17 نوفمبر، 2024 2:23 م
Search
Close this search box.

مافتأت امريكا لاتنوي انهاء توسع وهيمنة ايران بالعراق

مافتأت امريكا لاتنوي انهاء توسع وهيمنة ايران بالعراق

بغداد تواجه صراعا على السلطة وهي ممزقة بين التأثير العربي من الغرب والثيوقراطية المتشددة من الشرق

“المرشد الأعلى الإيراني في بلاد فارس القديمة، أرسل جنراله إلى بغداد للمشاركة في عمل عسكري سرّي بغية السيطرة على الحكومة. كان هذا الجنرال يعتبر بطلا في بلاده، فلطالما عُرف برباطة جأشه وكفاءته وطبعه الهادئ وتواضعه، وعدم تطلعه للجاه أو المال. كان وجوده يرعب القادة العرب، لكن اغتياله المفاجئ أضيف إلى فصول التاريخ الطويل من العنف الدموي التي تشهده المنطقة”.

يتبادر إلى الذهن أن هذه الواقعة هي حادثة اغتيال الجنرال قاسم سليماني في كانون الثاني/ يناير 2020 في مطار بغداد، إلا أن المقصود هو الفضل بن سهل، وهو وزير فارسي خدم الخليفة المأمون، اغتيل في سنة 818 ميلادي.

واغتيال كل من الفضل والجنرال الإيراني قاسم سليماني لم يكن بالطريقة نفسها، حيث قتل سليماني بهجوم نفذته طائرة مسيرة أمريكية، في حين شاع أن مقتل الفضل كان عملا داخليا. لكن كلا الحادثتين توضحان التاريخ الواسع والعنيف للتأثير الفارسي والإيراني على العراق الحديث.

لطالما حاولت الإمبراطوريات الخارجية على مر العصور بسط نفوذها على المنطقة، من المغول إلى البريطانيين، في حين استمر الصراع بين العرب السنة والشيعة. قد يكون للولايات المتحدة أقوى جيش في العالم على الإطلاق، ولكن ليس هناك ما يشير إلى أنها قادرة على تغيير هذا النمط.

وهذا النموذج من الصراع الداخلي والتأثير الخارجي الفاشل يعزى إلى الجغرافيا. بينما كانت الإمبراطوريات تسعى لفرض سيطرتها على بعد مئات أو آلاف الأميال، فإن هذه الثقافات والطوائف الدينية كانت موجودة جنبا إلى جنب، واختلط بعضها مع بعض لآلاف السنين.

أن الأمر أشبه بعمل الصين على التأثير على العلاقة بين الولايات المتحدة وكندا. حتى لو كان الجيش الأمريكي أقل قوة وكان عدد سكان الولايات المتحدة أقل، فسيظل هذا الأمر يمثل تحديا لوجستيا وماليا ضخما بالنسبة للصين، التي تقع في الجانب الآخر من العالم.

و الولايات المتحدة ببساطة لا تملك الموارد اللازمة للحد من النفوذ الإيراني في العراق، فلا تزال نظرية مكافحة التمرد علما جديدا وغير مستقر نسبيا. ولكنْ، هناك إجماع عام على أن ما لا يقل عن 20 من قوات مكافحة التمرد لكل ألف نسمة مطلوبة للسيطرة على التمرد. بالنسبة للسكان العراقيين الذين يزيد عددهم عن 38 مليون نسمة، سيتطلب ذلك 768 ألف شخص لمكافحة التمرد، وهو عدد يفوق الجيش في الخدمة الفعلية وقوات مشاة البحرية الأمريكية. بالنسبة لإيران، ستحتاج إلى قوة عسكرية تتكون من 1.6 مليون عنصر، أي ما يعادل القوة الإجمالية الفعلية للجيوش الأمريكية والبريطانية والألمانية.

