23 ديسمبر، 2024 4:44 ص

ماذا يكون الرد الحاسم والمناسب لفشل مفاوضات فيينا وبسبب لمراوغة ايران؟؟؟

ماذا يكون الرد الحاسم والمناسب لفشل مفاوضات فيينا وبسبب لمراوغة ايران؟؟؟

تُستأنف المحادثات النووية في فيينا بعد توقف استمر منذ يونيو (حزيران) الماضي، وسط شكوك متزايدة بأنها ستواجه الفشل ولا يمكنها أن تصل إلى نتيجة، في ظل التطورات الأخيرة، التي شهدت تصعيداً إيرانياً في كل الاتجاهات، ومن الواضح أنها تأتي في سياق سياسة النظام الإيراني رفع التحدي في وجه الإدارة الأميركية وحلفائها الأوروبيين والتي تتمثّل بما يأتي:

أولاً- المضي بعيداً في عمليات التخصيب النووي ورفع منسوب يعض ما أنتجته من اليورانيوم إلى حدود 60%، ما قيل إنه سيضعها على عتبة إنتاج سلاح نووي، وكذلك المضي بعيداً في تصعيد تدخلاتها الإقليمية المخرِّبة والمزعزِعة للاستقرار في المنطقة من اليمن إلى غزة، فمن الواضح تماماً أنها تعمل على توسيع دعمها للانقلابيين الحوثيين في اليمن، كما تواصل محاولاتها لنسف نتائج الانتخابات العراقية التي شكّلت هزيمة ساحقة لميليشياتها المسلحة، ومحاولة ترسيخ تمركزها في سوريا، وطبعاً تفخيخ الحياة السياسية في لبنان عبر تعطل السلطتين التنفيذية والقضائية.

ثانياً- تفعيل تعدياتها بالمسيّرات التي استهدفت خطوط الإمدادات النفطية البحرية بما فيها سفن أميركية، ورفعها سقف الشروط التعجيزية التي تراكمها لقبول العودة إلى بنود الاتفاق النووي لعام 2015 الذي ألغاه دونالد ترمب عام 2018، وهو ما دفع المراقبين إلى القول إن طهران التي كانت تلهث وراء العودة إلى الاتفاق قلبت الأمور فصارت الإدارة الأميركية تبدو كأنها هي في موقع من يلهث للعودة إلى هذا الاتفاق.

ثالثاً- عمل النظام الإيراني على تطوير منظوماته الصاروخية الباليستية التي باتت تقلق حتى الدول الأوروبية، وتعمدت عرقلة عمل مراقبي الطاقة النووية الدولية في مراقبة نشاطاتها النووية، وجعلت مِن وقْف المفاوضات في فيينا بعد ست جولات فاشلة، مناسبة لكسب المزيد من الوقت للمضي في سياساتها المشار إليها أعلاه!

في مواجهة كل هذا التصعيد والتخريب الإيراني، كانت إدارة الرئيس جو بايدن غارقة في المشكلات بعد انسحابها الفوضوي من أفغانستان، الذي أوقعها في إحراج داخلي وعلى مستوى علاقاتها الخارجية، وخصوصاً مع حلفائها بعد كلام البيت الأبيض عن الانسحاب من الشرق الأوسط، والتركيز بشكل حاد على مواجهة الصين، وربما لهذا نشرت مجلة «فورين بوليسي» في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، تقريراً يحذّر من أن إيران باتت على بعد شهر من الوصول إلى سلاح نووي، واعتبر أن هذا نتيجة تخبط وتراخي إدارة بايدن ومن مظاهر تلاشي نفوذها، وهو ما قد يدفع كل منطقة الشرق الأوسط إلى سباق تسلّح نووي. كذلك حذّر «معهد الدفاع عن الديمقراطية الأميركية» من أن إيران ترى في فقدان واشنطن الصدقية، وتراجعها عن مواجهة خصومها ورحيلها من أفغانستان، وقرار سحبها المخطط لقواتها القتالية من العراق، وفشلها في الرد على سلسلة الاستفزازات الإيرانية، بما في ذلك عدوانها على الملاحة البحرية ومحاولة اختطاف مواطن أميركي في نيويورك… مؤشرات عميقة، بخصوص أنها لم تعد تنظر إلى واشنطن على محمل الجد وأنها تمثّل تهديداً!

