ماسينيون شيخ المستشرقين يوقع رسائله التي يرسلها لبغداد وباللغه العربيه( من الفقير اليه سبحانه عبده لويس مايسنيون) موضحا حبه لبغداد والحلاج
في سلسلة التراث البغدادي كانت لنا محاضرة عن عشق وشغف وحب شيخ المستشرقين لويس ماسينيون لبغداد حيث يعتبرها من مقدسات الانسانيه ويعتبر مكان صلب شيخ الفكر الصوفي عند قبره الرمزي في منطقة المنصوريه بين علاوي الحله ومقبرة معروف الكرخي في كرخ بغداد الاقدس من بين الاماكن الموجوده في العالم ولم يرو عطشه الفكري من بغداد والكرخ والمنصوريه حتى قال البعض بأهتداء ماسينيون على يد العلامه علي الالوسي مفتي وقاضي بغداد وكان ذلك عند زيارته بغداد سنة 1908 حتى انه أقلع عن توقيع رسائله الى بغداد باسمه لويس ماسينيون وانما بتوقيع (الفقير اليه سبحانه عبده لويس ماسينيون) وباللغة العربيه التي كان يجيدها فوضع عبارة (الفقير اليه سبحانه) كانت اكثر بلاغة من العباره المستخدمه عادة وهي عبارة (الفقير لله) ووضع كلمة (عَبدهُ) قبل اسمه ( لويس ماسينيون) اذ امتدت علاقته ببغداد وبالفكر الصوفي وبالحلاج وباللغه العربيه والقرآن والاحاديث وتاريخ العرب وجميع ما يتعلق بالحضاره العربيه الاسلاميه منذ سنة 1908 حتى وفاته سنة 1962
فإذا كانت انجازات المستشرق الفرنسي جاوزت 650 مصنفا وتحقيقا وترجمة ومقالة ومحاضرة وتقريرا ونقدا ومقدمة وسيرة كانت حصة الحلاج وبغداد منها كبيره تشهد على ذلك سيرته الشخصيه والعلمية وشيوخه وأصدقاؤه وتلامذته وكان شغف ماسينيون بالتصوف والحلاج جعله يتابع أخبار بغداد خاصة قبل محاكمة الحلاج وبعد الحكم عليه وعندما سألوه عن الكيفيه التي تابع فيها كل ذلك اعترف بفضل زياراته المتكرره لبغداد من 1907 حتى 1948 حيث وجد ماسينيون أدلة وشواهد كثيره تؤيد براءة الحلاج وحتى سنة 1856 أي بعد تسعة قرون من اعدامه بداية القرن الثالث الهجري في بغداد يصدر الواعظ قديري محمد أمين في بغداد فتوى يبرئ بها ساحة الحلاج ويقول المحامي البغدادي عباس العزاوي انه التقى ماسينيون للمرة الاولى في حلقة درس العلامه علي الالوسي في مدرسة مرجان سنة 1908 ومن ذلك التاريخ بدأت العلاقه بين ماسينيون وبعض البغداديين منهم علي الالوسي ومحمود شكري الالوسي والكرملي والزهاوي والعزاوي وان رسائل ماسينيون الى بغداد ومنها أحد الرسائل الى محمود الالوسي تكشف عند بحثه عن جديد الحلاج ومأساته وقصائده ويعترف على طريقة المذنبين عندما يقول (تمسكت منذ سنين بتقوى الله وأداء فرائضه بورع حلاله وحرامه.. راجيا غفرانه الواسع..) وكان الالوسي يجيب هذه الرسائل حيث كان قاسمهما الحقيقه الحلاجيه.
ان من أبرز اللقاءات الفكريه بين ماسينيون والبغداديين ذلك المؤتمر أو المناظره التي جرت في دير الكرملين في محلة عقد النصارى قرب شارع الرشيد في رصافة بغداد بينه وبين المحامي عباس العزاوي حول التصوف والحلاج وفقهاء بغداد لا سيما ان العزاوي متأثر بموقف ابن تيميه الحنبلي المذهب من التصوف وفي نفس السته ألقى ماسينيون في قاعة الملك فيصل الاول بباب المعظم حول بغداد والثقافه وتكاد تكون علاقة ماسينيون بالعزاوي أوضح العلاقات بين هذا المستشرق والبغداديين واذا كان ماسينيون وجد في التصوف والحلاج نافده يطل منها على المحبه والعشق الالهي فأن العزاوي يرى في القائلين بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود خارج دائرة الاسلام وفي المناظره بين الاثنين يعتقد ماسينيون ان الحلاج من اهل التوحيد وداعيه العشق الالهي ولكن العزاوي يعترض وينسب الحلاج الى وحدة الوجود منها ما ورد على لسان الحلاج: جحودي لك تقديس ممن يفترق به عن أهل العقيده السوية
وحين يشكك ماسينيون بصحة الاقوال المنسوبه للحلاج يجيبه العزاوي ان العلماء لم يكونوا ممن يشتبه منهم وحين يعتذر ماسينيون عن الحلاج وان دوافع اعدامه غير موضوعيه يقول العزاوي ان ذم غلاة الصوفيه أمر متفق عليه عند الاماميه وأهل السنه والمعتدلين من الصوفيه وحين قال بعض البغداديين لماسينيون انه زار قبر الحلاج في بغداد قبل زيارته لأصدقائه قال ماسينيون أنه يحب الحلاج وأستمرت العلاقه بين ماسينيون والعزاوي عن طريق الرسائل وكان يطلب منه بعض الكتب واستمر الجدل الهادئ في موضوع التصوف والحلاج فترة طويله حتى ان العزاوي يعيب على ماسينيون ويصفه انه تحت طائلة حكم الباطن ويدافع العزاوي عن السلف وقضاة بغداد الذين حكموا بصلب الحلاج لذا فأن ماسينيون في رساله للعزاوي تقديره للوثائق التي قدمها حيث يقول ماسينيون انه يتفق مع العزاوي في رفضه لوحدة الوجود ويقول ان الحلاج ينتسب الى وحدة الشهود
وتبقى محاكمة الحلاج من أشهر المحاكمات بالتاريخ البغدادي حيث عارض القاضي التنوخي القاضي الازدي الذي كان مستعجلا في صلب الحلاج بدفع من وزير الخليفه المقتدر حامد العباس وهكذا صدر الحكم عليه ونفذ في عام 306 هج حيث ضرب ألف صوط وقطعت أطرافه وحز رأسه وعلق على جسر بغداد وجمعت أشلاؤه وتم حرقها وتم جمع الرماد وذره في نهر دجله.