وأن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى مواجهة النفوذ الإيراني في بغداد لتلبية متطلبات الأمن القومي. فيما يتعلق بالشرق الأوسط، تدور اهتمامات الولايات المتحدة حول منع الهجمات الإرهابية ضدها وحماية الممرات الحيوية للتجارة، لاسيما تلك المرتبطة بقطاع الطاقة، وأفضل وسيلة لحماية هذه المصالح، هي تحسين علاقات الولايات المتحدة مع اللاعبين الإقليميين والعمل على الحد من الصراعات.

على الرغم من أن إيران تقدم الدعم للجماعات الإرهابية، إلا أن انتشارها لا يتعدى حدود المنطقة، وانسحاب القوات الأمريكية من العراق وسوريا سيقلل إلى حد كبير من المخاطر التي تشكلها هذه الجماعات على حياة الأمريكيين. من ناحية أخرى، إن المنظمات السنية المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، التي تحظى بدعم كبير من العالم العربي، تشكل خطرا أكبر على المصالح الأمريكية.

و أنه يتعين على الولايات المتحدة التفكير بتمعّن في الهدف من تقليص النفوذ الإيراني في العراق ومصلحتها من ذلك؛ فالعراق ليس ذا أهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة ولم يكن كذلك على الإطلاق. ومن بين النتائج الثانوية للإطاحة بصدام حسين، الإخلال بموازين القوى وخلق فرص للتوسع الإيراني. في نهاية المطاف، لا تزال الولاية المتحدة تواجه المشكلة نفسها في العراق، وهو ما يعني أن أهدافها الأيديولوجية النبيلة لا يمكن تحقيقها، ومن ثم الاستمرار في خسارة الأرواح والموارد على الصراع السني الشيعي الذي لا يمكن حله.

 

بدأت حرب الإستشارات الخاطئة بين العراق وإيران قتل بسببها أكثر من مليوني شاب من الطرفين وأبيدت وإستبدلت خرائط مدن وتغيرت على أثرها خريطة الشرق الأوسط.. في العراق بعد عام ١٩٨٨ بدأت الحكومة العراقية تعد العدة لعودتها إلى المنظومة الإقليمية بحذر وهدوء علني لكن بقوة ماأفقدها خاصية المراوغة التي إتصف بها الإيرانيون ..فوقع العراق في أول فخ نصب له بينما إستمرت إيران بإرتداء ونزع أقنعة متعددة مع دول المنطقة حسبما تقتضيه الحاجة..إيران إستمرت بإعادة قواتها وتعوبض خسائرها بينما كبل العراق بحصار جراء غزوه الكويت في عام ١٩٩٠ كان السبب الأساس لإحتلال بغداد وهيمنة الإحتلال الأميركي ..الآن جاءت الفرصة التي لاتعوض لاحتلال العراق من إيران بعد عام ٢٠٠٣ مهما كانت التسميات والتوصيفات، بات من المهم أن يكون القرار السياسي العراقي مكملا للقرار الإيراني كما يقر بذلك أحد أهم أقطاب الحكومة الإيرانية ..

أما العمل مع من وتحت رقابة من فهذا الأمر لايهم الإيرانيين لأنهم إحتلوا العراق تحت العباءة الأمريكية الغبية..لايمكن إذن لإيران أن تقبل بدولة منافسة لها في العراق لأي سبب فلديها حساب عسير تريد أن تصفيه أولا مع بقايا السلطة السابقة كي لا يفكر أحد مرة أخرى بها وهي مهزومة! أما من ساند ودعم العراقيين في تصديهم للعدوان الإيراني (١٩٨٠-١٩٨٨) فلهم معه حساب آخر كما ظهر واضحا من الورطة الكبيرة لدول مجلس التعاون الخليجي وهي تخوض حربا بلا جدوى ضد الحوثيين أو ما يسمى بسرايا إيران المتقدمة في اليمن.. فلسفة الإنتقام عند النظام الإيراني ليست نظريات أو أمنيات أو توقعات بل جزء مهم من سياسة التولية لكل رئيس جديد وهو يأخذ الإذن والمباركة من المرشد الأعلى خامنئي في أول يوم ينصب به رئيسا للإمبراطورية الدينية في إيران.. وهو مطابق جدا لما يحدث في العراق..

