«مازالت هناك مقاعد شاغرة للشهداء، في سفينة النجاة التي يتزعمها الامام الحسين (ع)، لايشغلها الا السعداء من هذه الأمة.»
عندما اندلعت الاعتصامات في مصر الحبيبة في الثلاثين من حزيران لابعاد محمد مرسي واخوانه من دفة حكم البلاد وهو مازال في سنته الاولى من الحكم أستبشرنا خيرا لتخليص شعب مصر من هذا الكابوس الطائفي السلفي الأخواني المقيت المدعوم من قبل دول الخليج وعلى رأسها السعودية، وهذا الدعم، لم يأت من صدفة، بل مخطط له منذ أمد بعيد، وبموجب أجندات سيتراتيجية من عهد ملوكها السابقين وأخص بالذكر منهم، الملك عبد العزيز ومدى علاقة حسن البنا الكردي الأصل وكبير الاخوان به، والذي كان كثيرا مايتودد لهم بتقبيل أيادي الملك.
ونسأل الله ونتمنى أن تبقى مصر آمنة ومستقرة بسرعة حسم ازاحة وانهاء ملف هذه القضية بأقرب وقت، وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي والصحيح، والعودة بمصر إلى”ربيع عربي حقيقي” قد دفع ثمنه غاليا من دماء المصريين ومصالحهم، بفضل جهاد ونضال شبابها المصريين وعدم قبولهم الضيم والذل والخنوع.
يقال أن في خير البر عاجله، وعلى الثوار في مصر أن يعوا هذه الحقيقة، لأن تدويل الثورة وأطالة عمرها يعني السماح للأجندة الخارجية بالتآمر عليها ومصادرتها كما فعل بها في الصفحة الاولى من الربيع العربي الأول المسروق، واخرى ان يستشري الإرهاب في البلاد من خلال أدامة الزخم اللوجستي والتسليحي بغطاء أن مصر ماتزال تحت وطأة الحكم الأخواني الذي يحاولون لتمديده ولو لستة أشهر أخرى، لتستطيع خلالها تسهيل أمر الشأن التسليحي الذي سيتم مع الجهات الداعمة له في الخليج ومع دول اخرى داعمة للارهاب، خاصة وأن مايجري في المنطقة والعراق من رسوخ لأذرع أخطبوط الإرهاب وهيجان وتسابق لاجراء تعديلات في الخارطة السياسية في المنطقة، سيكون سبيلا سهلا ومتاحا لوصول هذه الامدادات عن طريق الآليات المستعملة في المنطقة، إذ لا يعدو عن كونه تسابق سياسي وعسكري ولوجستي بين الأجندة الإرهابية للسيطرة على زمام الأمور في المنطقة برمتها، بل يعدو إلى ماأبعد من ذلك، وهو تعميم وتعميق الخطاب السلفي الوهابي وإلغاء جميع المذاهب الاخرى، والرجوع بالمنطقة إلى القرون الوسطى، بتبني من الدول الملكية والاميرية في الخليج، خصوصا وإن الوضع السياسي الديموقراطي الجديد في العراق أصبح يؤرق هذه الأنظمة خوفا لانتقال الموجة الاعصارية التي تدحرج كراسيهم نحو الزوال والهاوية، مضافا اليه عزم شباب الربيع في تغيير الواقع العربي من حكم وراثي إلى احكام ديموقراطية، وقد كوفح هذا العزم بشدة وقسوة أدلها الأحكام التي طالت 60 شخصا بدولة الامارات مؤخرا باحكام بالسجن وصل أمدها إلى عشرة سنوات لكل شخص، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار الصيحات التي تطلق من مواقع التواصل الاجتماعي لتحريض الشباب السني على القيام بخطوة تغيير تتبعها خطوات في الإنقلاب والثورة على الأنظمة الملكية والاميرية للقضاء على أنظمتها الوراثية إلى أنظمة ديموقراطية، ولكن سرعان ماقامت السعودية بتبني الثورة العربية المضادة لإجهاض هذه الثورات بمجرد بزوغ فجرها الأول متناسية بذلك الجهود والتضحيات التي قدمتها تلك الشعوب لانتصار تلك الثورات بما بذلت فيه العالي والرخيص من أجل انجاحها على شكل ربيع عربي يحقق آمال الشعوب العربية، ولكنه سرعان ماتحول إلى ربيع عربي مسروق ومدلس بتأثير الثورة العربية المضادة التي قادتها السعودية تؤازرها قطر في ذلك ، وعلى المستوى الداخلي قامت السعودية ومعها دول الخليج بالأغداق في صرف أموال طائلة على شكل مساعدات ومكرمات وهبات كرشاوي لإسكات الأفواه، وفعلا هدأت الأمور بفضل هذه الرشاوي، وبذلك نقول: “إذا ملأت الأفواه الكبيرة ضاعت الأصوات المدوية”، وأزيد على ذلك انه إذا اقتضى الأمر اسكات الأفواه، بعامل آخر غير عامل الرشا، كالقيام بأعمال إرهابية تربك الوضع في هذه البلدان فلا يتأخرون لحظة عن تنفيذ ذلك من أجل سلامة كراسيهم وبقاءهم في السلطة، كيف ولا وهم أصحاب ومصدر هذا الفن الخسيس الذي ينهش المنطقة، وفي العراق خاصة منذ عشرة سنوات، تلتها في ذلك سوريا منذ اكثر من سنتين.