لذلك يقول السفير السابق دينس روس مثلاً، إن التهديد بالحرب هو الذي يحقق السلام مع إيران، وعلى إدارة بايدن أن تعيد من جديد وضع احتمالات التصعيد العسكري على الطاولة، إذا كانت تأمل في إحراز تقدم بشأن القضية النووية، وإن عدم خوف طهران من تبعات طموحاتها النووية أمر خطير قد يسفر عن سوء تقدير في الحسابات، حول إمكان إقدام الولايات المتحدة على أي رد عسكري، رغم أن بايدن تعهد علناً بأن إيران لن تحصل على السلاح النووي في عهده!

وهكذا قبل أن يعود المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، من طهران يوم الأربعاء الماضي بخفّي حنين، كما يقال، معلناً أن المفاوضات التي أجراها مع محمد إسلامي وحسين أميرعبداللهيان لم تتمخض عن أي نتيجة وكانت غير حاسمة، وأن طهران قوّضت بشكل خطير مهمة الوكالة، ولم تنفذ شيئاً من التزاماتها لجهة مراقبة منشآتها النووية، قال: «ولقد اقتربنا من نقطة لا نضمن معها استمرار معرفة ما يحدث نووياً في إيران».

لم تكن واشنطن في حاجة طبعاً إلى التعليق على كلام غروسي بمجرد القول إن عدم تعاون طهران مع الوكالة يشكّل مؤشراً سلبياً حول إرادتها حيال التوصل إلى تسوية في فيينا لإحياء الاتفاق النووي، ربما لأن المؤشرات السلبية تتراكم عبر سلوك طهران على كل الصعد النووية والإقليمية التخريبية والصاروخية، واعتبارها أن تراجع الدور الأميركي في الشرق الأوسط وأفغانستان يشعل الضوء الأخضر أمام سياساتها وطموحاتها!

هل كانت واشنطن في حاجة إلى تصريح غروسي لتعرف أن النظام الإيراني يراوغ من منطلق رهانه الواضح جداً، على تخبط وتراخي إدارة بايدن كما تقول «فورين بوليسي»، خصوصاً أنه عشية العودة إلى مفاوضات فيينا (الاثنين) لم تكن هناك أي مؤشرات متفائلة، إلى درجة أن صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن أجواء البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي أن «الاتفاق النووي السابق بات أشبه بالميت الذي يصعب إحياؤه»، وأن الاعتقاد السابق للرئيس بايدن بإمكان العودة إلى الاتفاق في مرحلة أولى، تمهيداً للعمل على اتفاق أطول وأقوى، قد انتهى؟

وجاء هذا وسط أمرين: أولاً، تحذير بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا من العودة إلى فيينا بموقف «تفاوضي صوري»، وهذا كلام موجه إلى الإيرانيين طبعاً. وثانياً، العودة إلى حديث ناشط عن «الخطة ب» التي تحدّث عنها أكثر من مسؤول أميركي، وبقيت موضع نقاش منتظم بين البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع، وهي تتراوح بين فرض المزيد من العقوبات وتخريب البنية التحتية النووية الإيرانية، والمعروف أن إسرائيل سبق وأبلغت واشنطن بأنها لن تتوقف عن العمل لتخريب هذه البنية.

روبرت مالي المبعوث الأميركي المكلف الملف الإيراني، كان قد أعلن عشية عودة غروسي خائباً من طهران، أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا أفشلت إيران محادثات فيينا واقتربت من صنع قنبلة نووية، لكن مجلة «تايم» الأميركية نقلت الأربعاء الماضي، عن الجنرال روبرت ماكينزي قائد القيادة المركزية الأميركية، أن قواته مستعدة لتنفيذ خيار عسكري محتمل، في حال فشل المفاوضات النووية مع إيران، فالدبلوماسيون يتولون التفاوض، لكن القيادة المركزية لديها مجموعة متنوعة من الخطط لتنفيذها عندما يصدر أمر بذلك.