فمؤيدو إيران وسياستها داخل الحكومة العراقية ومجلس النواب كثيرون وإنتهوا تقريبا من تنفيذ الصفحة الأولى المهمة جدا وهي الحكم داخل الحكم أو السلطة داخل السلطة! لكن الأمور بدأت تتوضح للفرقاء الموالين لإيران بأنهم وقعوا ضحايا للعبة خبيثة ينفذها لاعبون محترفون ومدربون جيدا بحجة التصدي لداعش والدفاع عن المقدسات في سوريا والعراق،بعد أن توضحت صورة المشاركة الإيرانية بقيام عدد من المسؤولين الإيرانيين المكلفين بهذه المهمة بزج العراقيين الموالين لهم في معارك بعيدة عن بلادهم كان من المفترض أن يتم الإتفاق عليها مسبقا وهو ما أثار حفيظة عدد من الفصائل الشيعية التي تأخذ أوامرها من السفير الإيراني في العراق لأن يد إيران بعد أن أغرقت العراق بطوفان ثأري وانتقامي من الدم لمن تصدى لها ووقف متحديا لمطامعها أخذت تفكر بأمر آخر وهو السيطرة على المرجعية الشيعية في النجف الأشرف وكربلاء والعودة الى حلم الفرس القديم بنقل مركز الحوزة الى قم وهو ماسيجعل أقرب المقربين لنظام ولاية الفقيه أن يحمل فأسه ويحطم جدران متحف الثأر الإيراني مهما كان ولاؤه..

وبعيدا عن التسميات فإن أحد أهم الفصائل الموالية لإيران بدأ ينقلب تدريجيا عليها لأن الخطر الإيراني ليست له علاقة بما يجري من أحداث في المنطقة بل فلسفة وعقيدة مكتوبة ومكتملة المعالم في عقول القيادات الإيرانية سواء كانت دينية أو علمانية أو قومية فالأمر لايهم مادامت عقول السياسيين الإيرانيين تعتقد أن العراق حرر من بلاد فارس عنوة لكنهم لم يفكروا بأن هذا التحرير لم يجردهم من وطنيتهم وقوميتهم أبدا بل أزال إرث الأكاسرة وتمسكهم بالمجوسية ثم إنقلاب الشعب الإيراني من عبادة النار الى عبادة الله الواحد الاحد .. أما إذا ظل الإيرانيون ينظرون إلى العراق كقطعة أثرية دسمة في متحفهم فإنهم واهمون جدا.. لأن من سيقطع الذراع التي تمتد على العراق من الشرق هم شيعة العراق أولا وأخيراً.

 

واجهت العلاقات الأمريكية العراقية تقلبات كثيرة، خاصة بعد شروع الولايات المتحدة في تخفيض أعداد القوات الأمريكية في العراق بدءًا من عام 2011، كما تأثرت العلاقات أيضًا تبعًا لتوجهات الإدارات الأمريكية المتعاقبة خاصة منذ ولاية الرئيس “باراك أوباما” الأولى. وفي هذا الإطار، أصدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) تقريرًا أعده منقذ داغر، بعنوان: “العلاقات الأمريكية العراقية: شراكة صحية لا غنى عنها”، يُسلِّط فيه الضوء على مستقبل العلاقات الأمريكية العراقية في ظل إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، وكيفية تجنب أخطاء الماضي؛ لتأسيس العلاقات على أسس جديدة تحافظ على استقرار وسيادة العراق، وتحمي المصالح الأمريكية في المنطقة.

ألقى التقرير الضوء على الإشكالية التي تواجه العلاقات الأمريكية العراقية، موضحًا أن الخلل في العلاقات مع العراق ناتج عن غياب تعريف واضح لما تحتاجه الولايات المتحدة من العراق بعد مرور 18 عامًا على الغزو الأمريكي لأراضيه، وما تحتاجه بغداد من واشنطن، مؤكدًا أن غموض السياسة الأمريكية تجاه العراق وموقع الأخيرة في أولويات السياسة الخارجية، سيشكل خطرًا يساهم في استمرار إيران كأكبر تهديد للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.

