بدا واضحاً لجميع المتابعين أن سلسلة المعارك التي جرت في الآونة الأخيرة في محافظة الرقة وتحديدآ في ريفها الغربي ” الطبقة “، ما هي إلا هدف من سلسلة أهداف إستراتيجية كجزء من خطة ورؤية أكبر، لمسار الحسم العسكري التي يعمل عليه الجيش العربي السوري، والهدف بألا ساس هو تطهير الارض السورية من رجس الارهاب العابر للقارات ،ومنع تحقيق شروط وإملاءات تحاول بعض القوى الإقليمية الحليفة والشريكة والداعمة للمشروع الصهيو- أميركي بالمنطقة فرضها على الدولة السورية. هنا لا يمكن إنكار حقيقة أن محافظة الرقة بموقعها الاستراتيجي بشمال شرق سورية تشكل أهمية استراتيجية بخريطة العمليات العسكرية السورية وتحتل أهمية استراتيجية، باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتد على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق وسط سورية وشرقها وشمالها، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية المرتبطة بالجانب العراقي والتركي، إضافة إلى كونها تشكل نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بمدينة دير الزور شرقاً وحلب شمالاً ، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الإستراتيجية الكبرى لمحافظة الرقة في خريطة المعارك المقبلة بالشرق والشمال الشرقي والشمال السوري بشكل عام . اليوم، لا يمكن إنكار أن خسارة تنظيم داعش لمواقعه المتقدمة بمحيط مدينة الطبقة ، سوف تشكل بمجموعها عبئاً ثقيلاً على صانعي قرار الحرب على سورية ، ولهذا يسعى الجيش العربي السوري بما لديه من قوات بعموم هذه المناطق لحسم هذه المعارك سريعآ لما تمثله من ضربة قاسمة لمشروع الحرب على سورية . هنا، يمكن القول إن الجيش العربي السوري قد تكيف مع ظروف معركة الطبقة، وبدأ فعلياً برسم ملامح جديدة لطبيعة المعركة في عموم مناطق ريف الرقة الغربي ، وها هي طلائع الجيش اليوم تقف على مشارف العمق الاستراتيجي لمطار الطبقة العسكري، وهذا ما أثمر مرحلياً مجموعة انهيارات واسعة في صفوف مسلحي التنظيم وهذا الانهيار سيكون ضربة قاسمة للتنظيم الذي متوقع أن يخسر وداعميه في الايام القليلة المقبلة مواقع هامة بريف الرقة الغربي .
ويمكن أن نقرأ وبناء على متغيّرات الساعات الأخيرة والتطور الملموس والنوعي في عمليات الجيش العربي السوري بعموم مناطق ريف الرقة الغربي، أن خطط القادة الميدانيين في الجيش اتجهت بالمنحى الإيجابي، فخريطة العمليات العملياتية والتكتيكية والاستراتيجية وتبادل الأدوار والانتقال من خطة إلى أخرى والتكيف مع ظروف المعركة بسلاسة ملحوظة، هذه المتغيّرات التي أدارتها بحرفية وحنكة ملحوظة القيادة العسكرية الميدانية للجيش العربي السوري بمجموعها، أثمرت وبعمليات نوعية وخاطفة عن ضرب خطوط الدفاع الأولى لمسلحي تنظيم داعش ومن ثم التقدم السريع نحو الاشراف المباشر على عمق مطار الطبقة العسكري ، من خلال تحرير مجموعة طرق وتلال استراتيجية هامة تشرف على عمق المطار الاستراتيجي ،وبهذا يكون الجيش العربي السوري قد أمن “مرحلياً” أولى مراحل التقدم باتجاه عمق المطار ومنه إلى مدينة الطبقة ومنها إلى العمق الإستراتيجي لمحافظة الرقة.
وفي هذه المرحلة، وبعد أن أصبح الجيش العربي السوري على مشارف العمق الاستراتيجي لمطار الطبقة وخصوصاً بعد النجاح الملحوظ بتقطيع أوصال طرق إمداد تنظيم داعش والسيطرة على مجموعة طرق رئيسية ، وبعد مجموعة انهيارات واسعة في صفوف مسلحي تنظيم داعش ، هنا تمكن قراءة الواقع وبشكل منطقي وأكثر واقعية، فعمليات الجيش السريعة والنوعية والخاطفة، شكلت صفعة قوية لتنظيم داعش ولصانعي قرار الحرب على سورية ،وهذا ماسينتج عنه بالساعات القادمة انهيار كامل للتنظيم بمطار الطبقة ومنه إلى مدينة الطبقة ومحيطها ،وانكسار تدريجي لمنظومة الحرب على سورية. ختامآ ، يبدو أن الأكثر وضوحاً اليوم، أن منظومة الحرب على سورية ستبدأ بالتهاوي بالتزامن مع تهاوي مسلحي تنظيم داعش بريف الرقة الغربي ،واليوم نرى أن هذه المنظومة تعيش فترة ترنح ما قبل السقوط مع استمرار سلسلة الانهيارات التي تتعرض لها المجاميع المسلحة من الشمال إلى الجنوب إلى الشرق السوري ،وعلى قاعدة سلسلة انهيار أحجار الدومينو، فاليوم القيادة العسكرية السورية تدير المعركة بحنكة وبحرفية عالية ، والأيام المقبلة ستكون حبلى بالتطورات وستشهد تغيّراً ملموساً وواضحاً في طبيعة المعارك بعموم خرائط المعارك الميدانية في سورية، فاليوم الجيش العربي السوري استعاد زمام المبادرة وانتقل من مرحلة التموضع وبناء خطوط الدفاع إلى مرحلة الهجوم واستعادة الأرض على مختلف بقاع الجغرافيا السورية ، ومن هنا سننتظر نتائج وتداعيات تحرير مطار الطبقة ومدينة الطبقة ،والتي ستعطينا إجابات منطقية وأكثر وضوحاً وواقعية من مجمل التغيّرات التي سنشهدها بالساحة العسكرية بمحافظة الرقة بشكل خاص وعموم الساحة العسكرية السورية بشكل عام .