18 ديسمبر، 2024 8:36 م

مانيفستو العلمانية في بابل مع علي وجيه واحمد الحسيني وحيدر البدري

مانيفستو العلمانية في بابل مع علي وجيه واحمد الحسيني وحيدر البدري

استضاف مطعم برج بابل في مول بي دي سي الذي يقع في مدينة الحلة في محافظة بابل العراقية, حوارا حول العلمانية قد يكون الاول من نوعه من حيث كون المتحاورين شباب متحمس للتغيير الذي جرى في انتخابات 2018م البرلمانية في العراق, وكنت احد الحاضرين لأشهد هذه الجرأة المحمودة في طرح علاقة العلمانية بالإسلام السياسي وإسقاطاتهما معا على الوضع السياسي قريبا في نتائج انتخابات مجالس المحافظات العراقية قريبا, فقد يكون هذا الحوار مدخلا موضوعيا انطلاقا من طبيعة الجدل الفكري الذي رافق انتخابات البرلمان وصولا الى قمة صراع تتضح معه ملامح المشهد ثقافيا على اقل تقدير, فكان الحوار متزامنا مع مظاهرات مطالبة بالخدمات وأهمها الكهرباء, ولعل توماس اديسون مخترعها او مكتشفها حيث يختلف الوصف أحيانا, يتحفنا بمقولة منسوبة اليه مفادها لا يجب أبدا إضاعة الوقت في اختراع أشياء لن يشتريها الناس.

يستطيع العلماني العراقي أن يعرف عن نفسه بكل رحابة صدر الدستور والدولة والحكومة والبرلمان والأحزاب وأخيرا الشعب, فمن هو هذا العلماني العراقي الذي يريد هذا الحق ويراه الطريق الوحيد لإصلاح الوضع الراهن سياسيا ثم اقتصاديا وبالتالي اجتماعيا ؟, فلو كان لديه حزب لأصبح ضمن منظومة الخلل الحاكمة افتراضا, ولو كان مستقلا لأصبح ضمن منظومة المعارض لخلل الحكم, وبما إن الحكم للشعب ديمقراطيا فهو بالضرورة يعارض الشعب وخياراته في اختيار من يحكمه, وبكونه جزء من هذا الشعب ومساهم في اختيار الحكم, فهو بالتالي منافس سياسي, دونما الحاجة إلى تصنيفه متحزبا او مستقلا, فهو مصنف فكريا بما ان الحكم كان منذ 2003 م تحت خيمة الإسلام السياسي, اذن لا ضير من أن يجاهر بكونه منافس على الحكم, وان له الحق في تجربته بعدما قدم مبرراته وعلى رأسها فشل الإسلام السياسي في الحكم.

الا ان اغرب ما قد يطالب به هذا الفكر المنافس على الحكم هو ان يحكم, وهو يعلم ان الشعب مصدرا للحكومة في النظام الديمقراطي, وان الطريق للحكم ليس بطلب حكم الشعب, بل طلب الحكم من الشعب, وهنا عليه ان يقنع الشعب ان ينتخبه, وهنا أيضا ينبغي أن يعرف عن نفسه بوضوح بكونه علمانيا وبكونه وهذا الاهم جزءا من الشعب, بالتالي لو كان الشعب تقبل هذا الجزء ليحكمه كان بها, ولو لم يتقبله فعلى العلماني مراجعة آلياته التي انتهجها للوصول الى قناعة الشعب به, فهل قدم حلولا لمشاكل تسبب بها ما يسميه الإسلام السياسي ؟, لا ننسى طبعا ان العلماني كان جزءا من الشعب والحكومة في آن واحد إبان حكم ما يسميه الإسلام السياسي, فهل كل ما يميز هذا الجديد بأنه ليس قديما ؟, بصفته لم يكن حاكما كما يقدم, ان ما يعنيه هذا التقديم هو في الاساس الاعتماد على الاختلاف في الفكر الذي لو لم يكن مختلفا مع ما سبقه لما تميز بكونه جديد, ولأجل استثمار رغبة الشعب انتخابيا في تغيير الوجوه, قد يكون الاعتماد على مخالفة من سبق فكرا وشكلا طريقا للحكم فعلا, لكن الاهم من الحكم هو الكيفية التي يختلف بها هذا عن ذاك, واغرب ما قد يصل بنا التفكير في شكل الحكم العلماني اليه, هو ان نظام الحكم بدستوره وقوانينه علمانية صرفة, فكون ما يسميها العلماني تجربة فاشلة في الحكم من قبل الاسلام السياسي كانت بنظام حكم علماني لا يعني غير فخ سياسي قد يقع فيه الشعب انتخابيا, لان النظام الذي تختلف فيه طريقة خدمة الشعب لو تسلم الحكم علمانيا او اسلاميا او كلاهما معا كما كان فعليا طوال 15 عاما, لا يمكن ان يقال عنه نظاما !.

قد تكون هذه اهم نقطة قد يعتاش عليها كل الاطراف فقط في لعبة تغيير الادوار, اما ان يكون نظاما يخدم الشعب ولا يتفاوت في اداءه خادم الشعب مهما كان فكره فالنظام نظاما بحق, ولا يمكن بأي حال ان يكون لنظام الحكم الديمقراطي المستند على ارادة الشعب من اخطاء الا لو كان الشعب هو بذاته قد اتجه للخيار الخطأ, فالحاسب الآلي لا يعطيك نتيجة خطأ بل أنت مسئول عن الخطأ مقارنة بما يجب عليه ان يكون النظام, بعيدا كل البعد عن فكر من يحكمك بالحاسب الآلي أي سواء أكان علمانيا او ما يسميه العلماني الإسلامي السياسي, وقد يكون هذا هو الحد الفاصل لانتخابات مجالس المحافظات القادمة, فعضو مجلس المحافظة قريب من تنفيذ خدمة مباشرة للشعب أكثر من المشرع البرلماني, انتخب نظاما لا شخصا أي انتخب من تراه أفضل المدرسين لو كنت ترى مشكلة في التعليم وأفضل المهندسين لو كنت ترى مشكلة في البناء وهكذا, أما أن لا يكون لديك خيار غير انتخاب من ترى فكره مختلفا عن فكر من حكم سابقا فأنت في حاجة لان تفكر جديا في الخروج بمظاهرة لتغيير الدستور, بالتالي لن يضرك من يحكمك فهنالك حاسب الي يضمن لك القسمة العادلة دون أي شك سواء حكمك علمانيا او إسلاميا سياسيا, وأمامك تجارب الدول التي تختنق سفاراتها من كثرة طلبات اللجوء اليها من شعوب العالم الحالم بالنظام.