22 ديسمبر، 2024 8:14 م

ماهية ويكيليكس ومهمته بين التوثيق والفضح وخلق ردة الفعل !!!

ماهية ويكيليكس ومهمته بين التوثيق والفضح وخلق ردة الفعل !!!

من يتصفح القاعدة المعلوماتية على الانترنيت سيجد المزيد من التفاصيل الخاصة ب ” ويكيليس ” والتي تطفئ الظمأ المعرفي للقارئ في الحصول على المعلومات حولها. ومن ابرز هذه المعلومات المتوفرة هي: تاريخ نشأتها, وتنظيمها الإداري, وبدايات تسريبها للمعلومات, وأمكنة إقامتها الالكترونية, ومشكلات التمويل لديها, وشرعيتها القانونية, وطريقة العمل الفني لديها من خلال التعرف على خوادمها, والتحقق من البيانات لديها وكذلك احتمالات الملاحقات القانونية لها !!!.

ومن المعلومات المتاحة حول ” ويكيليس ” إنها منظمة دولية غير ربحية تنشر تقارير وسائل الإعلام الخاصة والسرية من مصادر صحفية وتسريبات إخبارية مجهولة. بدأ موقع ويكيليس على الانترنيت سنة 2006 تحت مسمى منظمة من شاين الصحفية, وادعت بوجود قاعدة بيانات لأكثر من 12 مليون وثيقة خلال سنة من ظهورها. وتصف ويكيليكس مؤسسيها بأنهم مزيج من المنشقين الصينيين والصحفيين والرياضيين وتقنيون مبتدئون لشركات عاملة في الولايات المتحدة وتايوان وأوربا واستراليا وجنوب أفريقيا. ومديرها جوليان اسانج وهو ناشط انترنيت استرالي. انطلق الموقع كويكي للتحرير, ولكنه انتقل تدريجيا نحو نموذج نشر أكثر تقليدية ولم يعد يقبل بتعليقات المستخدمين أو كتاباتهم.

في أبريل 2010 أنزلت ويكيلكس على موقع انترنيت يسمى ” كولاتيرال موردير ” مشهد فيديو عن ضربة الطائرة في 2007 التي قتلت فيها قوات أمريكية مجموعة من المدنيين العراقيين والصحفيين. وبعدها في يوليو سربت ويكيلكس يوميات الحرب الأفغانية, وهي مجموعة لأكثر 76900 وثيقة حول الحرب في أفغانستان لم تكن متاحة للمراجعة العامة من قبل. ثم سربت في أكتوبر 2010 مجموعة من 400000 وثيقة فيما يسمى سجلات حرب العراق بالتنسيق مع المؤسسات الإعلامية التجارية الكبرى, حيث سمحت تلك بإعطاء فكرة عن كل وفاة داخل العراق وعلى الحدود مع إيران. وفي نوفمبر 2010 بدأت ويكيلكس بالإفراج عن برقيات الدبلوماسية للخارجية الأمريكية.

وتلقت ويكيليكس الثناء والانتقادات على حد سواء. وفازت بعدد من الجوائز بما في ذلك جائزة الايكونومست في وسائل الإعلام الجديدة في 2008, وجائزة منظمة العفو الدولية لوسائل الإعلام البريطانية في 2009 . وفي عام 2010 وضعت الديلي نيوز النيويوركية ويكيليكس الأولى من بين المواقع التي يمكن أن تغير الأخبار بالكامل, وقد سمي جوليان اسانج كأحد اختيارات القراء لشخصية 2010. وذكر مكتب مفوض المعلومات في المملكة المتحدة بأن ” الويكيليكس هو جزء من ظاهرة على الانترنيت لها سلطة المواطن “. وفي أول الأيام ظهرت عريضة انترنيت مطالبة بوقف ترهيب الويكيليكس خارج نطاق القضاء وقد استقطب أكثر من ستمائة ألف توقيع. وأثنى مؤيدو ويكيليكس في الأوساط الأكاديمية والإعلامية بتعريضها أسرار الدولة والشركات مطالبين بزيادة الشفافية ودعم حرية الصحافة وتعزيز الخطاب الديمقراطي وهو ما يمثل تحديات للمؤسسات القوية. ومن الضروري الإشارة هنا وحسب مصادر الإعلام بان ويكليكس قد يرشح بقوة لنيل جائزة نوبل العالمية !!!.

