ماهو التعريف العام للشعب ، وماهي واجبات وحقوق الشعب ، وماهو الشعب الذي تتطلع اليه الاحزاب الثورية ؟
ان التعريف العام للشعب هو ـ ( الشعب هو مجموعة من الأفراد أو الأقوام يعيشون في إطار واحد من الثقافة والعادات ضمن مجتمع واحد وعلى أرض واحدة، ومن الأمور المميزة لكل شعب هي طريقة تعاملهم وشكل العلاقات الاجتماعية التي تتكون في مجتمعات هذا الشعب) .
وهناك تعربق اخر للشعب يستند الى الفكر الماركسي مفاده ـ ( الشعب هو جميع الطبقات والفئات الاجتماعية التي لها مصلحة في تطور المجتمع من المرحلة القائمة من التطور الاجتماعي الى مرحلة اعلى) .
اما التعريف الالماني للشعب فهو (الشعب العضوي هو الشعب الذي يترابط أعضاؤه ترابط الأجزاء في الكائن العضوي الواحد والذي تربطه رابطة عضوية بأرضه وتراثه).
اما التعريف السياسي العلمي لمفهوم الشعب وكما جاءت في سفر الاحزاب الثورية فهوـ ( الشعب هو الجماهير الواعية المكونة تكوينا سياسيا والمنظمة للعمل المؤهل والمسؤول والمنضبط ، والشعب ليس ـ سديما ـ ضائعا بلا حدود وبلا تنظيم وبلا اطار ، الشعب هو بالضبط الحركات السياسية التقدمية الملتزمة بالجماهير ، وهذه الحركات هي التعبير المباشر الواعي عن مطامح الجماهير الشعبية) .
ان لكل شعب من الشعوب افراد يتفردون في تشخيص القوانين المحركة لواقعهم المعاش ومن ثم يجدون في البحث عن واقع بديل افضل وينخرط هؤلاء الافراد في احزاب او حركات وهذه الاحزاب والحركات التي تهدف الى تغير الواقع جذريا تسمى احزاب وحركات ثورية واعضاء هذه الحركات يطلقون عليهم تسمية الطليعة وهنا لابد من معرفة ماهي الطليعة ومن هم الطليعيون وماهي صفاتهم وهل هناك علاقة بين الطليعة والشعب ؟
حينما نقول طليعة الجيش نعني مقدمته التي تتقدمه في تنفيذ المهام المناطة به ومن هذه التسمية جاءت كلمة الاستطلاع والاطلاع ، اما كلمة الطلاع ، طلاع الثنايا التي تعني المجرب بالامور ، والمطلع هو اسم للزمان والمكان من الطلوع اي الظهور ، والاطلاع هو المعرفة بحقيقة الامر.
وحينما بشر نبينا الكريم محمد صلوات الله علية بالدين الحنيف بدأ بالطليعة التي صدقت وامنت بما جاء به لنشر رسالة الاسلام ولم يبدأ بعامة الناس اولا ، وقبل الاشهاربالدعوة كان نبينا العظيم (ص) يعمل على رفع مستوى الطليعة الفكري والنفسي والخلقي لكي يكونوا مؤهلين للريادة مستندا الى ماجاء به الوحي ، ومن هنا كان عمار بن ياسر واسامة الرومي وبلال الحبشي وغيرهم رضوان الله عليهم رموزا خالدة في التاريخ العربي الاسلامي ، لانهم كانوا طليعة الدين الحنيف.
ان من سمات الاحزاب الثورية – الشعبية – والشعبية ليست موقفا تكتيكيا تقفه الاحزاب لكي تمرر من خلاله اغراضها بل هي سمة اساسية واصيلة في ايدلوجية هذه الاحزاب وفكرها وعملها النضالي ، فقد جاء في دساتيرحزب من الاحزاب الثورية المنتشرة على امتداد الساحة العربية ـ ( حزب شعبي يؤمن بأن السيادة هي ملك الشعب وانه وحده مصدر كل سلطة وقيادة، وان قيمة الدولة ناجمة عن انبثاقها عن ارادة الجماهير، كما ان قدسيتها متوقفة على مدى حريتهم في اختيارها. لذلك يعتمد الحزب في اداء رسالته على الشعب ويسعى للاتصال به اتصالا” وثيقا” ويعمل على رفع مستواه العقلي والاخلاقي والاقتصادي والصحي لكي يستطيع الشعور بشخصيته وممارسة حقوقه في الحياة الفردية والقومية).
