23 ديسمبر، 2024 4:45 ص

 مالك بن نبي كما يراه محمد العاطف

 مالك بن نبي كما يراه محمد العاطف

مقدمة الزميل .. مايشدني للأستاذ محمد لعاطف، تواضعه وإحترامه لمن يقاسمه أو يخالفه الرأي، ضف لها أدبه الجلي الواضح، ناهيك عن ثقافته وإطلاعه، ومنهجيته الواضحة في طرح أفكاره، وعرض أفكار غيره، بأمانة وصدق.

بتاريخ: السبت: 01 محرم 1436هجري، الموافق لـ 25 أكتوبر 2014، ألقى محاضرة بالمكتبة الولائية بالشلف، بعنوان.. “معوقات النهضة ومقوماتها في فكر مالك بن نبي”.

حاولت أن أجمع النقاط التي طرحت للمناقشة، والتي أجاب عليها الأستاذ، بأسلوبه الذي إمتاز بالهدوء والثقة في النفس، والإطّلاع الجيد لفكر مالك بن نبي، والتحكم الواضح في كتبه والدراسات، التي أنجزت حوله.

ماشدني للأستاذ، ودفعني للتطرق للمحاضرة عبر حلقتين، التطابق الكبير في النظرة لمالك بن نبي، وقد استفدت منه كثيرا في هذا المجال من خلال الأيام التي قضيناها سويا، عبر مخيم الدشرية، والتي تم التطرق للمعروف عن بن نبي ، والممنوع غير المعلن.

والمحاضرة عبارة عن إعادة طرح فصل من فصول كتابه الذي ألّفه عن مالك بن نبي، فكانت هذه الأسطر، نرجو من خلالها الصدق والإخلاص ..

وسائط فهم .. المثقف مطالب أن يسبق زمنه، معتمدا في ذلك على وسائط، كالكتاب، والقراءات التي توضّح له تلك الكتب.

ودراسة بن نبي ، تعتمد على هذه الوسطاء، كما إعتمد هو على جملة من الكتب والدراسات.

المهندس الاجتماعي.. سافر بن نبي لفرنسا، للتمكن من الدراسات الشرقية، ورفض الاستدمار الفرنسي، أن يمنحه هذه الفرصة، لأن دراسة الشعوب من إختصاص المستدمر، وليست من إختصاص “الأهالي !!”.

 تأكد إذن، لبن نبي وفي الظروف القاسية التي عاشها، أن المجتمع ليس بحاجة إلى مهندس كهربائي، بل هو في حاجة إلى مهندس اجتماعي، يدرس أحواله، ويقف على الحلول الممكنة، التي تخرجه من القابلية للأستدمار.

بين الداخل والخارج .. الأستاذ عمر مسقاوي، كان وفيا لبن نبي، أكثر من الجزائريين. وبن نبي خارج الجزائر، أفضل بكثير مما هو داخل الجزائر.

تحقيقة نبوءة .. بدأت نبوءة بن نبي تتحقق، حين قال .. سأعود بعد 30 سنة. وفي هذا المجال يقول بن نبي .. الفكرة القوية تدافع عن نفسها.

تفعيل بن نبي .. لتفعيل فكر بن نبي، علينا أن ندرك جيدا، أن آليات التفعيل لاتأتي دفعة واحدة .. لذلك وجب الإهتمام بكتبه، والاهتمام بأخطائنا في حقّه وحق الحضارة، كأن نشارك بفاعلية في الشبكة العنكبوتية المتعددة الأشكال والطرق.

القابلية للإستدمار .. القابلية عند بن نبي، هي مشكل ذاتي، وليست نابعة من الخارج، لذلك تراه يركّز على الداخل، ويلوم الإنسان مابعد الموحدين، لرضاه بالقابلية للإستدمار .. والحل إذن، نابع من الذات، ومن الداخل، ولا يمكن للحل أن يكون من الخارج.

فالاستنجاد بالأجنبي، مهما كان الوضع الداخلي فاسدا.. فهو قابلية للاستدمار.

أعداء بن نبي .. عانى بن نبي من فريقين أساسين، كل منهما يتهمه، بما ليس فيه، وكل يسعى لتحطيمه وتشويه صورته، وهما ..

التيار الإصلاحي.. كان يرى فيه أنه تغريبي، نظرا لثقافته ومرجعيته الغربية، وليس له شيوخ في الشريعة الإسلامية.

