23 ديسمبر، 2024 10:02 ص

ماذا يفعل «أقزام الشوارع» في اليمن؟

ماذا يفعل «أقزام الشوارع» في اليمن؟

الشيعة الأقزام، أو شيعة الشوارع، تسميتان أطلقهما القيادي في الحرس الثوري الإيراني سعيد قاسم على جماعة الحوثي، خلال لقاء تلفزيوني في إحدى القنوات الإيرانية، تتطرق فيه للحديث عن النفوذ الإيراني الذي وصل حتى باب المندب، جنوب جزيرة العرب.

الجنرال العجوز استخدم ألفاظًا، وتوصيفات مهينة بحق الحوثيين، كوصفهم بأنهم ليسوا جميلين كاللبنانيين، وأنهم غير متحضرين، وليسوا متمكنين أيضًا، وهذه التوصيفات يطلقها الرجل ليظهر كيف أن إيران صنعت منهم قوة عسكرية بعد أن لم يكونوا كذلك في الماضي، وكيف أنهم نجحوا في السيطرة على مضيق باب المندب، سيطرة وصفها الجنرال بالانتصار الكبير.

لست هنا بصدد تقييم حديث الجنرال في الحرس الثوري قاسم سعيد، وعباراته المهينة بحق الحوثيين، بقدر ما شدني حديثه عن الانتصار الكبير لإيران في مضيق باب المندب، في عبارة صريحة تكشف مدى تبعية الحوثيين وقوات المخلوع صالح لإيران، وقبولهم أن يكونوا أداة طيّعة للمشروع الإيراني التوسعي، المرتبط بالقومية الفارسية، وليس الهوية الإسلامية التي تتخذها إيران ستارًا لها، منذ ثمانية وثلاثين عامًا.

أقزام الشوارع يا سيادة الجنرال، لم يكونوا متمكنين كما ذكرت، ولا متحضرين أيضًا، كانوا يعيشون في قرى مرّان الريفية، يمارسون مهنًا عادية، ويعملون في الزراعة لتوفير لقمة عيشهم، حتى قررت إيران أن تغرس فيهم كذبة الاصطفاء الإلهي، والتفوق السلالي، عبر فتح حوزاتها العلمية، لتشريبهم بمنهج ولاية الفقيه، الذي يبدأ من خرافة أحقية علي رضي الله عنه بالنبوة عن الرسول صلى الله عليه وسلـم.

قاسم اختزل أفعال الحوثيين في السيطرة على باب المندب كمضيق استراتيجي عالمي، يفوق السيطرة على صنعاء، وعدد من المحافظات، عدا عن مؤسسات الدولة، ومكاتبها الرسمية، لكن هناك الكثير من الأفعال القبيحة لشيعة الشوارع كما وصفهم الجنرال الإيراني، أفعال لم يألفها اليمنيون خلال الصراعات العسكرية في الماضي، وحتى الحاضر، ونتمنى ألا نرى مثلها في المستقبل.

صادر الحوثيون، وعصابات صالح، الحريات، والحقوق السياسية للمواطنين، عن طريق منع الاحتجاجات السلمية، والفعاليات الشعبية، المناوئة لهم، وقمعها أكثر من مرة، وقبل ذلك صادروا الحق في الحياة لمعارضيهم، بدءًا من مذابحهم في دمّاج، وعمران، مرورًا بعاصمة الجمهورية، وانتهاءً ببقية المحافظات، التي وصلوها عقب انقلابهم، كم هم دمويون عندما مارسوا القتل بدون حق في شوارع عدن، وتلطخت أياديهم بدماء المئات في مدينة تعز، التي ما تزال تعاني من حصارهم، وجرائمهم حتى يومنا هذا، يجيدون القتل، ويمارسونه كنوع من التسلية، يبررون تلك الجرائم بدعشنة المدنيين، ووصفهم بالمرتزقة طوال الوقت.

في ظل هيمنة الميليشيات، صودرت حرية التعبير، وحرية الكلمة، وتوقفت عشرات الصحف، ونُهبت مكاتب وسائل إعلامية، وطغى الصوت الواحد على ما سواه، صوت الفوضى، والتحريض المستمر عبر وسائل الانقلاب الرخيصة، ولم يعد هناك متنفس حتى عبر المواقع الإلكترونية، التي تم حجبها، لدرجة مساواتها، بمواقع الدعارة، ولم يعد هناك خط يفصل بين الصحافة، والدعارة في مقاهي الإنترنت!

ضاق من يسمون أنفسم بأنصار المسيرة القرنية، بصلاة التراويح في ليالي رمضان، ومنعوها في المساجد الخاضعة لسيطرتهم، ومن ثم فرضوا خطباء من أتباعهم بقوة السلاح، ووصل الأمر إلى تفجير المساجد، ودور القرآن، ومنازل المواطنين، في سابقة لم يعرفها اليمنيون من قبل، فعلوا كل ذلك تحت شعار الموت لأمريكا وإسرائيل، وشمّاعة التكفير، ثم كيف يسمح عناصر الميليشيا لأنفسهم بتفجير مسجدًا يردد الله أكبر عشرات المرات، ويصرخون الله أكبر مرة واحدة، ثم ينسفونه ويسوونه بالأرض؟

أفعال إيران عبر وكلائها في اليمن مخزية، ومثيرة لكراهية الناس لهم، ولا يمكن لمن عانوا وذاقوا مرارة الجرم، والجريمة، أن يتناسوا ذلك، إيران ووكلاؤها الحوثيون، وحليفهم صالح، زرعوا الحقد في قلوب المدنيين، وعليهم أن يتحملوا تبعاته لعقود من الزمن.

حاصروا المواطنين في لقمة عيشهم، ومارسوا التجويع، وسرقوا أموال وممتلكات الشعب، والدولة على حد سواء، كل ذلك تحت يافطة المجهود الحربي لمقاتليهم، ودعم الجبهات، ومن لم يمت جوعًا، ولم يقتلوه ظلمًا وعدوانًا، يدفعوه إلى جبهات القتال، ليكونوا قاتلين أيضًا.

الحديث يطول، ويحتاج لمؤلفات تؤرخ لحقبة سوداء، خضعت فيها اليمن للسيطرة الفارسية مرة أخرى، أما أفعال الحوثيين وحليفهم صالح، لا يمكن حصرها، في مقال كهذا، لقد أفسدوا الحياة الدينية، والحياة السياسية، والحياة الاجتماعية، والحياة الاقتصادية، قضوا على كل شيء من أجل أن يحظوا بلقب شيعة شوارع، أو الشيعة الأقزام. ما أقبحهم!