وأكد مسؤول رفيع في الحكومة تحدث للصحيفة البريطانية، أن «الحرس الثوري» الذي يهيمن على قطاعات حيوية مثل النفط والغاز والاتصالات والتشييد، «العام الماضي شرع في إعادة هيكلة بعض الشركات القابضة وإعادة ملكية البعض الآخر إلى الدولة». وتعرض على الأقل 10 من كبار أعضاء الحرس للاعتقال في الأشهر الأخيرة، فيما أجبر آخرون على رد الثروات التي تحصلوا عليها من أعمال مشبوهة، بحسب المسؤول. وكشف رجل أعمال عمل مع «الحرس الثوري» في السابق، أن مدير إحدى الشركات القابضة الكبرى التابعة للحرس الثوري تعرض للاعتقال في الأشهر الماضية، وإثر ذلك صودرت مقتنيات ثمينة تقدر قيمتها بعدة ملايين من الدولارات كان يحتفظ بها في منزله. كذلك ألقي القبض العام الحالي على ضابط في «الحرس الثوري» برتبة عميد يوصف بأنه العقل الاقتصادي المدبر لـ«الحرس الثوري»، غير أنه أفرج عنه لاحقا بكفالة، وفق مصدر داخل النظام تحدث لـ«فايننشيال تايمز».
وشرع النظام العام الماضي في اتخاذ تلك الإجراءات، لكن بحذر، لكي لا يضعف من قدرات أقوى ذراع أمنية في إيران. وشرعت الحكومة في تنفيذ الإجراءات عقب الانتقادات التي أثارها الرئيس حسن روحاني عن دور «الحرس الثوري» في الاقتصاد، الذي أبلغ به المرشد علي خامنئي، الذي انتقد الثروات الطائلة التي جمعها أعضاء الجهاز القوي الذي يبلغ عدد منتسبيه أكثر من 120 ألف عضو، بحسب المسؤول الحكومي.
وكشف مسؤول حكومي على صلة قرابة بالمرشد أن «الرئيس روحاني أخبر المرشد بأن الاقتصاد وصل إلى طريق مسدود بسبب الفساد الذي استشرى في ظل هيمنة (الحرس الثوري) على مفاصل الاقتصاد».
ناهيك بالمخاوف الاقتصادية، يستشعر خامنئي الحاجة إلى «إنقاذ الحرس» من الفساد الذي تمكن منه، ولذلك ساند الإجراءات الأخيرة. ورفضت وحدة «خاتم الأنبياء»، الذراع الاقتصادية للحرس الثوري، التعليق على ما يجرى.
وحسب تقرير الصحيفة البريطانية، فإن محللين إيرانيين أفادوا بأن الفساد الذي يحيط بالأفراد ذوى الصلة بدوائر السياسة يعوق التنمية الاقتصادية والجهود الهادفة إلى دعم النمو في دولة تعاني من ارتفاع نسبة البطالة. فبعد مرور شهرين من الانتخابات التي جرت في مايو (أيار) الماضي وفوزه بفترة ولاية ثانية، صرح الرئيس روحاني بأن الحرس «خلق حكومة تحمل مدفعاً»، مما جعل «الخوف» يتملك من القطاع الخاص. ومنذ توقيع الاتفاق النووي مع القوى العظمى في العالم عام 2015، يسعى الرئيس إلى تحقيق الانفتاح لإيران واجتذاب الاستثمارات الأجنبية، غير أنه وجد مقاومة من متشددين داخل النظام، بعضهم في «الحرس الثوري» ممن يسعون، بحسب المنتقدين، إلى حماية مصالحهم الخاصة. فبمقتضى الاتفاق النووي، ألغي كثير من العقوبات، ووافقت إيران على إعادة النظر في أنشطتها النووية.