وما أعلنته طهران حتى الآن، من أنها ذاهبة إلى فيينا بخمسة شروط تعجيزية، ليس من السهل على الإدارة الأميركية أن تقبل بها، لأنها ستشكل لها أشنع هزيمة سياسية ودبلوماسية وحتى مالية، فهي تطالب مثلاً بخضوع واشنطن، عبر قبولها برفع فوري للعقوبات دفعة واحدة، وقبل عودتها هي عن خروقاتها النووية لبنود هذا الاتفاق كما يطالب بايدن، كما أنها تريد ضمانات أميركية بألا تتخلى مجدداً عن الاتفاق، وهو ما لا يستطيع بايدن أن يُلزم به أي إدارة من بعده، ودون أي ضمانات تُلزم إيران في المقابل بعدم النكوص عن شروط الاتفاق، وأخيراً أن تعترف واشنطن بالتقصير في الانسحاب والتسبب في الأوضاع الحالية، ما يفتح الباب على مطالبة أميركا بالتعويض عن الخسائر التي تكبّدها النظام الإيراني منذ انسحاب ترمب من الاتفاق عام 2018… والسؤال: أيُّ ردٍّ تختاره واشنطن على نسف النظام الإيراني للمحادثات والمضيّ في سياساته النووية والتخريبية في المنطقة؟

أكد نائب وزير الخارجية كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، قبل أيام، أن القضية الرئيسة لبلاده في المفاوضات النووية مع مجموعة (4+1)، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة الأميركية، هي رفع ما وصفه بـ«العقوبات غير القانونية ضد إيران».

وتزامن ذلك مع إعلان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، عن استعداد بلاده لإبرام تفاهم جيد في المباحثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق المبرم عام 2015، بشأن برنامجها النووي، والمقررة في 29 نوفمبر الجاري.

استمرار التصعيد الإيراني:

ثمة مؤشرات تكشف عن إمكانية تبني إيران سياسات تصعيدية خلال الجولة السابعة من المفاوضات، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي:

1- التمسك برفع العقوبات كافة

أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، عقب لقائه الوسيط الأوروبي للمفاوضات النووية، أنريكي مورا، في بروكسل في الرابع من نوفمبر الجاري، عزم بلاده استئناف المفاوضات النووية في فيينا، في نهاية نوفمبر 2021.

وتزامن ذلك مع تصريح الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في اليوم نفسه، أن «المفاوضات التي نتطلع إليها هي مفاوضات تفضي لنتائج ولن نتراجع عن رفع كامل للعقوبات الظالمة»، في إشارة إلى تمسك إيران بالرفع الكامل للعقوبات الأميركية المفروضة عليها، سواء المتصلة بالبرنامج النووي أو دعمها للإرهاب أو انتهاكاتها لحقوق الإنسان، أو غيرها من العقوبات، وسواء فرضت هذه العقوبات في عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما أو السابق دونالد ترامب.

كما تُدلل تلك التصريحات على رفض إيران ما تم طرحه سابقاً، من أن يتم رفع العقوبات بصورة تدريجية، أي «خطوة مقابل خطوة»، أي خطوة إيرانية مقابل أخرى أميركية.

ويلاحظ أن إيران تدرك جيداً أن هذا المطلب يستحيل أن توافق عليه إدارة الرئيس جو بايدن، أو الكونغرس الأميركي، حيث يعارض عدد من النواب المحسوبين على الحزبين الجمهوري والديمقراطي، على السواء، العودة إلى الاتفاق النووي.

2- رفض مناقشة البرنامج النووي

أكد علي باقري كني، أنهم لن يخوضوا في مفاوضات نووية، وأن الموضوع النووي تم الاتفاق عليه بصورة كاملة عام 2015، وأن ما ستتم مناقشته سينحصر فقط في العقوبات المفروضة عليهم.