وفي الوقت نفسه انتقد عدد من المسئولين الأمريكيين الويكيليكس لتعريضها معلومات سرية تضر بالأمن القومي وفضح الدبلوماسية الدولية. وطلبت عدة منظمات لحقوق الإنسان من الويكيليكس بإعادة صياغة نشرات الوثائق المسربة للمحافظة

على المدنيين الذين يعملون مع القوات الدولية وذلك للحيلولة دون حدوث أي تداعيات. وبالمثل فقد انتقد بعض الصحافيين ضعف الإدراك لحرية التحرير عند الإفراج عن آلاف الوثائق في آن واحد بدون تحليل كافي. وأعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في ردها على لعض ردود الفعل السلبية عن قلقها إزاء ” حروب الانترنيت ” ضد وكيكيليكس, وفي بيان مشترك م منظمة البلدان الأمريكية طالب المقرر الخاص للأمم المتحد الدول والجهات الفاعلة الأخرى بوضع المحافظة على المبادئ القانونية الدولية بعين الاعتبار.

وما يجب تأكيده هنا أن هناك إجماع على نزاهة ويكيليكس, فلم ترد أي معلومات مؤكدة تشير إلى عبث ويكليكس بالوثائق المنشورة أو تزوير لوثائق نشرت منه, والخلاف مع ويكليكس حول هل يجوز أو لا يجوز النشر في عالم الدبلوماسية الملبدة بالغيوم, وما يجب نشره أو حجبه عن النشر. ويكليكس هنا لا تعتد بالصيانة التقليدية والحفاظ على المعلومات, حتى وان كانت ضاره, فهي مؤسسة مراقبة خارج إطار الحكومات وكواليس الصفقات السياسة, وبالتالي لا يوجد عندها ما يستحق إخفاءه, وخاصة عندما يتعلق الأمر بالسلم والديمقراطية ونبذ قيم الاضطهاد والتدخل في شؤون البلدان !!!.

ومن هنا جاءت الصفعة القوية لنظام المملكة العربية السعودية بقيام ويكليكس بتسريب أكثر من 70000 وثيقة والتي نشرها في 19 يونيو/ حزيران, وسيتبعها أكثر من نصف مليون وثيقة قادمة. والوثائق المسربة تمثل مراسلات بين وزارة الخارجية السعودية وسفاراتها في الدول العربية والإسلامية وغيرها من دول العالم, وقد تمحورت هذه المراسلات حول النقاط الآتية:

ـ كيفية تنفيذ الرياض لسياساتها في ملفات إقليمية ودولية عبر استخدام الأموال والعامل الديني.

ـ تمويل السعودية لوسائل إعلام عربية بغية محاربة خصوم المملكة في لبنان ومصر, وفي مواجهة إيران, حسب الوثائق.

ـ دفع مبالغ نقدية لأحزاب وشخصيات سياسية في دول عدة بهدف تنفيذ سياسة المملكة.

وتضمنت التسريبات تقارير مصنفه تحت بند ” سري للغاية” من مؤسسات سعودية, منها وزارة الداخلية والاستخبارات العامة, بالإضافة إلى توجيه شخصيات مؤثرة في عدد من الدول. وقال مؤسس ويكيليكس, جوليان أسانج, إن برقيات السعودية تميط اللثام عن نظام دكتاتوري لم يحتفل فقط بإعدام 100 شخص هذا العام, بل أصبح يشكل تهديدا لنفسه وجيرانه.

ويقول موقع ويكيليكس بأن الوثائق التي بدأ بنشرها تبين أيضا البيروقراطية والمركزية الشديدة التي تدار بها المملكة العربية السعودية. كما أكد ويكيليكس انه بصرف النظر عن السجل الشائن للمملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان فأنها لا تزال الحليف الأول للولايات المتحدة والمملكة البريطانية, وذلك يعود إلى امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في العالم !!!.