ورغم شح المعلومات المتاحة عن الأعمال والمشروعات التجارية التي يديرها «الحرس الثوري»، فإن هناك بعض الشركات المعروفة بانتمائها لـ«الحرس»، منها شركة «سدرا إيران ماريتايم إندستريال كومباني» التي تتولى تصنيع شاحنات النفط وتتولى إدارة بعض مشروعات النفط والغاز، وشركة «شهيد رجائي بروفيشنال غروب» التي تعد من كبرى شركات التشييد في إيران حسب «فايننشيال تايمز». وقام كونسورتيوم «اعتماد موبين ديفيلوبمنت كومباني» التابع لـ«الحرس الثوري»، بشراء شركة «تيليكوم كومباني إيران» بمبلغ 7.8 مليار دولار أميركي عام 2009. ومن ضمن الكيانات التابعة لـ«الحرس الثوري» أيضا بنك «أنصار بنك» وشركة «سيبنر أويل آند غاز إنجنيرنغ» النفطية. ويمتد نفوذ «الحرس الثوري» إلى كثير من القطاعات مثل الصحة والزراعة والبتروكيماويات.
أبقت الولايات المتحدة على العقوبات المالية المفروضة على طهران بسبب دعمها الإرهاب، وفرضت إدارة الرئيس ترمب عقوبات جديدة على الشركات والأفراد المنتسبين لـ«الحرس الثوري». وأدت تلك الإجراءات إلى عرقلة الاستثمارات الأجنبية التي يخشى أصحابها أن ينتهي بهم المطاف بالتعامل مع كيان «الحرس الثوري» غير الشفاف. ورغم قلة المعلومات عن وحدة «خاتم الأنبياء» التي تتولى إدارة الاقتصاد بجهاز «الحرس الثوري»، فإن موقعها على الإنترنت أشار إلى مجالات عملها ومنها التعدين، والبتروكيماويات، والصحة، والزراعة، دون أن يسمى الشركات. ويقدر بعض خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال قيمة تلك الشبكة من الشركات المتعاملة والمتعاونة مع هذا الكيان، بنحو مائة مليار دولار.
وتعود بداية الصلة بين «الحرس الثوري» والاقتصاد إلى نهاية الحرب العراقية – الإيرانية في الثمانينات عندما كوفئ قادة الحرب بعقود لشق الطرق وبناء السدود والجسور للمساعدة في إعادة إعمار البلاد. غير أن أعمال ومشروعات «الحرس الثوري» اتسعت خلال فترة محمود أحمدي نجاد، الرئيس السابق المتشدد الشعبوي، عندما منح «الحرس» مشروعات استراتيجية شملت النفط والغاز. ومنذ عام 2009 باتت شركة الاتصالات «تيليكوم كومباني» التي اشتراها «الحرس» بمثابة البقرة الحلوب لهذا الكيان، حيث استخدمت عائداتها في تمويل «الحرس» والكيانات التابعة له وحلفائه وحتى المراقبين السياسيين. وكان ذلك سببا في انتشار مزاعم الفساد التي أحاطت بفترة ولاية الرئيس السابق أحمدي نجاد خلال الفترة من 2005 – 2013. كذلك غلظت العقوبات الاقتصادية على «الجمهورية الإسلامية» خلال فترة حكمه. ويرى المحللون أن تلك العقوبات كانت سببا في منح مراكز قوى النظام الفرصة لاستخدام شبكاتها في التحايل على العقوبات بإبرام صفقات سرية خاصة في مجال بيع النفط.
وأفاد المسؤول الحكومي أن جهاز «الحرس الثوري» أظهر التزاما بتعليمات روحاني الداعية إلى إعادة النظر في مصالح «الحرس الثوري» التجارية؛ «وسواء نجح أم لا، فإن روحاني يبدوا مصمما على وضع (الحرس) تحت مظلة اقتصاد الدولة، وألا يمنحهم المشروعات إلا وفق شروط تنافسية محددة»، وفق المسؤول الحكومي. وأضاف أن «اقتصاد البلاد الحالي بات في وضع حرج، ولم يعد هناك مفر من عودة (الحرس) إلى ثكناته ليؤدي واجبه العسكري».
ليس هناك في إيران أقوى من المرشد الأعلى للثورة، علي خامنئي، والقوة العسكرية الرئيسية التي يعتمد عليها المرشد الأعلى في حماية «الثورة» هي الحرس الثوري الإيراني، القوَّات غير النظامية التي تنافس الجيش في إيران، بل وتعتبر أقوى منه أيضًا. القوة التي تخضع لأمر المرشد المباشر ولا تخضع لأية سلطة أخرى لديها إمبراطورية اقتصادية هائلة في إيران. في هذا التقرير نتطرق لهذه الإمبراطورية بقدرٍ من التفصيل على قدر المتاح من المعلومات، الضئيلة نسبيًّا في هذا الشأن.