الذي يؤرقنا الآن هو ولاسمح الله اجهاض الثورة المصرية وابقاء مصر في قبضة الاخوان حينئذ سيقومون بتأهيل جميع إمكانيات الدولة المصرية لتوحيد خطاب المرجعية الوهابية السلفية على مستوى المنطقة والعالم مستغلين بذلك نفوذهم السلطوي، تيمنا بما حدت في داخل دول التعاون الخليجي بتوحيد هذا الخطاب على غرار المرجعية الشيعية، وإن تصريحات “العجمي الكويتي” تعتبر سابقة خطيرة في توحيد هذا الخطاب وأمر يدعو إلى وقفة من حيث ان خطاب هذا الرجل كان بحق خطاب طائفي عدائي سلفي ضد طائفة الشيعة بالاشارة إلى قمع الشيعة في البحرين والشرقية السعودية.
ومايزيد في قلقنا أيضا، كما أقلقنا قبل هذا هو تدخل السعودية وقطر السافرين لدعم المقاومة المسلحة الإرهابية في سورية، والأمر الأكثر تعقيدا في القلق الذي يصب في خوض توحيد دول التعاون الخليجي هو ذلك البيان المشؤوم الذي حمل بين طياته إعلان اعتبار حزب الله حركة إرهابية كبادرة منهم لتوحيد الخطاب، ردا على المحفل الدولي الذي اعتبر بما يسمى بجبهة النصرة السلفية المسلحة في سوريا إرهابية.
والأمر الآخر الذي سيؤرقنا في حال نجاح هذه الثورة المباركة ان تسرق مرة أخرى على غرار ماجرى للربيع العربي المصري الأول، ونأمل أن يتبدد هذا الأرق إذا ادركنا “أن المؤمن لايلدغ من جحر مرتين”.
إذا سقط نظام الرئيس محمد مرسي واخوانه وهو مازال في سنتة الاولى بعد بناء سلفي وهابي أموي دام 80 سنة، فهذا يعني ان الانتصار يعتبر الأكبر في حياة مصر السياسية والفكرية وانتصار للوسطية المصرية التي تعتبر أهم سمة من سمات مصر الحديثة التي نالت بها لقب أم الدنيا، وهذا الانتصار لايعني بأي حال من الأحوال على أنه انتصار للارادة المصرية فحسب فهو انتصار أيضا لجميع دول الربيع العربي وانتصارا للحق على الباطل وانتصار للحياد العالمي والاسلامي، وانتصار للانسانية جميعا.
