كنتُ أمنّي النّفسَ وأنا أستمع الى المتحدثين في مساحة حوارية تتعلّق بالشأن العراقي خصوصا العنوان هو التحديّات وآفاق المستقبل ، ودّدتُ أن يكون الحضور عراقي بامتياز إلّا أنه كان فقيرا ، شحيحا في الحضور وطرح الرؤية المستقبلية خصوصا أن هكذا مساحات حوارية تُسجّل وبامكان من فاتته مراجعتها والاستماع الى مايُطرح من أفكار قد تعطي للمتلقي العراقي بصيصا من أمل مفقود في ظل الوضع الداخلي. للأسف هناك إفتقار حقيقي لطرح مايمكن أن يكون ضمن قراءة واقعية تستند على خلفية تاريخية تُمهّد الطريق الى طرح مشروع استراتيجي نعم إستراتيجي جامع بين المصلحة الوطنية للعراق والمصالح المتبادلة إقليميا ودوليا. العاملين الاقليمي والدولي ينتظران ظهور قيادة وطنيّة تُبنى عليها التوقعات الايجابية والتواصل المثمر لشراكة تمتد الى مئة عام قادمة تبدأ عقارب توقيتها منذ لحظة الولادة وأعني ولادة القيادة مع مشروعها الوطني. هذا من أهم التحديّات في الملف العراقي.لذلك قلتُ في المساحة الحوارية لموقع البيت الأبيض بالعربي من واشنطن أننا نفتقر الى البديل الوطني مع مشكلة أخرى هي العلاقات الأمريكية العراقية في هذه النقطة الجوهرية سأتطرق اليها الآن رغم أني لم أشر اليها. إدارة باراك أوباما كانت متوافقة في أفعالها ونتائجها مع السياسة الايرانية في العراق ومازالت تقود ذات الازدواجية في الادارة الحالية لجون بايدن الذي كان حينها نائبا للرئيس اوباما. الى ماذا تسعى إدارة الحزب الديمقراطي في علاقاتها مع العراق؟ سياسة الاحتواء مثلاً لِلَجم المليشيات الولائية لولي الفقيه مع ضربات وقائية ، رادعة ، مُنذرة في التصعيد الى حد تصفية قيادات المليشيات وتقوية حكومة توافقية بين ايران والولايات المتحدة على غرار الحكومة الحالية والسابقة؟ هل هذا هو الحل لتحجيم الخطر الايراني المهدد للمصالح الحيوية للولايات المتحدة وحلفائها؟ الحقيقة أنا شخصيا لايهمني هذا الموضوع طالما مصالحنا الوطنية غير معترف بها فالعملية السياسية عبارة عن مختبر للتجارب الايرانية على العراقيين كقيادات مُستنسخة وفق المواصفات الايرانية – الأمريكية تتخفّى خلف قناع الديمقراطية وصناديق الانتخابات وفي نفس الوقت تحرك أذرعها المليشياوية سواء تحت عناوين كتائب حزب الله ، العصائب او أسماء جديدة تبتّز دولا اقليمية لاتتماشى ساساتها مع السياسة الايرانية بقيادة المنطقة. لو أخذنا بعض النماذج مثلا حركة أنصار الله ماذا تفعل بعض وفوده الى العراق وزيارة مدينة السماوة التي تلتقي حدودها الجنوبية مع أراضي المملكة العربية السعودية؟ حكومة محمد شياع السوداني الذي ينحدر من خلفية حزب الدعوة الاسلامية ( محور المقاومة الولائية ) هل يمكن أن يكون لها موقف محاسبة التجاوزات على مفهوم السيادة الوطنية والأمن الاقليمي المشترك؟ طبعا لا ومن الغباء تصديق تصريحات حكومة السوداني. إضافة الى استقبال عوائل حزب الله اللبناني او عناصره إن صدقت المعلومات والذي ستكون له أبعاد مستقبلية. لهذا نحن طرحنا وضمن رؤيتنا لآفاق المستقبل مؤتمر الحوار الوطني الذي وضعنا له آليات تبدّد مخاوف الفشل أسوة بمن سبقته من مؤتمرات في عواصم عدّة. فك ارتباط العراق من المحور الايراني لن يتم الا بتغيير العملية السياسية الحالية بكل القيادات المتورطة في ملفات انتهاكات حقوق الانسان والفساد المالي والتنسيق مع دول اجنبية مثل إيران.المرحلة الحالية وموقف إدارة المرشّح الجمهوري دونالد ترامب هي من أهم التحديّات في ملف العراق أيضا. إذا كنّا قد شهدنا في إدارته الأولى للبيت الابيض تصفية قائد الحرس الثوري الايراني فيُفترض في رأيي الشخصي أن نكون ضمن مرحلة تنفيذ مشروعنا الوطني وهو انهاء العملية السياسية في العراق لاضعاف النظام الايراني وتهيئة الأجواء المحلية الايرانية والدولية لتغيير سياسي داخل إيران. خلاف ذلك ستستجد تحديات جديدة وساعتها لن ينفعنا الندم على ضياع الفرصة التاريخية الآن.مرة أخرى لابد للعراقيين في الخارج التحرّك الجاد والفاعل لتوحيد الجهود والاستعداد لما هو قادم ، نحنُ لها فهل غيرنا كذلك؟ أشك رغم روح الأمل.