مع سقوط الشاه ووصول الخميني لإيران من منفاه في فرنسا كان الجيش الإيراني التقليدي قد اتخذ موقفًا محافظًا ووقف على الحياد، ما جعل الخميني يُصدرُ مرسومًا بتأسيس «سپاه پاسداران انقلاب إسلامي: الحرس الثوري الإيراني». كان الهدف من إنشاء هذه القوَّة هو تجميع القوات العسكرية التي نشأت مع الثورة في كيانٍ واحد موالٍ للنظام ولإقامة توازن مع الجيش التقليدي لأنّ الخميني لم يأمن جانبه. بمرور الوقت توسَّعت سلطات الحرس الثوري لتمتدّ أياديه إلى مساحات لا يمتد إليها الجيش الطبيعي الكلاسيكي في إيران رغم انضواء الحرس الثوري والجيش تحت لواء وزارة الدفاع إلا أن لكلٍّ منهما وضعه.
بداية الحرس الثوري كانت مع الحرب العراقية – الإيرانية، فقد لعب دورًا كبيرًا في الحرب وطور أنظمته العسكرية مع تطورات الحرب التي امتدت لتسع سنوات كاملة، قُتل خلالها ما يقارب المليون إنسان. بمرور الوقت أصبح الحرس الثوري والقوات التابعة له أكثر تغوُّلًا في السياسة والاقتصاد الإيراني، ما حدا ببعض المحللين للقول أنّ معارضة الحرس الثوري الإيراني للرئيس الأسبق محمد خاتمي هي التي أفشلت مشروعه الإصلاحي في إيران.
في أبريل من عام 1998 هدد قائد الحرس الثوري يحيى رحيم صفوي الرئيس الجديد محمد خاتمي بقطع رأسه إذا ما استمر في تهديد النظام الإيراني بسياساته، يقصد السياسات التقدمية التي دشنها خاتمي. بعدها بعام وقَّع عدد من قادة الحرس الثوري رسالة للرئيس خاتمي يهددونه بالانقلاب إذا لم يقمع المتظاهرين الذين يتظاهرون ضد الرقابة في إيران فورًا.
وخلال عام 2004، كان 91 نائبًا في البرلمان الإيراني من أصل 154 في صفوف الحرس الثوري. لم يهدأ الحرس الثوري في هذه اللحظة وإنما دعم أحد أفراده السابقين (الرئيس أحمدي نجاد) للوصول للحكم، ما عاد على الحرس وقادته بالخير الكثير جدًّا، ودافع عنه الحرس الثوري في الثورة الخضراء التي قامت ضده (2009)، وحافظ عليه في منصبه كرئيس. ومع صعود روحاني إلى الحكم تغيرت بعض الأمور ولم يتغير الباقي.
الحرس الذي يصل عدده وفقًا لبعض التقديرات لـ 350 ألف فرد، ووفقًا لأصحّ التقارير يصل لـ 120 ألفًا، يتلقى أوامره من المرشد رأسًا ولا يخضع لأية رقابة من أي نوع، ويتم تنصيب جنرالاته بواسطة خامنئي شخصيًّا. رجال الدين يسيطرون على كل المؤسسات السياسية في إيران كما هو معلوم، ووفقًا لبعض التحليلات الجهاز الوحيد الذي يُبقي لهم سلطتهم بالفعل هو الحرس الثوري، يصف البعض العلاقة بينهما بالمتبادلة.
استطاع الجهاز أن يطور نفسه، عبر تفريخ رجال سياسة من أفراده، بعد سنٍّ معينة يتوجه بعض القيادات إلى السياسة ويمارسونها، ما ضمن للجهاز قوةً سياسية لا يستهان بها في جمع أماكن السلطة في إيران تقريبًا. يصفه البعض بالجهاز الفاسد الذي يسيطر على مقدرات البلاد، ووفقًا للكاتب الإيراني علي نوري زاده يسيطر الجهاز على 40% من مقدرات البلاد ومفاصل الدولة. تحوَّل الحرس الثوري من حارس للثورة لحارس للمرشد، لقد تحوَّل إلى وحش كبير، لا يقتصر عمله على الأمور العسكرية فقط وإنما يتولى أمورًا أمنية داخلية واستخباراتية خارجية، ومشروعات اقتصادية لا يحظى بها غيره أصلًا!
