23 ديسمبر، 2024 8:52 م

ماكو دخان بلا عماد الخرسان

ماكو دخان بلا عماد الخرسان

العوام تلطم وتطبخ وتطلع تظاهرات، وترفع شعارات هيهات منا الذلة، ولكن في النهاية دائماً ما تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن المكَاريد، ولكن هذا لا يعني أن المكَاريد دائماً على حق. ففي كل بقاع العالم، وفي كل زمان هكذا هي سنة الحياة منذ الأزل، ودائماً من يقرر في النهاية هم قادة القوم أو سليلي العوائل العريقة والتي تتزاحم الأموال في خزائنهم، واليوم أصبحوا هم أدوات بيد الدول العظمى لتعيينهم في الوقت المناسب لحفظ مصالح هذه الدول. فقبل أسابيع تحدث الكثير عن صفقة يجري الإعداد لها خلف الكواليس، وهي خطه خليجيه أمريكية لإحداث تغييرات في المشهد العراقي، أبرزها دعم الجهود لتغيير رئيس الوزراء بشخصيه عراقيه تحمل رؤية واضحة بشأن نظام الحكم اللامركزي في العراق، وأيضا بشأن العلاقة مع إيران، وضرورة الابتعاد عن محورها والاقتراب من محور الدول الخليجية ؛ وتلك الخطة أشارت إلى ترشيح (عماد الخرسان) ليكون البديل عن العبادي في المرحلة القادمه، ولكن التسريبات قالت أن المرجع السيستاني طلب مهلة لإعداد الساحة العراقية لهذا التغيير، ومنح حكومة حيدر العبادي فرصة لمباشرة الإصلاحات وأن هذه الإصلاحات ستؤدي حتما لفك الارتباط مع طهران. بعد هذه التسريبات نفت المرجعية هذه المعلومات تماماً.. وقام العبادي بزيارة خاطفة إلى كربلاء والتقى بالشيخ عبد المهدي الكربلائي، وقد سرب البعض أيضاً فحوى ما دار بين الطرفين حو ل نفس الأمر، ولكن بعض القوم استنكر على أصحاب هذه التسريبات، وعدوه تسقيطاً سياسياً!! ولكن كما يقول المثل المشهور( ماكو دخان بلا نار)، فقد أعلن في بغداد عن تعيين عماد الخرسان أميناً عاماً لمجلس الوزراء، ومن دون استشارة أي من الشركاء السياسيين، وقد أعلنت كتلتي الأحرار والقانون استغرابهما من هذا التعيين الخطير، من دون التشاور مع البرلمان أو معهما على اعتبار أن هذا المنصب هو من الدرجات الخاصة. الكثير من العراقيين لا يعرف عماد الخرسان فمن يكون عماد الخرسان ؟؟ هو عراقي يحمل الجنسية الأمريكية، وهو عضو في الحزب الجمهوري، كان قد جاء إلى العراق مع الاحتلال في عام 2003 حيث كلف من قبل الحكومة الأمريكية بتولي هيئة إعادة إعمار العراق و كان يرتبط ارتباطا مباشراً بجاي غارنر ثم لاحقا مع بول برايمر , تلك الهيئة التي كان مقررا لها أن تتولى إدارة إعادة إعمار العراق كل ضمن اختصاصه بعيدا عن أي انتماءات سياسية أو دينية , لكنها بمجرد وقوع الاحتلال وإتمامه فقد أهملت ولم يعد لآراء أعضائها من الخبراء العراقيين أي صدى لدى العسكريين الأمريكان، وانتهى الأمر بإنهاء أعمالها بعد عام في ٢٠٠٤ , إذ فضل بعض أعضائها البقاء في العراق بعد أن ضمنوا مناصب حكوميه , فيما قرر عماد الخرسان العودة إلى بلده أمريكا. ولكونه من الأشخاص الموثوقين لدى الإدارة الأمريكية , حسب ما جاء بكتاب برايمر(عام في العراق) فقد كان بالإضافة إلى منصبه كمدير لهيئة إعادة الإعمار, احد القنوات المهمة للتواصل مع المرجع الشيعي الأعلى (آية الله السيستاني ), إذ يذكر بريمر، انه تبادل خلال فترة وجوده في العراق أكثر من ثلاثين رسالة مع السيستاني. وكان عماد ضياء الخرسان يطير بطائرة خاصة لملاقاة السيستاني لحمل رسالة إليه ليعود بعدها بالجواب إلى بريمر.