في الوهلة الأولى، عندما قرأت مقال “في معنى أن تكون ماركسياً”، قفز إلى ذهني قولاً لكارل ماركس: التاريخ لا يفعل شيئاً، إنه الإنسان الحقيقي الحي الباحث القارئ هو الذي يفعل كل شيء ، في السنوات الأخيرة لفتت انتباهي دراسات وبحوث واستنتاجات وكتب الدكتور عبد الحسين شعبان حول مفهوم الماركسية والتعامل مع مقولاتها في الواقع العملي بعقل نقدي متحرر وباحث. وفي سنوات مضت قرأت باهتمام كتابين مهميّن للدكتور شعبان تصب بنفس المنحى والاتجاه حول عقل الماركسية المتجدد والمتفاعل مع ثمة قضايا مهمة في مسيرة البناء الإنساني والاقتصاد وعلم الاجتماع والسياسة والثقافة” تحطيم المرايا في الماركسية والاختلاف”. وكذلك: الحبر الأسود والحبر الأحمر: من ماركس إلى الماركسية.
المقال المنشور في مجلة الشراع وعنها نقله أكثر من موقع وصحيفة بعنوان “في معنى أن تكون ماركسياً” – ماركس الحلقة الذهبية الأولى في التمركس (الجزء الأول وما زلنا ننتظر الجزء الثاني)، لاقى اهتماماً وردوداً من متابعي الفكر والسياسة بما تضمنّه من رؤى وتطلعات وحلول للمجتمع الإنساني عبر المفهوم الماركسي والنظرية في التطبيق العملي عبر الجدل والفهم من روح النظرية والنتائج السلبية في فشل التجربة الاشتراكية على أفكار ماركس .
كارل ماركس.. فيلسوف ألماني، اقتصادي، عالم اجتماع، مؤرخ وثوري. ويعتبر من أعظم الاقتصاديين في التاريخ، ومن أهم إنجازاته البيان الشيوعي، ورأس المال.
يقول ماركس: الفقر لا يصنع ثورة وإنما وعي الفقر هو الذي يصنع الثورة، الطاغية مهمته أن يجعلك فقيراً، وشيخ الطاغية مهمته أن يجعل وعيك غائباً. وفي سعييه الفكري المتواصل لا يترك فرصة دكتور شعبان إلّا وقام في تقليب جديد لمفاهيم الماركسية في قالبها المتجدد باعتبارها نظريّة حيّة ومتجدّدة ومُلهمة في الفكر والاستيعاب. لم يعد مخفياً في الربع الأخير من القرن الحالي ما تركه الدكتور شعبان من اجتهادات جديدة ودراسات مهمة ومختلفة وخارجه عن المألوف التقليدي حول الجدل الفكري للفكر الماركسي والذي خضع لسنوات طويلة إلى تابوهات ضيّقة وجامدة، وهناك من اعتبر انهيار التجربة الاشتراكية في مطلع التسعينات دليل على فشل النظرية الماركسيّة، فتركت على رفوف المكتبات فأهملت بقصد، لكن الدكتور شعبان في قراءاته الجديدة حولها قدمها للقارئ العربي بأسلوب آخر جديد تماماً من خلال وحيها الفلسفي والاقتصادي والفكري كعقل متجدد في مواكبة حركات الشعوب وبناء أنظمتها السياسية وبرامجها الاقتصادية ولم يغفل الجوانب الديمقراطية وحرية النقد والبناء ومنظومة عمل الأحزاب التي تعمل تحت لوائها في بناء هياكلها التنظيمية وتطوير أفكارها من خلال السجال وقبول الرأي الآخر والنقد.