يحظى الحرس الثوري الإيراني بـ 43% من ميزانية وزارة الدفاع، في حين أن عدد أفراده أقلّ ثلاث مرات من الجيش الرسمي. هذا علاوة على الإمبراطورية الاقتصادية التي يرعاها!
آية الله، والحماية المطلقة -وفقًا للقانون يحظر على البرلمان ممارسة أي رقابة على الهيئات التي تتبع للمرشد الأعلى. لقد طور خامنئي النظام الذي دشنه سلفُهُ المبجَّل آية الله الخميني، ما يُظهر أنهُ أقوى من الخميني بالفعل، فخيوط السياسة الإيرانية الآن في يديه أكثر مما كانت في يد الخميني. كان الخميني قد عين عددًا من الأفراد لإدارة مكتبه بينما يتجاوز عدد العاملين في مكتب المرشد الحالي 500 فرد موزعين في كل المؤسسات والجمعيات التابعة له أو التي تخضع له. (بالطبع الحرس الثوري يخضع للمرشد رأسًا وبهذا يتمتع بحمايته، فيما يحمي هو المرشد كذلك).يمكن لنشرح كيف أن المرشد لا أحدٌ يستطيع محاسبته أن نذكر قصة «ستاد إجرايي فرمان حضرت إمام: هيئة تنفيذ أوامر الإمام, ». كان الخميني قد أنشأها لإدارة وبيع العقارات التي تركها مالكوها في سنوات الفوضى التي أعقبت الثورة الإسلامية وتوزيع هذه الأموال على الفقراء ومصابي الحروب. لم يكن مخططًا لتلك المؤسسة أن تعمل لأكثر من سنتين، لكنّ خليفة الخميني علي خامنئي جعل لها دورًا آخر، أعمق وأكبر وأكثر تأثيرًا بشكلٍ لم يكن يمكن توقُّعُه. المعلومات الخاصة بمؤسسة «ستاد» ليست مُتاحة بسهولة ومحاطة بالسرية الكاملة. وكالة رويترز قامت بعمل تحقيق كبير تتحدث فيه عن تلك المؤسسة، والمعلومات الواردة عن تلك المؤسسة تعتمد بشكل أساسي على هذا التحقيق.
بدأت «ستاد» في العمل بالسيطرة على آلاف العقارات، بل والاستيلاء عليها من أهلها الذين غالبًا ما يكونون أبناء أقلية دينية أو حتى شيعة ينتمون لطبقة رجال الأعمال يعيشون في الخارج.أصبحت تلك المؤسسة التي تخضع ليد المرشد وحدهُ إحدى كبرى الهيئات وأقواها في إيران وتقدَّر أصولها بـ 95 مليار دولار وفقًا لتحقيق رويترز المنشور منذ سنتين. تمتد أيادي الهيئة إلى جميع القطاعات تقريبًا في إيران من صناعة النفط إلى الاتصالات وحتى تربية النَّعام وإنتاج حبوب منع الحمل. يجدر الذكر أن أمريكا كانت قد فرضت عقوبات على الهيئة و37 شركة تسيطر عليها ستاد، وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكة تدر شركات الهيئة دخلًا سنويًّا بمليارات الدولارات. بالطبع سيتم رفع هذه العقوبات عن الهيئة بعد الاتفاق النووي الإيراني، ما يعني نفوذًا اقتصاديًّا أكبر لاحقًا.وهكذا تتخفَّى الهيئة بأعمالها الخيرية للفقراء وقدماء المحاربين وغيرها من الأنشطة الخيرية بالفعل، لتقوم بأعمال اقتصادية أكبر بكثير من دورها الذي رسمه لها الخميني، لكنّ خامنئي كان لهُ رأيٌ ودورٌ آخر!