وأكبر ماخسرته مصر خلال حكم محمد مرسي، هو خروج مصر من الحياد -وبشكل غير رسمي- الذي كانت مصر من مؤسسيه، وقد خرجت منه مصر على يد هذا النظام السلفي ذا الوجه المكبوت، الذي قام وخلال سنة أيضا من ارتكاب عدة أخطاء مفصلية على المستوى الداخلي والمناطقي والعالمي، ونحن لسنا بصدد الوقوف على جميع الأخطاء التي ارتكبها الرئيس، ولكن المنطق يوجب علينا ان نعرج على قضية قطع العلاقات المصرية الدبلوماسية مع سوريا، والابقاء على سفارة الكيان الصهيوني قائمة وهذه واحدة من بوادر الانحياز وخيانة الأمة، سبقها موقف مصري اخواني منحاز آخر للوقوف مع مايسمى بجبهة النصرة الإرهابية ومساندتها، بحيث عاثت هذه الجبهة وقتلت الناس ذبحا وعلى الهوية واكلت أحشائهم وهم احياء، وخربت في سوريا منذ اكثر من سنتين ما لايمكن أحصاؤه، والحديث يطول وذا شجون.
الأمر الآخر الأكثر خطورة وخسة في تاريخ مصر والذي يندى له جبين الانسانية هو مقتل الشيخ الدكتور العلامة الشيعي حسن شحاتة مع أربعة من اصحابه بسابقة لم تكن معهودة في العالم العربي والاسلامي- إلا في العهد الأموي- استشهد على أثرها الدكتور حسن شحاته واصحابه، واستشهد مغصوبا وغدرا وهو قرير العين لما سيحدث من يعده لمصر.
وكيف لايستشهد العلامة حسن شحاتة وقد أشرف وزير الاعلام المصري الأخواني صلاح عبد المقصود على التخطيط للجريمة بنفسه، وبمباركة رأس النظام واخوانه على مرأى ومسمع جميع أنحاء العالم.
(وكان من نتائج أستشهاده رضوان الله عليه على المستوى الداخلي لمصر، أن النخب والطبقة المثقفة المصرية تشتري جميع كتب الشيعة من المكتبات لتتعرف على المذهب الجعفري أكثر، وتوقعات بتزايد حالات التشيع في مصر بعد مقتل شحاته.
وذكرت القاهرة رويترز: ان المكتبات المصرية شهدت اقبالا شديدا على شراء الكتب الشيعية التي تتحدث عن المذهب الجعفري, خلال الأيام القليلة الماضية بعد مقتل زعيم شيعة مصر الشيخ حسن شحاته.
ومن المتوقع أن يتشيع الكثير من الشعب المصري بعد مقتل زعيم شيعة مصر, وتأكد لهم الأن إن الشيعة هم مسلمين مذهبهم جعفري نسبة إلى حفيد النبي محمد “ص” جعفر بن محمد الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي بن الإمام الحسين سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (ص), وشعب مصر 90 % منه يعشق سيدنا الحسين ويكره قاتله الزنديق يزيد -شارب الخمر الزاني في المحارم- بن معاوية الخبيث بن أبو سفيان الذي كان أشد الكفار حقداً على الإسلام وعلى النبي محمد “ص” في البعثة النبوية وأمهم هند آكلة الأكباد شاربة الخمر بائعة الهوى.
ومكتبة في حي الحسين الشهير,صاحبها يدعى حسين قال أنا شيعي وأنتميت الى مذهب أهل البيت(ع) عام 1999 بعد أن وجدت أنه مذهب الشيعة هو مذهب الحق والإسلام الصحيح وهو الذي يسير على سنة النبي محمد”ص” وغيرهم يسيرون على سنة معاوية بن آكلة الأكباد الفاسق بن الفسقة.
وأكد أنه تأثر بما طرحه الشيخ الشهيد حسن شحاته في “روز اليوسف” عام 1996 وحينها تحدى كل علماء المسلمين أن يثبتوا إسلام معاوية أو يثبتوا أنه فعلاً كان كاتباً للوحي.
وأضاف حسب المصادر الصحيحة وأمهات الكتب التي لم تُكتب في العصر الأموي الفاسد تيقنا إن معاوية كان كافراً وأبيه كان كذلك وأمه هند أيضاً وابنه يزيد.
وتابع في حديثه وقال: إن كذبة “كاتب الوحي” هي من إفتراءات وأكاذيب معاوية نفسه أطلقها في حكومته وكتبها عن لسانه وزير إعلام البلاط الاموي الفاسد وقام بدوره إعلام السلطة بنشرها ومن ثم توثيقها في كتب ومجلدات واليوم السذج من القوم يصدقون بها.