وأكد التقرير أن أحد الأخطاء الاستراتيجية الرئيسية التي ارتكبتها الإدارات الأمريكية السابقة هو النظر إلى العراق كساحة للتنافس مع إيران، وتطبيق سياسة “إما معنا أو ضدنا”، وينتقد التقرير استمرار رؤية العراق للولايات المتحدة كمحتل – من وجهة نظر الكاتب -، لأن القضية الأساسية هي ما يعانيه النظام السياسي الحالي في العراق من عيوب هيكلية ووظيفية، أبرزها تدني الثقة الاجتماعية والثقة في المؤسسات بسبب التوترات الاجتماعية والسياسية المختلفة على مدى العقود القليلة الماضية.

وبناء على ذلك، يلفت التقرير الانتباه إلى أهمية التفكير في مراجعة العلاقات بين البلدين وتأسيس شراكة استراتيجية حقيقية، واتباع الولايات المتحدة نهجًا مختلفًا للتعامل مع الوضع في العراق خاصة مع تولي إدارة جديدة، في ظل استمرار أهمية العراق كدولة محورية في الشرق الأوسط؛ وذلك لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة.

أهمية العراق لواشنطن

رصد التقرير 3 أسباب رئيسية تجعل العراق ذا أهمية كبيرة للولايات المتحدة، والتي تتمثل فيما يلي:

أولًا- استمرار تهديد تنظيم “داعش”: فرغم هزيمته إلا أن هناك بؤرًا لا تزال نشطة، بدليل قيام فلول التنظيم بشنّ هجمات إرهابية متفرقة، سواء على الوحدات الأمنية أو على المواطنين؛ لإثارة حالة من الخوف والاضطراب. ووفقًا لوزارة الدفاع الأمريكية شنّ التنظيم أكثر من 400 هجوم في الربع الأول من العام الماضي 2020. وفي هذا الشأن، أكَّد التقرير أن هذا التهديد يفرض على بغداد وواشنطن التعاون لتحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية الهشة في العراق، والتي ساهمت في عودة ظهوره، مما يجعل العراق ملاذًا آمنًا وأرضًا خصبة للإرهابيين. وقد أظهر استطلاع للرأي أن نسبة الأشخاص الذين قد ينضمون إلى تنظيم “داعش” قفزت من 2٪ في ديسمبر 2017 إلى 5٪ في ديسمبر 2020، مما يتطلب أن تدرك كل من الولايات المتحدة والعراق أنه لا يمكن هزيمة “داعش” والمتطرفين الآخرين بدون التعاون ومساعدة القبائل المحلية وسكان المناطق التي احتلها “داعش” سابقًا.

ثانيًا- هيمنة إيران والدول المعادية على العراق: أوضح التقرير أن من أبرز تداعيات غزو العراق الفراغ السياسي الذي سعى العديد من الفاعليين الإقليميين والدوليين لملئه، مما حوّل العراق إلى ساحة للتنافس والصراع بين مختلف القوى الإقليمية والدولية، خاصة خلال إدارة الرئيس الأسبق “باراك أوباما”، مؤكِّدًا أن توجيه الاهتمام الأمريكي إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والحروب الفاشلة في أفغانستان والعراق؛ ساهم في إبعاد واشنطن عن شركائها الإقليميين المعتدلين في الشرق الأوسط.

وأشار التقرير إلى أن هذا الأمر أدى إلى تنامي الدور الروسي في المنطقة، فضلًا عن تصاعد دور الصين، عبر إطلاق مبادرة “الحزام والطريق” التي ضمت العديد من دول الشرق الأوسط، فضلًا عن تعاظم النفوذ الإيراني في سوريا واليمن والعراق، والذي ألحق الضرر بالتوازن الاستراتيجي والاستقرار في المنطقة. فقد أصبحت إيران اللاعب الرئيسي في سوريا واليمن والعراق، حيث شكّلت طهران من 60 إلى 100 مليشيا مسلحة منذ عام 2010 في العراق، يقدَّر عدد الأفراد بها من 81 – 84 ألفًا. وفي دراسات أخرى تقدر عدد الأفراد في هذه المليشيات بأكثر من 120 ألفًا.