اقتصادياتٌ هائلة – تشير تقديرات إلى أن إجمالي المبالغ التي حققها الحرس الثوري العام الماضي من 10 – 12 مليار دولار. وهو ما يُشَكِّل سدس الناتج المحلي الإجمالي لإيران.كانت وزارة الخزانة الأمريكية قد اتهمت شركة النفط الوطنية في إيران أنها ستار للحرس الثوري الإيراني، مُدلَّلةً على ذلك باختيار رستم قاسمي وزيرًا للنفط في إيران عام 2011، وهو أحد القادة والكوادر السابقين في الحرس الثوري. بالطبع كان هذا قبل الاتفاق النووي. ماذا يملك الحرس الثوري أيضًا؟تنتشر شركات الحرس الثوري في كل المجالات تقريبًا، بدايةً من النفط والغاز وحتى البنى التحتية والإنشاءات والطرق والاتصالات… إلخ.يرفض المسؤولون الإيرانيون الكشف عن المعلومات الاقتصادية الخاصة بالحرس الثوري، ولكن 12 مليار دولار أرباحًا تشكل سدس الناتج الإجمالي المحلي لإيران. ويسيطر الحرس الثوري على الشركات الكبرى وقطاعات الأعمال في إيران كالسياحة والنقل والطاقة والبناء والاتصالات.في 2009 خرجت مظاهرات تندد بعمليات التزوير في الانتخابات التي فاز فيها أحمدي نجاد (أحد أعضاء الحرس الثوري السابقين) استطاع الحرس الثوري قمعها، وفي تلك السنة – وكجزاء له على ذلك– اشترت شركة تابعة للحرس شركة اتصالات مملوكة للدولة في صفقة بلغت 8 مليار دولار!مع فرض العقوبات الغربية على إيران خرجت شركات نفط كبيرة من السوق الإيراني، بالطبع كانت أطلال العقود مع هذه الشركات في قبضة الحرس الثوري. حينها منحت الحكومة الحرس الثوري عقودًا ضخمة دون مناقصات.
شركة خاتم الأنبياء: أو كيف يعمل الحرس الثوري بحنكة؟بداية التأسيس للإمبراطورية الاقتصادية للحرس الثوري كانت بعد الحرب العراقية– الإيرانية. فقد عاد الحرس ليسيطر على المصانع وهيئة إعادة الإعمار وقام بعشرات المشاريع، ومن هذه البؤرة انبثقت الشركة العملاقة: «خاتم الأنبياء».بين 1990 و 2007 قادت مؤسسة خاتم الأنبياء 1220 مشروعًا حكوميًّا. وتعتبر هذه المؤسسة هي المؤسسة الأمّ التي تتبعها 812 شركة أخرى. ونجمل الحديث عنها في نقاط:تأسست تلك المؤسسة بالتحديد عام 1988، بهدف استخدام الآليات المتبقية من الحرب وإعادة إعمار المناطق المنكوبة.ليست هذه هي المؤسسة الوحيدة، وإنما هي المؤسسة الأكبر التي ترتبط بالحرس الثوري. وهناك حوالي 15 شركة كبرى أخرى على علاقة بالحرس الثوري. وكانت شركة خاتم الأنبياء على رأس المؤسسات الموقع عليها عقوبات غربية.المدنيون العاملون في بعض الصناعات التي تعمل عليها الشركة (كالبناء والتشييد) ينتمون إلى الحرس أيضًا!يعتقد الكثيرون أنها شركة الإعمار الأكبر في إيران، وهذه بعض العقود الخاصة بها: لديها عقد في أجزاء من حقل بارس الجنوبي، ولديها كذلك عقد لبناء خط مترو طهران بقيمة 1.2 مليار دولار، وعقد لمد خط أنابيب إلى باكستان قيمته 1.3 مليار دولار.بشكلٍ عام، حين تفكر شركة عالمية الدخول إلى السوق الإيراني لا بدّ من شريكٍ إيراني، وعليه يكون أول شريك متوَّقع هو شركات الحرس الثوري.تم تعيين رستم قاسمي وزيرًا للنفط عام 2011 وهو أحد قادة مؤسسة خاتم الأنبياء، ما يعطي صورة عن مدى نفوذ هذه الشركة، على الأقل في سوق النفط الذي خرج كادر منها ليصبح وزيرًا للنفط في ثاني أكبر دولة إنتاجًا للنفط في دول منظمة الأوبك، ومن المعلوم أن الحرس الثوري سيطر على قطاع النفط في عهد وزارة قاسمي.
