23 ديسمبر، 2024 4:13 م

مامش بمامش وللمامش

مامش بمامش وللمامش

مازلنا مستمرين للاسبوع الثاني على التواني فيما اسميناه عبر مقالين سابقين هنا في “المشرق” بنظرية الاسف والتاسف والمؤاسفة. وسبق ان قلنا اننا سوف نستمر في محور الاسف والتاسف هذا الى ان “ينكطع النفس”و “مامش بمامش وللماش” كما  يقول مظفر النواب بحنجرة ياس خضر حيث لاميزان عدل قبل الذهب “يغش ونحبه”. ومحور الاسف والتاسف والمؤاسفة التي لاوجود لها في لسان العرب والاكراد والتركمان والصابئة والشبك واليزيديين في سياق هذا المقال هو ما حصلت عليه من معلومات عبر ندوة اقتصادية اقامها هذا الاسبوع مركز “انهيدوانا” في مقر الدكتور احمد الجلبي . موضوع الندوة كان عن الفساد في العراق بين التشخيص واليات المعالجة. قدمت خلال الندوة ورقتان  احدهما للدكتور ماجد الصوري والاخرى للدكتور مظهر محمد صالح نائب المحافظ البنك المركزي السابق الذي لايزال ينتظر محاكمة تبدو في نظر مؤيديه سياسية بعد ان قضى عدة شهور في السجن.
اما رئيس هيئة النزاهة السابق القاضي رحيم العكيلي فقد بعث للندوة بورقة وزعت على الحاضرين وحملت عنوان “ارادة سياسية مخلصة هي الشرط الوحيد لمعالجة الفساد”. المفارقة اللافتة للنظر في ما يجري عندنا انه في الوقت الذي يرسم فيه رجال الاقتصاد صورة قاتمة وبالارقام لواقع الحال فان رجال السياسة غالبا ما يرسمون صورة وردية. اما المواطن فيظل حائرا بين اللونين القاتم والوردي.  العكيلي يقول في ورقته مايلي “نحن دولة تهيم في حب الفساد , يقودها الفساد, هدفها الفساد, قيمتها فاسدة, ادارتها فسادة, احزابها فاسدة, استراتيجيتها فاسدة”.
الدكتور ماجد الصوري يقول في مداخلته لاتوجد اية استراتيجية لا فاسدة ولا نزيهة , لا صالحة ولا طالحة .. ولا بطيخ. وله في ذلك ماخذ كثيرة على ما حصل بعد 2003 حيث  لم يجري ربط الموازنة بخطط التنمية الاقتصادية ولم تتم  اعادة هيكلة مؤسسات الدولة ولم توضع اية برامج حقيقية لمعالجة ازمات الفقر والسكن والبطالة. وبالارقام فان عدد الموظفين والمتعاقدين في العراق نحو اربعة ونصف مليون موظف ومتقاعد وبذلك فقد اصبحنا “دولة موظفين”. جميعنا حكاما ومحكومين “ناكل ونوصوص” لكن كل منا “يوصوص” على “كد فلوسه”. ومن بين اهم ما قاله الصوري طبقا للارقام والاحصائيات ان متوسط عمل الموظف في الدولة هو 17 دقيقة في اليوم الواحد. اما الدكتور مظهر محمد صالح فقد “ذبحها على قبلة” حين صنف الفساد في العراق بانه من النوع “النظمي” أي الذي  لا علاج له. اما الجلبي فقد كشف معلومات خطيرة لم يعد متسعا لذكرها ولكنه ختمها بالقول في حال بقيت السياسة الاقتصادية على حالها فلن تتمكن الدولة من دفع الرواتب بعد عشر سنين. ومامش بمامش وللمامش يميزان “التنك” تغش واحبك.