ومن هنا فان الكلام المجرد عن الشعب الذي يتشدق البعض به هذه الايام ومحاولة استغلالها وتضخيمها بهدف التقليل من شأن المنظمات والاحزاب السياسية الثورية و تحت شعار ( لا حزبية ولا احزاب ) معتمدين على ماتفرزه التجربة الفاشلة التي تجسدها الاحزاب والمنظمات التي جاءت تحت عباءة المحتل ، يجب ان لايحجب انظارنا عن المضمون العملي عن علاقة الاحزاب الثورية بالشعب الذي حدثتنا ادبيات هذه الاحزاب والتي ذكرناها اعلاه، ولكي نتجنب الخطأ ، ولكي لانضيع في الكلمات يجب ان نشخص هذا الشعب ، من هو وماهي علاقته بالحزب الطليعي.
ان من الامور المؤسفه والمثيرة للدهشة في نفس الوقت هو ان يكفر البعض من الناس بالعمل الحزبي مستغلين كلمة الشعب المجردة بغية التبشير بدعوتهم التي تستهدف الاحزاب والحركات الثورية التي يؤمن بها الشعب والتي هي صاحبة المصلحة الحقيقية في المقاومة التي تهدف الى تحرير الارض والشعب ، وتؤمن بان الاداة العملية والتطبيقية لهذا هوالشعب وان هذه الاحزاب الطليعية هي القادرة على ان تحول الشعب الى قائد فعلا .
فالطليعة هي روح الشعب وبدون هذه الطليعة تتحول ارادة الشعب الى مجرد مواقف سلبية منفعلة ، وعندما تتحول ارادة الشعب الى مجرد موافقة سلبية اتجاه اي عمل يكون العمل الجماهيري مجرد واجهة ليس لها مضمون ، فالرغبة بالتغيير اسهام ايجابي في العمل المقاوم وليس موافقة سلبية.
لقد امنت الاحزاب الثورية بأن السيادة هي ملك الشعب وانه وحده مصدر كل سلطة وقيادة ، وان قيمة الدولة اي دولة ناجمة عن انبثاقها عن ارادة الجماهير وكفاحها المسلح ، لذلك تعتمد الاحزاب في اداء رسالتها ونضالها المسلح على الشعب وتسعى للاتصال به اتصالا وثيقا . والسمة الشعبية لهذه الاحزاب تركت اثارها على التنظيم الحزبي من حيث التركيبة الاجتماعية فقد توجهت هذه الاحزاب الى الجماهير الشعبية الكادحة من عمال وفلاحين وجنود وطلبة ومثقفين ثوريين واعتبرهم الاساس في كل تحرك وعمل نضالي .
ان اي حزب ثوري عليه ان يضع نصب عينيه الفئات الشعبية التي يتوجه اليها فهو ليس بديلا عنها بل هو الذي يتحمل المسؤولية وهوالذي يثبت وجوده في كل المواقف المسؤولة ، والمواقف المسؤولة دائما وابدا تتوخى مصلحة الشعب وهذه المواقف لا تفرض عليه وانما هو الذي يفرضها من خلال الوعي والالتزام والنضال.
وحتى يكون الحزب الطليعي طليعا عليه ان يكون ايجابيا ، منفتحا على الشعب ، متعاونا معه ، يعرف ماذا يريد ، ويعرف كيف ومتى يريد ، يعرف اهدافه ويعرف الوسائل التي يستخدمها في سبيل الوصول الى هذه الاهداف ويفرق بين المرحلي والاستراتيجي ، وان لايكون حزبا مغامرا عليه ان يكون حزبا طليعيا ملتزما بقضايا الشعب العادلة بالتحرر والانعتاق والعيش الكريم.