17 نوفمبر، 2024 7:43 م
Search
Close this search box.

ماذا يفعل المالكي في اربيل..؟

ماذا يفعل المالكي في اربيل..؟

أثارت زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي الى اربيل وعقد جلسة لمجلس وزراءه هناك ،الكثير من الأسئلة المعقدة ،والجارحة لمثل هكذا زيارة تقلل من قيمة المركز والعاصمة بغداد ،فما هي أسباب هذه الزيارة وهل حققت نتائجها التي كان يخطط لها رئيس الوزراء ،دعونا نقرأ المشهد السياسي العراقي كما هو على الارض، لنعرف دوافع المالكي من وراء هذه الخطوة ،التي دفع لها دفعا (مكره أخاك لا بطل )،ابتداء التحولات السياسية التي أنتجتها الانتخابات المحلية الأخيرة وفقدان دولة القانون جميع المناصب السيادية في محافظات الجنوب والوسط (محافظ ورئيس مجلس محافظة ) إحدى هذه الأسباب الرئيسة التي أظهرت الشعبية المتدنية لقائمة دولة القانون وعدم حصولها على الأغلبية المريحة لتولي هذه المناصب الحساسة كما في الدورة السابقة ،وهذا مؤشر واضح على خسارة المالكي غالبية المقاعد هناك ،والسبب الآخر الذي دفع المالكي الى زيارة اربيل وعقد جلسة مجلس الوزراء هناك هو ظهور تحالف جديد أقصى بموجبه قائمة دولة القانون التي يترأسها المالكي ألا ،وهو تحالف تيار الأحرار الذي يتزعمه مقتدى الصدر، والمجلس الإسلامي الأعلى الذي يتزعمه عمار الحكيم مع قائمة متحدون التي يتزعمها أسامة النجيفي ،وهذا التحالف يوضح بلا نقاش أن التحالف الوطني (الشيعي) بدأ بالتفكك ،وأصبحت دولة القانون بلا غطاء انتخابي، يؤمن لها تولي مناصب سيادية ،وخسرت مناصبها وفي مقدمتها منصب المحافظ لبغداد العاصمة ،هذا المؤشر الخطير الذي واجه المالكي ،فذهب الى اربيل ليبحث عن تحالفات جديدة ،نكاية بالتيار الصدري والمجلس الإسلامي، وتقديم الطاعة للتحالف الكردستاني ،لتنفيذ ما يريده ويفرضه عليه، حيث تم مناقشة (المادة 140 الملغاة وملفات  النفط والغاز وتشكيل لجان لبحث المستحقات المالية للشركات الأجنبية ورواتب قوات البشمركة، وإعادة ترسيم الحدود والتعداد السكاني )،وكل هذه الاتفاقيات السبع ،هي نقاط خلافية ليست من صلاحية المالكي القبول بها أو رفضها ،وإنما هي من صميم عمل البرلمان التشريعي والاستفتاء الشعبي العام ،هذا من جهة ومن جهة ثانية كان خطاب المالكي في اربيل لنبذ الطائفية وتحقيق المصالحة الوطنية هو للاستهلاك الإعلامي لا أكثر،محذرا من انتقال العنف الطائفي الإقليمي الى داخل العراق في إشارة الى ما يحدث في سورية من حرب طائفية تقودها إيران وحزب الله وميليشيات عراقية تابعة لإيران ، إن عقد مجلس الوزراء جلسته في اربيل له مغزى واحدا لا غيره ،هو إرسال رسالة واضحة وقوية الى خصومه السياسيين وحلفائه في العملية السياسية ،إن دولة القانون بإمكانها أن تتحالف مع التحالف الكردستاني، رغم أنها تقدم تنازلات سياسية وسيادية للتحالف الكردستاني ،حتى وان كان على حساب مستقبل البلاد ومصير شعبه ،بعد أن شعر المالكي أن  قائمته أصبحت خارج اللعبة الانتخابية لمجالس المحافظات في جميع محافظات الجنوب  ،وظهور تحالفات جديدة من شانها أن تقوض طموحات دولة القانون وتقصيه من المشهد السياسي،لذلك أصبح البحث عن تحالف جديدة له ضرورة ملحة ،خاصة وان الوضع الأمني والسياسي يشهد تدهورا وانهيارا واضحا ،يهدد العملية السياسية بالانهيار (تهديدات مبعوث إدارة اوباما الى بغداد بالتدخل الفوري  إذا بقيت الأمور على حالها )،مع اشتداد التوتر مع المتظاهرين وعدم تلبية مطالبهم المشروعة وفض الاعتصامات بالطرق السلمية كما تريد واشنطن نفسها ،ناهيك عن انعكاسات الأوضاع الدموية والعنف الطائفي الذي تشهده سورية ،والذي قد يتحول بسهولة الى كل من لبنان والعراق والاردن وبقية دول الخليج العربي ،والذي تقف خلفه إيران وتوابعها بكل قوة ، لإشعال فتيل الحرب الطائفية في المنطقة كلها ، إن زيارة المالكي الى اربيل وعقده جلسة لمجلس الوزراء لإذابة جبل الجليد مع التحالف ، لن تولد الثقة لدى التحالف الكردستاني الذي صرح مسعود برازاني أكثر من مرة ب (انه فقد الثقة تماما بالمالكي ولم يعد يثق بوعوده أبدا )،ومن جهة أخرى أن التحالف الكردستاني لن يفرط أبدا بتحالفاته مع القائمة العراقية والتيار الصدري والمجلس الإسلامي، حسب اتفاقية اربيل والنجف وغيرها، من اجل قائمة دولة القانون والمالكي نفسه لتنفيذ وعود ليست من صلاحياته الدستورية والتشريعية ،أنا اعتقد أن زيارة المالكي لاربيل  كانت زيارة البحث عن البديل، وتقديم الوعود والتسويف بها لأطول فترة تكتيكية ،لإحباط يعاني منه المالكي  وقائمته من قبل حلفائه في التحالف الوطني ،إن الزيارة بمجملها لا تعدو كونها زيارة مجاملة لاغاضة الآخرين من الخصوم ولم تحقق ما كان مخططا لها سوى المجاملات والوعود من كلا الطرفين ،ولكنها أضرت بسمعة العاصمة وهيبتها،لان المفروض الناس تجتمع في العاصمة فهي عاصمة الجميع لا العصمة تذهب الى الجزء إرضاء لجهة ،على حساب هيبة الدولة والشعب  ،دون أن تقلل من كبرياء الآخرين في أي مكان في العراق .

أحدث المقالات