وأكد حسين إن الشعب المصري بطبيعته شعب فاطمي يعشق آل البيت” فاطمة وعلي والحسن والحسين وزينب” ودليل كلامي هذا إن هذه الأسماء هي الأكثر تداولاً وتسميةً في مصر, وقادم الأيام سينتشر التشيع بشكل كبير وتندحر الوهابية السلفية التي تحالفت مع اليهود والنصارى لضرب المسلمين الشيعة في مصروسوريا والعراق والبحرين وقطر والسعودية).
فهنيئا الشهادة له ولاصحابه إذ ركبوا جميعا في سفينة نجاة أهل بيت الرسول الأكرم(ص) مع الشهداء والصالحين والمخلصين، حيث “مازالت هناك مقاعد شاغرة للشهداء، في سفينة النجاة التي يتزعمها الامام الحسين (ع)، لايشغلها الا السعداء من هذه الأمة”، على شاكلة المرحوم الشهيد السعيد المستبصر السيد شحاته الذي الحقه في ركبها خوارج وأشقياء وعتاة السلمية ممن حسبوا ظلما على هذه الأمة، بظروف أشبه ماتكون بظروف مقتلة الامام الحسين(ع) من ناحية الجمع الباطل والقسوة والظروف، وكان هذا أكبر اختبار لنجاح أو فشل هؤلاء في هذه المرحلة، وقد أثبتوا للعالم أجمع عن مدى غبائهم بهذه المقتلة، وعن مدى فشلهم لقيادة هذه الأمة، الأمر الذي شجع المصريين للخروج إلى ساحات الاعتصام لاسقاط النظام.
وأملنا كبير وفي حال نجاح هذه الثورة إن شاء الله، ان يتبنى القضاء المصري المستقل بمحاكمة محمد مرسي ووزير أعلامه الجنسي وكل من كانت له يد بارتكاب هذه الجريمة البشعة بحق الشهيد السعيد حسن شحاته واصحابه، وتشكيل محاكم ثورية لمحاكمة المحرضين على العنف.
اللهم لاتجعلها شماتة، إذا قلنا ان محمد مرسي قد تمادى بارتكاب أخطاء كثيرة -وهو اعترف على نفسه بذلك- في خلال سنة واحدة من حكمه بالقضاء على أعدائه مستغلا هذا المنصب الذي إهان فيه عقول المصريين عندما رفع شعار القضاء على جميع من يقف في طريقهم من الاقليات الاسلامية وبقية الاقليات، لذلك خرج 33 مليون معتصم مصري، ولاندري هل أن سيدنا جبريل (ع) سيكون مع جمع الاخوان في رابعة العدوية بحسب ادعاء شيوخ الفتنة-واستغفر الله على هذا الادعاء، حيث ناقل الكفر ليس بكافر-.
وأجلى صورة لصور الاستهانة والأستهزاء والغرور التي ارتكبها محمد مرسي بحق شعبه، عندما خطب امام جمع من الياس بخطاب مستوحى من مجموعة خطابات الرئيس جمال عبد الناصر وانور السادات وحسني مبارك، حيث اخذه غروره فيه ان يستهزأ بالنخب المصرية على ان نظامه ثوري وشرعي يوفر السعادة لجميع المصريين على حد سواء، وأسخف ماورد في خطابه تمثله في قول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد البكري الوائلي:
إذا القوم قالوا من فتى*** عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
فكذب على نفسه وعلى من سمعه وشاهده بغباء لم يكن له نظير، القى الخطاب وكانه ولي أمر المسلمين وكأنه يحتل مساحة واسعة من قلوب المحبين في الداخل والخارج، كما أراد ان يوحي على انه “مسيطر ووردة” بحسب الوصف العراقي.
وفي خطابه الأخير اعترف مرسي باخطائه وتمسكه بالشرعية التي كررها في خطابه ل 20 مرة متتالية، وأشار في كلام مبطن باستعمال العنف في مصر في حال اصرارهم على خلعه، وأستنجد أيضا بأمريكا لإقناع الجيش بالعدول عن رأيه، وكان خطابه أشبه بخطاب عثمان بن عفان وهو يدافع عن الشرعية وكأنه يقول: “ماكنت أخلع قميصا ألبسنيه الله”!!.