ثالثًا- دور العراق في سوق الطاقة العالمية: رغم تراجع أهمية النفط العراقي لواشنطن في ضوء الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط الصخري الأمريكي، وانخفاض وارداتها من النفط (أصبح النفط العراقي لا يشكل سوى 5% من وارداتها)، إلا أن العراق لا يزال يُعد سادس أكبر منتج للنفط في العالم، وثاني أكبر مصدِّر للنفط في أوبك، وبالتالي فإن الاحتمالات المتعلقة بتوقف إنتاجه أو منعه من الوصول لسوق الطاقة العالمي يُنذر بأزمة كبيرة للاقتصاد العالمي.

استراتيجية أمريكية جديدة

اقترح التقرير عند وضع استراتيجية أمريكية جديدة للتعامل مع العراق، التركيز على ثلاثة قطاعات رئيسية، يمكن رصدها فيما يلي:

أولًا- الأمن: ينفق العراق من 9٪-11٪ من الناتج المحلي الإجمالي على قواته العسكرية سنويًا، وهذا يجعله من بين أكبر دول العالم في الإنفاق العسكري. ففي عام 2019 أنفق العراق حوالي 20 مليار دولار على قطاع الأمن والدفاع، ويخطط لإنفاق نفس المبلغ تقريبًا في عام 2021، وقد ساعد ذلك على هزيمة “داعش”، واستعادة الجيش العراقي وقوات الأمن ثقة الكثير من المواطنين. وأكَّد التقرير أنه بالرغم من هزيمة الجيش العراقي لداعش، إلا أنه بحاجة إلى المساعدة الأمريكية حتى يصل إلى مستوى الجاهزية والمهنية التي تُمكّنه من مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، ولا سيما استمرار التهديدات المتعلقة بداعش والمليشيات الإيرانية.

كما أوصى التقرير بالحفاظ على بعض القوات الأمريكية في العراق لاستعادة الأمن، لأن قرار الرئيس السابق “ترامب” بتخفيض الوجود الأمريكي في العراق، لا يعني أن قوات الأمن العراقية أصبحت قادرة على القيام بعمليات مستقلة بمفردها ضد فلول “داعش”، بل تحتاج القوات العراقية إلى المساعدة في مجالات المراقبة الجوية والاستخبارات والتدريب.

ثانيًا- استقرار النظام السياسي في العراق: أكد التقرير أن الانتخابات أصبحت حجر الزاوية الأساسي للنظام السياسي في العراق بعد عام 2003، فقد ذهب العراقيون إلى صناديق الاقتراع 6 مرات، بما في ذلك التصويت على دستور 2005. وبالرغم من ذلك تراجعت نسبة المشاركة في الانتخابات من 80% إلى 29% في آخر انتخابات.

وقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن العراقيين بشكل عام، والشباب على وجه الخصوص، فقدوا ثقتهم في العملية الانتخابية، وأصبحوا لا يرون فيها آلية موثوقة لتغيير المستقبل السياسي أو إيصال أصواتهم للنخب السياسية. كما أشارت الاستطلاعات أيضًا إلى توقُّع تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر إجراؤها في أكتوبر 2021، والتي دعا لها رئيس الوزراء “مصطفى الكاظمي” للاعتقاد السائد بأن الانتخابات لن تتمتع بالنزاهة والشفافية، ولعدم الثقة في السلطات، وبسبب تزايد قوة ونفوذ الميليشيات المدعومة من إيران.

وفي ضوء ذلك، أكَّد التقرير أن العراق بحاجة إلى ضمان نزاهة الانتخابات المرتقبة، لافتًا الانتباه إلى أن واشنطن يمكنها مساعدة العراق في هذا الشأن، عبر تشكيل بعثة دولية تحت إشراف الأمم المتحدة، كما أنه بإمكان جهاز المخابرات الأمريكية المساعدة في مراقبة ومنع التدخل الخارجي في الانتخابات، ويمكن نقل هذه الخبرة إلى أجهزة المخابرات العراقية.