أحمدي نجاد – بعيدًا عن الشركة، يمكن إدراك قوة ونفوذ الحرس الثوري في إيران من خلال هذه الأسماء:أحمدي نجاد أصبح رئيسًا لدورتين متتاليتين.عين نجاد لدى انتخابه خمسة وزراء في حكومته من الحرس الثوري، ثمّ أصبحوا عشرة وزراء من مجمل 25 وزارة. بينما هناك العشرات من الأعضاء السابقين بالحرس الثوري أعضاء في البرلمان الآن.علي لاريجاني الكادر بالحرس الثوري أصبح سكرتيرًا للمجلس الأعلى للأمن القومي.القائد السابق للقوات الجوية في قوات الحرس الثوري أصبح الآن عمدة طهران.القائد العام السابق محسن رضائي يشغل حاليًا منصب سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام.هذه بعض الأمثلة وهناك الكثير منها.
كيف سيستفيد الحرس الثوري من الاتفاق النووي؟«وفقت إيران إلى توقيع عقود بملياري دولار بعد التوصل للاتفاق النووي الشهر الماضي. ويتوقع الخبراء أن حجم الاستثمارات والعقود التي ستحظى بها إيران ستصل لحوالي 300 مليار دولار». *نائب وزير المالية الإيراني، محمد خزاعي, باعتبار أنَّ الحرس الثوري يخضع بشكلٍ مباشر للمرشد الأعلى وأن المرشد الأعلى يعتمدُ عليهِ بشكلٍ كبير فقد كان طبيعيًّا أن يعلن قائد الحرس الثوري بنفسه في تصريح علني أنه مع المفاوضات النووية التي بدأها الرئيس روحاني. لم يكن الموقف فقط بسبب الإذعان للمرشد وإنما لأنّ الحرس الثوري ينتظر مصالح اقتصادية هائلة من الانفتاح الاقتصادي ورفع العقوبات. فسيكون على الشركات الأجنبية البحث عن شريك إيراني داخل إيران وسيكون الحرس الثوري أول وجهة للشركات الأجنبية. ومن ناحية رفع العقوبات سيتيح للحرس الثوري التحرك في مساحات اقتصادية جديدة لم يدخلها من قبل.وفقًا لوكالة رويترز سترفع العقوبات عن العديد من شركات الحرس الثوري وشخصيات قيادية به أيضًا، بينما ستنتظر بعض الشركات والمؤسسات لثماني سنوات أخرى حتى ترفع من عليها العقوبات حين يتم تنفيذ الاتفاق كاملًا. سترفع العقوبات عن العشرات من الشركات التابعة للحرس الثوري. ووفقًا لوكالة رويترز فسيشطب – وفقًا لنص الاتفاق النووي– نحو 90 مسؤولًا حاليًا وسباقًا في الحرس الثوري وكيانات مثل الحرس الثوري نفسه وشركات قامت بمعاملات لحساب الحرس من العقوبات.
خاتمة: من يراقب الحرس الثوري؟العلاقة المركَّبة والمُربكة بين الحرس الثوري وبين المطبخ السياسي الإيراني يتركهُ بلا سلطة رقابية عليه. المرشد يحتاجه للحفاظ عليه هذا من ناحية، وهو يحتاج المرشد ليظلّ تحت حمايته من أيّ رقابة. هذا بالنسبة للمرشد، أما بالنسبة للسياسيين الإيرانيين فنصفهم على التقريب (في السلطة التنفيذية والتشريعية معًا) كانوا أعضاءً سابقين بالحرس الثوري الإيراني. ينطلق الحرس الثوري لفرض الأمن داخليًّا من خلال قوات الباسيج (التي يمكن في أوقات التعبئة أن تصل لـ 10 مليون فرد) بينما يتحرك خارجيًّا من خلال فيلق القدس وقائده قاسم سليماني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، هنا يمكن السؤال عن مدى احتياج إيران كدولة لقوة الحرس الثوري الذي يقوم بمهمات خارجية لا يستطيع الجيش التقليدي القيام بها؟ كل هذا وهو يمتلك إمبراطورية اقتصادية لا يحكمها أحد ولا تخضع لرقابة مؤسسية، ويحميها المرشد بنفسه في علاقة تبادلية من الحماية، بينما يخرج الحرس الثوري بـ 12 مليار أرباح سنوية يظلّ الفقراء الذين دفعوا دماءهم ليصل هؤلاء للسلطة لا يستفيدون من الـ 12 مليار بتومان إيراني واحد!