ويعني ما سبق أن إيران لن تقبل بتعديل بنود الاتفاق النووي السابق، وذلك على الرغم من أن هذه النقطة قد تم تجاوزها، إذ تم خلال جولات التفاوض الست السابقة مناقشة العديد من القضايا المرتبطة بالاتفاق النووي في شكله المعدل، وقد ردت واشنطن وباريس على هذه النقطة من خلال التأكيد، في تصريحات رسمية، أن المفاوضات ستبدأ من النقطة التي توقفت عندها، في محاولة لقطع الطريق أمام إيران للتسويف أو المماطلة، فضلاً عن التهديد بأن محاولة إيران تبني مثل هذا النهج ستدفع واشنطن إلى الانسحاب من المفاوضات.

3- تقديم ضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق

لا تستبعد إيران أن تنسحب واشنطن مجدداً من أي اتفاق نووي، في حالة الوصول إلى صفقة في فيينا، على غرار ما قامت به إدارة ترامب في الثامن من مايو 2018، ومن هنا تجدد طهران مطالبتها بالحصول على ضمانات من الولايات المتحدة بعدم الانسحاب من الاتفاق، كما جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية.

ويمكن أن تتمثل هذه الضمانة في موافقة الكونغرس على الاتفاق الجديد، خصوصاً أن الاتفاق النووي مع إيران لعام 2015، لم تتم الموافقة عليه في الكونغرس الأميركي، وهو أمر يبدو مستحيلاً في ضوء رفض الكونغرس للاتفاق النووي، فضلاً عن تلويح بعض الجمهوريين أن أي اتفاق توقّعه الإدارة الأميركية مع إيران يعد ملغى في حال استعادة الجمهوريين السيطرة على الكونغرس، وهو أمر قد يكون مرجحاً مع انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة، المقرر لها في 2022، وتدرك طهران جيداً أن إدارة بايدن لا تستطيع تقديم مثل هذه الضمانات التي تطالب بها.

4- تعزيز الأنشطة النووية

تتعمد طهران تعزيز قدراتها التكنولوجية في مجال تخصيب اليورانيوم للضغط على واشنطن، حيث تستخدم أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً، حيث وصلت كمية تخصيبها منه 210 كغم، بينما وصل مخزون اليورانيوم المُخصب بنسبة 60% إلى 25 كغم، وفق ما أعلنته إيران في الخامس من نوفمبر الجاري. وتزامن ذلك مع إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في اليوم نفسه، أن المراقبة النووية في إيران باتت أضعف، وأن الوكالة لا تستطيع القيام بعملها في الوقت الجاري.

وجدير بالذكر أن الإعلان عن مخزون إيران من اليورانيوم أتي بعد يوم واحد من الإعلان عن موعد عودة طهران للمفاوضات النووية، في دلالة على رغبتها في إيصال رسائل لواشنطن، بأن طهران لن توقف تخصيب اليورانيوم قبل الجولة المقبلة من المفاوضات، أو أثناء انعقادها.

ويلاحظ أن استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم يجعلها تقترب من امتلاك القدرة على تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية، على نحو يفرغ تلك العودة من مضمونها، وفق ما أشار إليه وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، في سبتمبر الماضي.

5- رفض التفاوض حول الملفات الأخرى

ترفض إيران إدراج ملفات أخرى في إطار المفاوضات المُرتقبة في فيينا مع القوى الكبرى، لاسيما الموضوعات المتعلقة بملف الصواريخ الباليستية وملف الدور الإقليمي، حيث أعلن قائد وحدة «جو- الفضاء» التابعة للحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زاده، أنه لن يتم التفاوض حول الصواريخ الباليستية أو الطائرات المسيرة، التي وصفها بأنها «أصبحت شوكة في أعين أعداء إيران»، هذا بالإضافة إلى ما صرح به وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، في الأول من نوفمبر الجاري، من رفض طهران ربط المحادثات النووية بالقضايا الإقليمية، مشيراً إلى أنه لا صلة بينهما.