ثالثًا- مساعدة العراق للخروج من أزمته الاقتصادية: تواجه بغداد أزمة اقتصادية راهنة بسبب تداعيات جائحة كورونا، وانخفاض أسعار النفط العالمية؛ ومن المتوقَّع استمرار تقلص معدلات النمو، وانكماش الناتج المحلي الإجمالي من النفط والقطاعات غير النفطية، مثل السياحة الدينية التي تأثرت بأزمة كورونا، وعجز الحكومة عن دفع الرواتب والأجور، حيث قدرت نسبة الأجور بـ74٪ من إجمالي النفقات المالية لعام 2020، وشهدت الموازنة المالية لعام 2021 عجزًا يُقدر بـ41,7%.

وانتقد التقرير طريقة استجابة الحكومة العراقية للأزمة الاقتصادية؛ حيث اتخذت قرارات اقتصادية تسببت في تراجع التأييد الشعبي لها، أبرزها تخفيض قيمة العملة العراقية بنحو 22٪؛ مما تسبب في زيادة معدل التضخم، ودفع كثيرًا من العراقيين تحت خط الفقر، مع ارتفاع نسبة العراقيين الذين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم إلى حوالي 35٪. ولفت التقرير الانتباه إلى احتمالية أن تتسبب الأزمة الاقتصادية في اندلاع أعمال شغب، من شأنها عرقلة مهمة الحكومة العراقية، كما أنها قد تفتح بابًا لعدم الاستقرار والفوضى، مما يرجح عودة ظهور “داعش”، واكتساب الميليشيات الموالية لإيران مزيدًا من القوة.

وفي الوقت الذي لا تستطيع فيه الإدارة الأمريكية الجديدة تقديم مساعدات اقتصادية مباشرة للعراق، في ضوء التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا؛ اقترح التقرير تقديم المساعدات من خلال الدور المحوري لواشنطن في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لضمان اتباع أفضل الممارسات في إدارة الموارد العراقية. كما أشار التقرير إلى ضرورة تقديم المساعدة للقطاع المصرفي العراقي الذي يعاني من نقص كبير في رأس المال مقارنة بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأخرى، حيث تقدر أصول القطاع إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 58٪ فقط مقارنة بـ122٪ بالمتوسط للمنطقة.

كما شدَّد التقرير على ضرورة تنفيذ الاتفاقيات التي وقَّع عليها رئيس الوزراء العراقي إبّان زيارته لواشنطن في سبتمبر 2020، والتي تُقدر بحوالي 10 مليارات دولار، فضلًا عن أهمية تنشيط اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تم توقيعها عام 2008، وخاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي.

وختامًا، أكد التقرير على خطأ الإدارة الأمريكية السابقة بتقليل التزامها تجاه العراق والشرق الأوسط، وضرورة حفاظ الولايات المتحدة على دورها في المنطقة، وضمان مستوى الردع والتأثير اللازمين لحماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية الرئيسية، بما يحقق استراتيجية الأمن القومي الأمريكي في الشرق أوسط التي تتمحور حول ثلاثة أهداف، تتمثل في ألا يكون الشرق الأوسط ملاذًا آمنًا أو أرضًا خصبة للإرهابيين، وعدم خضوع المنطقة لسيطرة أي قوة معادية للولايات المتحدة، فضلًا عن استقرار سوق الطاقة العالمية. وأكد التقرير أهمية العراق في تحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة؛ مما يوجب على الإدارة الأمريكية الجديدة اتباع نهج مختلف يحترم استقلال وسيادة العراق، ويأخذ في اعتباره العوامل الجيوسياسية والثقافية التي تؤثر على السياسة العراقية. كما طالب التقريرُ العراقيين بضرورة طرح عقد اجتماعي وسياسي جديد، يشمل جميع أصحاب المصلحة في العراق دون تدخل أو تأثير خارجي.

أحدث المقالات