بعد انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق وكتلته الاشتراكية من جهة والولايات المتحدة الامريكية وكتلتها الغربية من جهة اخرى والتي انتهت بتفتت الاتحاد السوفيتي وكتلته وتحولها الى دويلات مبعثرة هنا وهناك دانت السيطرة في العالم للقطب الغربي بزعامة امريكا وحلفائها بعد انتهاء هذه الحرب برز المارد الغربي باقوى صوره وبدا يفرض اسلوبه في ادارة العالم اجمع من خلال القوة الاقتصادية الكبيرة التي يمتلكها وكذلك القوة العسكرية الهائلة والمقدرة على تعبئة حلفائه في مواجهة اي خطر ممكن ان يتعرضوا له ومن اي جهة كانت ,بعد هذه التطورات ونتائجها الكارثية على العالم برز قطب اخر من رحم المعسكرين الغربي والشرقي وهو قطب اقتصادي قوي جدا لايمكن مواجهته اقتصاديا وبالطرق التقليدية المتعارف عليها الا وهو (الاتحاد الاوربي )الذي اضطر ان يتعامل مع الواقع السياسي العالمي الجديد بواقعية وجدية فالتزم الصمت حيال معظم القرارات والاتفاقيات الجديدة التي قامت بها الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها سواء على الصعيد الفردي او من خلال منظمة الامم المتحدة وهيئاتها المتعددة كذلك لجا الى التخلص من البيعبع الاقتصادي فقام عام 2000 بالغاء التعامل داخل دول الاتجاد الاوربي بعملة الدولار الامريكي واصدر عملة جديدة سماها باليورو اخذت تنافس بجدية العملة الامريكية بل وتفوقت عليها اغلب الاحيان ,ثم بدا الاتحاد الاوربي بغزو العالم اقتصاديا من خلال توسعة اسواقه العالمية وطرحه لمنتجاته وموادة التجارية في معظم بلدان العالم وهي مواد وبضائع غاية في الجودة والنجاخ وهذا بطبيعة الحال اثر اقتصاديا على المنتوج الامريكي وسوقه العالمية ,كذلك عمد الاتحاد الاوربي الى عقد اتفاقيات اقتصادية وعسكرية مع دول العالم وباسلوب مهني حضاري يعتمد على الاحترام المتبادل بين الدول مما زاد بثقة دول العالم به والتوجه اليه وبالاخص من الدول الاقل قوة اقتصادية منه ,وهذا وغيره اثر على المعسكر الغربي وتحالفاته مما اشعرهم بالخطر المحدق بهم فيما لو استمر النهج كما هو لذلك عمدت الولايات المتحدة الامريكية الى استحداث اسلوب جديد في التعامل مع هذا الخطر القادم ,فكان ان حركت كل امكانياتها لاجل هذا الامر فالمعروف عن الحلف الغربي انه يمتلك اماكن تواجد جيدة في العالم ففي قارة اسيا هو موجود في كوريا الجنوبية واليابان والمحيط الهاديء والمحيط الهندي وكمذلك في بعض محميات الخليج كالكويت واسعودية وقطر وفي اوربا هو موجود في المانيا وايطاليا واغلب دول حلف شمال الاطلسي (الناتو) ايضا متواجد في افريقيا في كثير من دولها وكذلك موجود في دولة اسرائيل وتركيا ,اذن هو يحد دول الاتحاد الاوربي من اغلب حدودها وبحاجة الى عمق ستراتيجي اقتصادي عسكري ولايوجد افضل من منطة الشرق الاوسط مكان ليحكم سيطرته على حدود دول الاتحاد وهو بذلك امن التواجد العسكري فيما لو اضطر الامر في المستقبل القريب الى مواجهة عسكرية كبرى وامن مع ذلك وجود دول تعمل بالنيابة عنه في تقليص صلاحيات الاتحاد الاوربي وتقليل امكاناته ,والشرق الاوسط هو الطريق المناسب لتنفيذ هذه المخططات فهو يقطع العالم من الوسط وعملية الحركة والتواجد بلا الشرق الاوسط مستحيلة وصعبة جدا ,اذن لابد من الهيمنة عليه وقبل اي احد كان فكان ماكان واصبحت الخارطة السياسية اليوم تنم عن هذا الامر بوضوح واصبح الشرق الاوسط الاداة التي تخنق بها دول الاتحاد الاوربي ,لذلك نرى اليوم الولايات المتحدة الامريكية تحاول وبشتى الطرق والوسائل بسط هيمنتها وسيطرتها على المنطقة سواء بالتدخل العسكري المباشر او بالضغط الاقتصادي والدولي من خلال طرق مقاطعة دول المنطقة دوليا وبقرارات اممية وكذلك بتصنيفها ضمن الدول الارهابية ,اذن الشرق الاوسط اليوم يدفع ضريبة الخلاف الاوربي الامريكي حاله حال باقي دول العالم المؤثرة اقتصاديا وجعرافيا .
ان هذه الحقيقة المرة يعلمها الجميع ويعرفون اهدافها لكنهم لايستطيعوا مجاراتها او مجابهتها لعدم اعتمادهم على العمل المشترك وتوحيد الصف الدولي بل قادة دول هذه المنطقة يسيرون وفق الرغبات الغربية لان الدول الغربية هي من اوصلتهم الى هذه الاماكن وهذا من قبيل الوفاء .
هذه هي اللعبة السياسية الدائرة في العالم اليوم واذا ارادت الدول الخلاص منها عليها فعل مافعلته دول الاتحاد الاوربي التي نات بنفسها عن الهيمنة والتسلط الامريكي ونحن نلحظ نجاحها اليوم وتفوقها حتى على امريكا واعوانها ,اذن هي وقفة مطلوبة وانا هنا اشك ان تكون هناك وقفة من دول المنطقة لواجهة الاطماع الامرية والغربية والتصدي لها .