مسارات المفاوضات المقبلة

في ضوء ما تقدم، يمكن القول إن هناك ثلاثة مسارات محتملة لمفاوضات فيينا المقبلة، التي يمكن توضيحها على النحو التالي:

1- إحياء الاتفاق النووي

يفترض هذا السيناريو أن ما تعلنه إيران من مواقف متعنتة، قبل الجلوس على طاولة المفاوضات في فيينا، ما هي إلا محاولة من جانب إيران لرفع سقف المطالب، وتوظيف ذلك كأوراق ضغط لتجنب إضافة أي قضايا للتفاوض، أو إجبار إيران على تقديم تنازلات في الملفات الخلافية، وبالتالي فإنه، وفقاً لهذا السيناريو، ستقبل إيران في النهاية إحياء الاتفاق النووي، بعد التوصل إلى تفاهمات مع واشنطن يترتب عليها في النهاية تقديم الطرفين لتنازلات متبادلة ومتكافئة.

2- انهيار الاتفاق النووي

يفترض هذا السيناريو أن ما تطرحه إيران من مطالب مبالغ فيها، ما هو إلا مؤشر إلى عدم جديتها في العودة للاتفاق النووي، واستمرار سياسة التسويف والمماطلة التي تتبعها، ومن ثم فإنها من خلال طرحها الشروط السابقة تسعى إلى إطالة أمد التفاوض في فيينا، عبر طرح شروط جديدة. وتتحسب واشنطن بالفعل من هذا السيناريو، ولذلك أكدت أن المفاوضات ستبدأ من النقطة التي توقفت عندها، كما حذرت إيران من المماطلة وإطالة أمد التفاوض مهددة بالانسحاب.

3- الاتفاق الجزئي

يفترض هنا التوصل إلى اتفاق جزئي بين واشنطن وطهران، يقضي برفع بعض للعقوبات مقابل وقف تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية من قبل طهران، وذلك في إعادة لاقتراب خطوة مقابل خطوة، وذلك حتى يتم حسم كل النقاط الخلافية.

ويلاحظ أنه في هذا السيناريو لن يتم تناول القضايا الإقليمية، أو الصواريخ الباليستية، التي قد يتم النص على التفاوض حولها في اتفاق منفصل، أو حتى تتم إدارتها من خلال العقوبات. ولعل ما يدعم ذلك إعلان مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، في الثاني من نوفمبر الجاري، أنه يمكن التعامل مع هذين الملفين بالطرق غير الدبلوماسية، سواء بفرض العقوبات أو من خلال استخدام أدوات الردع المختلفة.

طريق الاتفاق طويل

يبدو أنه إذا ما عادت إيران إلى طاولة المفاوضات في فيينا، فإن إمكانية التوصل إلى اتفاق قد تطول، كما يتوقع أن تواصل إيران طرح شروط جديدة، في محاولة لإطالة أمد المفاوضات إلى العام المقبل 2022، حتى تتمكن من تطوير قدراتها في مجال تخصيب اليورانيوم بصورة أكبر، وهي السياسة التي قد تلاقي رفضاً أميركياً، كما قد تتجه واشنطن للرد عليها من خلال الانسحاب من الاتفاق النووي، وتنفيذ عمليات تخريبية ضد البرنامج النووي الإيراني.

• ترفض إيران إدراج ملفات أخرى في إطار المفاوضات المُرتقبة في فيينا مع القوى الكبرى، لاسيما الموضوعات المتعلقة بملف الصواريخ الباليستية وملف الدور الإقليمي.

• تتعمّد طهران تعزيز قدراتها التكنولوجية في مجال تخصيب اليورانيوم للضغط على واشنطن، حيث تستخدم أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً، حيث وصلت كمية تخصيبها منه إلى 210 كلغم، بينما وصل مخزون اليورانيوم المُخصب بنسبة 60% إلى 25 كلغم.

ويريد النظام الإيراني أن ترفع إدارة بايدن كل العقوبات التي تم فرضها على طهران خلال إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، وكثير منها لا علاقة له حتى بالبرنامج النووي، ولكنه مرتبط بالأنشطة الإرهابية وانتهاكات حقوق الإنسان من جانب النظام الإيراني، وأحد الأمثلة المهمة على ذلك التصنيف الجدي للحرس الثوري الإيراني منظمةً إرهابية.

قال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية اليوم السبت إن الولايات المتحدة تتهم إيران بتفعيل برنامجها النووي لتعزيز موقفها في مفاوضات فيينا.

