قال الامام علي (ع )لمالك ابن الاشتر (أن الناس صنفان اما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق(كان ذلك شعاري في سفري وترحالي ,فا لدورات التدريبية التي تقيمها الوزارات والمؤسسات بعد سقوط النظام في إرسال موظفيها للدول التي لها باع طويل وقطعت اشواط طويلة في مجال بناء دولة المؤسسات،وذلك بهدف للاطلاع على التجربة العملية والعلمية لعملها،فضلاً عن زيادة القدرات والمهارت لدى الموظف والتي تعطيه دعماً ورؤية اكثر وإدراكا في العمل المناط به،وكذلك للاطلاع على حضارة وثقافة الدولة المعنية مما يشكل تلاقحاً بالرؤى ووجهات النظر بين الشعوب ،فهي خطوة رائعة من قبل كل وزارة لتعطي انطباع لدى موظفيها الإيفاد ليس حصراً على موظف دون اخر،فكانت رحلتي مع زملائي الى دولة ماليزيا ، فتحادثت مع نفسي لماذا لا تكون دولة أخرى أكثر تقدماً في مجالات بناء الدولة،وعند وصولنا وهبوط الطائرة على ارض المطار والنزول،وجدنا عالم مختلف جذرياً على ارض الواقع،فالمطار بناؤه اسوة بالمطارات العالمية المتقدمة وكأنه مدينة واسعة،فهنالك المترو الذي ينقلك لأي مكان داخله ولا تحتاج للمشي على الأقدام فكل شيء متوفروسهل،بعدها ذهبنا للعاصمة لكوالالمبور والتي تقع ضمن ولاية سيلانجور ،حيث لم تكن عاصمة مبتدئة اوفتية لن ابالغ اذا قلت انها اجمل من بكثير من عواصم دول اوربا،وكان مبيتنا في أحدى فنادقها والمحاضرات هي في نفس قاعات الفندق،فالبلد متعدد الثقافات وذلك راجع لتعدد الجنسيات .
وتعتبر ماليزيا دولة متعددة الأديان،ويعتبر الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة،ومع ذلك فإن معتنقي الأديان الأخرى من البوذيين والهندوسيين والمسيحيين والسيخ يمارسون أديانهم بحرية ،يعتبر الملاويين هم السكان الأصليين لماليزيا،أما بقية السكان فهم عبارة عن مهاجرين من الصين والهند وإندونيسيا ومن بقية أنحاء العالم.
كذلك أدت فترة الاحتلال البرتغالي ثم الهولندي ثم البريطاني على التوالي إلى انصهار تلك الأعراق المختلفة واتحادها.
وبدأ انتشار الإسلام في ماليزيا في بداية القرن الثالث عشر نتيجة للتزاوج بين العرب والملايو، خاصة في المدن الساحلية الكبرى شمال سومطرة .
فقد نظم المتعهد المسئول عن السياحة سفرة الى المعبد الهندي ،وقد وجدت هنالك تمثالاً كبير شاهق جداً يطلق عيه اسم (مرجان ) وهم يتعبدون عنده ويأخذون منه البركة ،انها ثقافة دينهم ونحن نحترمها بدون اي شك، ومن محاسن الصدف انني التقيت بكبير الرهبان الذي هو مسئول عن المعبد وتحدثت معه عن ديانتهم والأديان الاخرى فقال لي مهما اختلفنا في الدين والعقيدة والمعتقد ،فحب الوطن اسمى من كل شيء،جوابه مؤثر جداً في نفسي ،وبعدها اردت ان التقط صورة معه للتذكار فاعتذرمني بكل أدب،وقال لي اني وضعي كراهب لايسمح لي بأخذ الصور مع اي احد وشاهدت القردة تقفز يميناً وشمالاً على آلهتهم وهم يفتخرون بهذا،بعدها كانت المحطة الأخرى المعبد الصيني حيث تماثيل التنين والأفعى ،والترحيب بنا أجمل الترحيب،لكنني رايت حادثة لايمكن نسيانها وهي ان الذي يتزوج ياتي للمعبد مع (عروسته) للزيارة والتبرك منه،ماأريد أثارته هوخلال رحلتنا لم اجد مشكلة في التعايش في هذا البلد فتنوع الدين لايشكل عقبة امام النهوض والرقي لديهم ،فناطحات السحاب منتشرة في كل مكان،وحالة من الجمع بين الأصالة و التقدم العلمي و الحضاري،فالجيمع يحترم كل منهم دين الاخر،ولايقدح اي منهم الاخر،فهذه التناقضات والاختلافات تشكل لهم وطناً خلاقاً ومبدعاً،فالقانون فوق كل شيء ولا يسمح لأحد باختراقه، وأتساءل ماهو الدافع الحقيقي والسر وراء هذه النهضة التي شملت كافة مرافق الحياة وصولاً للحياة المدنية ؟
الجواب يكمن هو في الشعور للانتماء للوطن والارتقاء بثقافة المواطن اتجاه دولته ، فالحكومات تمضي والوزراء والمدراء يذهبون ويستبدلون بآخرين، لكن ترسيخ ثقافة الحب والتعايش السلمي وحماية النسيج الاجتماعي ،في نفوس ابناء البلد الواحد هو الوتد الذي يبنى عليه البيت،ومن ثم الشروع بالعمل لتحقيق النجاح ،فمن متى كان القتل على الهوية هو عنوان الاخر، فالفرد العراقي رغم المعوقات التي ألمت به ،لايتردد في الدفاع عن آخيه والحفاظ على حرمته ، فكيف بين ليلة وضحاها حدث ماحدث من قتلاً وترويع وتشويه لصورة الانسان،بدون شك أنها العوامل الخارجية والأجندات ،ودول الجوار التي لاتزال تلعب بين الحين والاخر على وتر الطائفية،فالجميع انكوا بنارها،وبات الأمر واضح للعيان انها مؤامرة لارجاع العراق للمربع وللمستطيل وكل الاشكال الحقيرة التي توقف عقارب الساعة ,فقد ولا وبدون رجعة زمن الدكتاتورية وتكميم الأفواه ،وقطع الألسن،وانهار القائد الضرورة مع ضرورته المتعطشة للدماء والإقصاء ، اليوم عصر الحوار وتقبل الاخر والانفتاح،فالاختلاف من اجل شيء يستحق الاختلاف نجد له الحل التوافقي والمناسب لامن اجل ان نكون مختلفين .