التقاليد السياسية والدبلوماسية في دول العالم الغير عربي تعمل على مجسات تستقي دوافعها واهدافها من الشارع وهمومه ولذلك نجد ان ردود افعال السياسيين في دول العالم تكون بحجم مايصيب الشارع من احداث فهي ان كانت ذات مساس بحرية المواطن نجد السياسي مدافعا ومناصرا لتلك الحرية وان كانت تتعلق بحدث يثقل كاهل المواطن نجد السياسي يبتكر كل مايستطيع من اجل التخفيف من معاناة ذلك المواطن فيكون له رصيدا في انتخابات مقبلة ومن يعمل بعكس تلك التوجهات يجد من الطماطة والبيض الفاسد مايكفيه كحصة يخصصها له الشارع رمياً في كل مكان تتم مشاهدته فيه .
هذه الجدلية الثابتة في الشارع في دول اوربا واسيا وامريكا معروفة منذ زمن طويل فلايستطيع سياسي ان يستغفل مواطن ولاحزب ان يخدع الشارع . فالشارع اصلاً قد اختط له خط واضح في ان يختار من يعزز له حريته ويصون كرامته ويحفظ له أمنه وهيبته . ولاغرابة في ان برنامجا غير واقعي لحزب ما يمكن ان يهزمه في انتخابات تشريعية او رئاسية ولاغرابة ايضا في ان يستقيل رئيس دولة او حكومة من منصبه بعد اعتذار لسبب كارثة طبيعية تحل في البلد ولم يكن متهيء لها او حالة من الفساد قد لاحت في الأفق او عملية ارهابية كانت نتيجتها مقال مواطن او اثنين . فالشعب المتحضر ينتج قيادات تحترمه وعملية التحضر تلك لم تأتي من فراغ في نتاج قيادات تعمل بضمير وتفكر بدماء شعوبها وكرامة مواطنيها .
نحن في العراق ومنذ العام 2003 نعيش خارج الزمن وخارج القواعد وتصورنا على اننا تخلصنا من نظام الحزب الواحد وسنعمل وفق النظام الديمقراطي على اساس حماية البلد والمواطن وتأمين مايمس كرامته من مستلزمات الحياة الطبيعية بعيدا عن الضغوطات والأجهزة الرقابية التي تعتبر المواطن عدوها الأول . وبعد ايام على انهيار النظام السابق بدأ النظام الجديد ينهار دون ان نعلم ! فجائت أِرادة المحتل لتحل الجيش العراقي والاجهزة الأمنية وبقي العراق تحت رحمة القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها وجائت اول حكومة احتلال ولن تستطيع ان تقدم شيئا فهي تتقاضى اجورها من المحتل وحصل ماحصل من عمليات قتل وتدمير للبنى التحتية على اننا سننجز حالة جديدة من التطور تفوق الزمن لكن ارادة بريمر كان الأسوأ اذ اشتعل الشارع وانتشر الرعب والخوف وبقي الحال الى ان جائت حكومة المالكي التي انطلقت من صولة الفرسان ومعها موازنات ونفقات لاتستطيع ان تحملها الجمال ولا الخرفان ولم يتحقق شيء ! استنزفت الأموال ومعها الرجال والأطفال ومابينهم من النساء والأطفال قتلا وتشريداً واستمر الحال لثمان سنوات عجاف دمرت خلالها عزيمة الأنسان بعد ان نهبت ثرواته وسلمت لجهات غاب عنها الضمير وانتهت الولاية الثانية للمالكي وقد سلمت مدن باكملها الى الارهاب دون قتال بعد ان هًجِرَ الملايين من العراقيين في اكبر عملية نزوح يشهدها التاريخ .
جاء الدكتور حيدر العبادي رئيس الحكومة الجديد القديم وحكومته الجديدة القديمة على انها ستكون حكومة انقاذ . ومرت الآيام والأسابيع والأشهر ولم يتضح منها شيء بل انها على مايبدو عاجزة تماما عن تحقيق شيء رغم انها ادَت اليَمينَ الدستورية على انها ستحقق مجموعة من القرارات والخطط ولكن يبدوا ان الحنث باليمين اصبح صفة سائدة في الحكومات العراقية – ناشدنا وكتبنا وطلبنا ونصحنا ولكن يبدو ان لاحياة لمن تنادي وهنا نقول ياعبادي ماكان عهدنا بك انك مخادعا لنا بقصد او بدون قصد فانت رجل علم ونحترمك ما الذي تفعله بنا ؟ اليوم انت تخسر الشارع شيئا فشيء وسوف يأتي الزمن القريب لكي يحملوك كل اخطائهم في الحكومات السابقة فنقول لك احذر رغم عتبنا الشديد على انك لم تعمل مايجعل الشارع متوحد ومناصر للعراق ولم تحرك ساكنا من اجل لملمة جراح العراقيين – وما كان عهدنا بك ياعبادي !! هل عجز العقل العراقي عن ان يجد الحلول او يستنبطها من واقع المعاناة ؟ اذا كنت عاجزاً فنحن سنكون عوناً لك بدون مقابل نحن الذين لانرتبط بحزب او كتلة بل اننا نرتبط بالعراق فقط وعليك ان اردت ان تنقذ نفسك ان تستمع الينا وتنفذ مانقول لك فنحن نحب العراق وخرجنا من رحم معاناته ومثلنا لايبحث عن مكاسب او مناصب فى تبقى هكذا والعراق ينزف ويحترق _ حرامٌ عليك يارجل !!!