وأضاف الدبلوماسي في أعقاب الجولة السابعة من المفاوضات الجارية في فيينا حول إحياء الصفقة النووية مع إيران، إنه “علم يوم الأربعاء في خضم المفاوضات، عن خطط إيران لمضاعفة طاقة منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20%”.

ووصف محاولات إيران لتفعيل برنامجها النووي بأنها “ذات طابع استفزازي خاص”، مضيفا: “أظن أنهم يعتقدون أن بإمكانهم حشد مخزون كبير من اليورانيوم المخصب وإطلاق المزيد من أجهزة الطرد المركزي للحصول على تنازلات إضافية، والتقليل مما تتنازل هي عنه. هذا التكتيك التفاوضي لن يمر”.

وحذر من أن استمرار المفاوضات مع بقاء الآمال في إيجاد حل دبلوماسي للمشكلة لا يعني أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تشديد ضغوطها على إيران.

 

أشار رفائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى أنه لا تزال هناك قضايا عالقة بين طهران والوكالة بشأن وجود ذرات يورانيوم في مواقع إيرانية غير معلنة، داعيا طهران مجددًا إلى التحرك فورا من أجل تحديد مصير هذه القضايا وحلها.

وأكد غروسي، خلال كلمته أمام المؤتمر السنوي الـ65 للوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية فيينا، أكد أنه يرفع تقارير حول إيران “بانتظام” إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق ورقابة الوكالة بموجب الاتفاق النووي، ولكن منذ فبراير (شباط) الماضي تأثرت هذه العملية “سلبا” بسبب توقف إيران عن الالتزام بتعهداتها وفق الاتفاق النووي.

وتابع غروسي أن الوكالة في ذلك الوقت، تمكنت من الاستمرار في الوصول إلى معدات المراقبة المتعلقة بالاتفاق النووي بعد توقيع اتفاقية ثنائية مع إيران، لكن الاتفاقية لم تعد قابلة للتنفيذ في الوقت الحالي، ونتيجة لذلك، فقد تعرضت القدرة التقنية للوكالة من أجل الحفاظ على استمرارية معلوماتها بشأن الأنشطة النووية الإيرانية للخطر.

كما أشار غروسي إلى زيارته الأخيرة لطهران، حيث تم الاتفاق حول كاميرات المراقبة التابعة للوكالة، واستبدال بطاقات الذاكرة لكاميرات المراقبة، والاحتفاظ ببطاقات الذاكرة السابقة في إيران بختم الوكالة.

وقال غروسي: “طوال العام الماضي، واصلت رفع تقارير حول معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية مع إيران لأنه لا تزال هناك قضايا عالقة، بما في ذلك وجود عدد من جزيئات اليورانيوم في 3 مواقع غير معلنة في إيران”.

وأضاف غروسي أنه من المقرر أن يزور طهران قريبًا لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين.

وتأتي تصريحات غروسي بعد أسبوع من الإعراب عن قلقه إزاء عدم رد طهران على أسئلة الوكالة حول وجود مواد نووية في منشآت إيرانية غير معلنة.

وكان غروسي قد أكد يوم الاثنين 13 سبتمبر (أيلول) الحالي، في فيينا خلال الاجتماع الذي استمر 4 أيام، لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن المخاوف بشأن برنامج إيران النووي لا تزال قائمة، وذلك نظرا لعدم رد إيران على أسئلة الوكالة خلال العامين الماضيين، وعدم السماح بالوصول الكامل إلى أجهزة المراقبة على المنشآت النووية الإيرانية.

من جهته، انتقد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، اليوم الاثنين، في كلمته أمام الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، انتقد إسرائيل، بدلا من الرد على مخاوف الوكالة.

وحول إحياء الاتفاق النووي أشار إلى موقف إبراهيم رئيسي، قائلاً إن ايران تريد مفاوضات تؤدي إلى نتيجة وتهدف إلى رفع العقوبات والضغوط.

وعلى الرغم من خوض 6 جولات من المحادثات النووية في فيينا، لم يتم حتى الآن تحديد موعد الجولة السابعة من المحادثات.

إلى ذلك، من المقرر أن يجري وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال زيارته لنيويورك، محادثات مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتفاق النووي.