملية السياسية تاركة العمل السياسي لمن يجيده من خلال الإلمام بكل ما تحمله العلوم السياسية من افكار وقيم ومبادئ تتعامل مع الحدث من خلال مقومات اللعبة السياسية لا من خلال توظيف ثوابت الدين حيناً والتعصب القومي الشوفيني والعشائري حيناً آخر كما فعلت قوى الإسلام السياسي وشركاؤها في الحكم طيلة السنين العشر الماضية .
اما الآلية الثانية فهي التي يمكن ان تحققها الجماهير الشعبية ذاتها حينما تلفظ هذه الأحزاب الحاكمة اليوم وتقذف إلى مزبلة التاريخ كل وسائلها في الإغراء والوعود والتمويه والكذب وتوظيف الدين وتفضح كل الوسائل التي تلجأ إليها في التزوير وفي الضغط على القوى الديمقراطية والتحشيد ضدها دينياً باعتبارها تمثل الكفر والإلحاد والخروج عن الدين والوقوف بوجه كل وسائل الترويج للعداء ضد الشعارات والبرامج التي تطرحها القوى الديمقراطية المؤمنة بالديمقراطية حقاً والعاملة على تحقيقها بكل تفاصيلها الإنسانية إجتماعياً وثقافياً واقتصادياً ، لا من خلال ممارسة الديمقراطية عبر صناديق الإقتراع فقط . إن القوى الديمقراطية التي تطرح نفسها بديلاً عن قوى الإسلام السياسي ومشاركوه في الفشل الذي يقود وطننا إلى الهاوية ، هي الضمان الوحيد الذي يجب ان تحققه الجماهير في الإنتخابات القادمة وذلك من خلال مشاركتها الواسعة في الإنتخابات لإيصال هذا البديل الديمقراطي إلى مواقع المسؤولية السياسية المؤثرة في مسيرة الوطن المقبلة .
الحرب التي بدأت رحاها تدور الآن بين الأحزاب المتنفذة وأجهزتها الدعائية والمليشياتية تساهم بشكل فعال بانتعاش الإرهاب ومنظماته وخلاياه المنتشرة في وطننا والتي اصبحت تملك زمام المبادرة في تخطيط وتنفيذ العمليات الإرهابية التي لا تطال هؤلاء المعتصمين بقصورهم والمحميين بحراساتهم والذين لا يشغلهم التفتيش عن الغاز او النفط ولا علم لهم كم هو سعر الكيلو من الخضروات او السكر او اللحم . إن الشعب العراقي وجماهيره الكادحة التي ترهقها ساعات الوصول إلى موقع العمل قبل ان يتعبها العمل نفسه والتي تحتم عليها ظروف التدهور السياسي والإنفلات الأمني والركض وراء الإحتياجات اليومية ان تتواجد على اشكال كتل بشرية سواءً في الأسواق او في الشوارع حيث تتعرض إلى الهجمات الإرهابية المقيتة التي حصدت الآلاف من بنات وابناء شعبنا في الأشهر القليلة الماضية .
لا نطلب من هؤلاء السياسين الفاشلين ان يلتفتوا إلى الوطن الجريح المستباح لانهم بعيدون حتى بافكارهم عن هذا الوطن وما عليهم إلا ان يغتنموا فرصة وجودهم في مراكز السلطة وبالتالي في مواقع النهب والسلب واللصوصية ليغنموا ما يقع تحت ايديهم وليتركوا العراق بعدئذ في مهب العاصفة التي يتركونها وراءهم وكما قال احدهم بأن كل منهم يضع جوازات السفر الأجنبية والدبلوماسية له ولعائلته أمامه منتظراً سباق الأرانب في الهزيمة من هذا الوطن الذي نخروا في اعماق عظامه . لا لن نطلب ذلك منهم فهم في واد والوطن والمواطنة في واد آخر . إن كل ما نطلبه منهم هو ان يرحلوا إلى غير رجعة وغير مأسوف عليهم .