التفاصيل في الدور السعودي التخريبي للعلاقات العربية والإسلامية محتواة بشكل واضح في وثائق ويكيليكس, والقادم أسوء. ومن هنا وبعيدا عن التفصيلات المملة للقارئ, فقد تجسد الدور السعودي في العراق بمساندة الإرهاب علنا, تحت مبرر المد الشيعي, وقد تجسد ذلك في أمداد التنظيمات الإرهابية بما فيها داعش بالمقاتلين والوقود البشري اللازم لديمومة

القتل والسبي وانتهاك الأعراض وقطع الرؤوس. وهناك كم هائل من المراسلات بين قيادات الإسلام السياسي السني بما فيها القابعة في البرلمان العراقي ورئاسة الجمهورية للاستعانة بالدور والمال السعودي للتدخل في الشأن العراقي وتخريبه !!!.

الدور التخريبي السعودي في مصر ولبنان وسوريا واليمن حاضر و ليست بجديد عبر التحالف القطري والسعودي والتركي لفرض أجندة الإسلام السياسي المتطرف والمتهور والمتمثلة بقوى الإرهاب الاسلاموي بقيادة داعش. رسائل ويكليكس قد لا تأتي بجديد سوى أنها تفضح بالمكتوب الموثق عن الدور السعودي والقطري والتركي في تخريب الربيع العربي بقوة السلاح والترهيب وفرض بدائل الرذيلة والتخلف في ليبيا ومحاولاتها في مصر وتونس والعراق وسوريا واليمن. فالنظام السعودي ـ القطري بتحالفاته هو نظام شاذ جنسي ـ سياسي تعاني منه العائلة المالكة عبر عقود, وتلك إفرازاته في السياسة !!!.

الدور السعودي في الصحافة العربية ومتابعتها وتصنيفها إلى معادية للمملكة أو صديقة هو دور أشارت له الويكيليكس بوضوح, فالتقسيم يجب أن يكون بين صحافة عميلة للمملكة وصحافة حرة مستقلة, فالمال السعودي الحرام تتخم به الصحافة العربية الصفراء. ومن يطالع على رسائل ويكيليكس سيجد بالأسماء, من هي الصحف والمواقع العميلة لآل سعود, ومن هي المحايدة أو المعادية !!!.

الأحداث هنا تذكرنا أيضا بالدور الإيراني وتدخلاته في العراق وفرض أجندة طائفية, وهو ما يذكرنا بما أصدره الويكليكس في 2010 والذي لا يزال ساري المفعول, فالتدخلات الإيرانية في الشأن العراقي واضحة وضوح الشمس, سواء في ميادين الصراع ضد داعش, أم التدخل في أدق التفاصيل, بما فيه الانتخابات البرلمانية, والمحاولة في فرض أجندة مغايرة للسياقات الطبيعية. فالنشاط الإيراني ألمخابراتي وعبر حلفائه من الأحزاب الموالية يشكل حجر الزاوية في الصراع ضد الإرهاب, إلا أن لبوسته الطائفية قد لا تقتطف ثماره أبدا !!!.

وعلى العموم فأن تسريبات ويكليكس تشكل عمودا فقريا في توثيق الصراع وأجندته بين أطراف الصراع الرئيسية, وهو يعبر عن مرحلة خطرة من الصراع ذو طابع اثني ديني طائفي لا تكتفي مداياته بحدود مناطق الصراع العربية ـ المذهبية, بل قد يمتد حريقه إلى مناطق اسيوافريقية, والسعودية هنا بمالها ونفطها هي حارس لديمومة الإرهاب على الصعيد الإقليمي والعالمي. لقد استجابت السعودية لفضائحها منفعلة بشدة لمحتويات التسريب, محذرة مواطنيها من الاطلاع على صفحات ألنت بذريعة تلفيق وتزوير الوثائق, مؤكدة إنها عمليات سطو على القاعدة المعلوماتية للخارجية السعودية جرت في وقت سابق !!!!.