التيار التقدمي.. كان يرى فيه أنه رجعي، لأنه حسب رأي هذا الفريق، أن بن نبي، أعطى مكانة للدين.

مع العلم، الإصلاحي والتقدمي، يبدوان للنظرة الأولى، أنهما يختلفان ظاهريا ومن ناحية الشكل، لكن يتشابهان في العمل.. فالإصلاحي يعتمد على تراثه الخاطئ .. والتقدمي يعتمد على الغربي، رغم مساوئه.

بن نبي وسيد قطب .. يرى سيد قطب، أن الحضارة هي الإسلام فقط، وما عدى الإسلام فهو جاهلية، ويتنكر للحضارة الغربية.

بينما بن نبي، يرى أن الحضارة الغربية، جزء لايتجزء من الحضارة العامة، التي يتطرق إليها في كتبه.

هذه النظرة الضيّقة لسيد قطب للحضارة، جعلته يعادي بن نبي في بعض كتبه، ويبخسه حقّه، فكان من نتائج ذلك، أن المتأثرين بسيد قطب، أساؤوا لبن نبي، وهاجموه بشدة، منهم التيار الإصلاحي في الجزائر.

بقيت الإشارة، أن سيد قطب، وصف بن نبي في بعض كتبه بـ “كاتب تغريبي !!”، فكان هذا الوصف المجحف، منفرا لقراء بن نبي، وكافي لزرع الحقد والبغض تجاه كل كتب بن نبي، وأفكاره.

حفظ بن نبي .. بن نبي حين يقول في مذكراته، أنه حفظ جزء قد سمع فقط، إنما كان يلوم تقصير شيوخه، وطريقة التعليم السّائدة يومها، المعتمدة على التلقين دون إستخدام العقل. وفي نفس الوقت، يرى أن أستاذه الفرنسي، منحه كل أدوات التعليم الفاعلة، بدليل أصبح مهندسا في الكهرباء.

تخلف المسلم .. يرى بن نبي، أن الإسلام يملك كل سمات الحضارة، لكن المشكلة في انحطاط المسلم، الذي يعود به إلى قرون عميقة بعيدة، مايستوجب من المسلم التخلي عن عبء هذا التخلف، ليفهم الإسلام جيدا، ويستفيد منه في الإقلاع الحضاري. 

الفكر العالمي لبن نبي .. بن نبي ، يمثّل الفكر العالمي، إنطلاقا من الخصوصية الإسلامية التي تميّزه، وترفعه. ويرى أن سبب تخلفنا، ناتج عن ماورثناه من تخلف، مايستوجب النظر في تاريخنا.

أعداءه .. قراء المفكر مالك بن نبي، هم أعداءه أولا. وبن نبي، تعدى مجتمعه، وسبقه بزمن طويل.

بن نبي وعبد الناصر .. بن نبي تعاون مع عبد الناصر، وعبد الناصر حار ب الإخوان، فكانت فرصة للإصلاحيين، أن يتّهموه، ويواجهونه بالعداء.

وعبد الناصر بالنسبة لبن نبي، وسيلة لنشر كتبه وأفكاره. ولم يكن بن نبي ذا نزعة إنفعالية، ليواجه عبد الناصر في أول صدام.

والمتتبع، يترحم على الذين تعاملوا مع النظام، والذين رفضوا التعامل مع النظام.

فحماني وشيبان، تعاونا مع النظام، بينما سلطاني ، رفض التعامل مع النظام .. وكلهم مخلصون، ونترحم عليهم جميعا.

التراب .. بن نبي يقصد بمصطلح التراب، الإمكان الحضاري، ولم يقصد الرقعة الجغرافية.

بين حضارتين .. يرى بن نبي .. نحن المسلمون، إما غارقون في تمجيد الذات، لما فيه من تخدير .. وهذا إجحاف.

وإما غارقون في الحضارة الغربية.. وهذا أيضا إجحاف .. لذلك يرى بن نبي، ضرورة معرفة أنفسنا أولا، وأن تكون لنا رؤية واضحة، تجاه تراثنا، وتجاه الحضارة الغربية.

أساليب الاستدمار الخفية .. بن نبي درس الاستدمار، ودرس آلياته الخفية التي لاتظهر للإنسان العادي، لذلك تمكّن في كشف عوراته، وتبيان أساليبه الخطيرة، والبعيدة الأمد.