رغم الدماء الامريكية التي سالت في فترة السبعينيات عندما قتلت منظمة مجاهدي خلق عدد من الامريكان في ايران ولم يكن حينها النظام الحالي يحكم البلاد ، كما إن التاريخ لا يُهمل احداثه حين قامت هذه المنظمة بالاعتداءات الاجرامية في مدن اميركا خلال تسعينات القرن الماضي ،هذا وفق توصيف الخارجية الامريكية ذاتها!!!! وليس من المعروف انها(أميركا) تترك من يعتدي عليها وقد لاحظنا أنها أقامت حروبا وأزاحت أنظمة بعد الاعتداء على برجي التجارة العالمي فيما يعرف بأحداث سبتمبر ، فلماذا اذن اندفعت محاكم اميركا لتتناسى كل ذلك وتعطي “كارت بلانش” لتلك المنظمة المصنفة عالميا بالارهاب نحن نتساءل عن تلك الجرائم تحديدا ولا نقول بما قامت به في العراق لان ذلك شأن يخص المحاكم العراقية والشعب العراقي ولابد ان يبحثوا هذا الامر خلال الفترة القادمة خصوصا بعد ان أطلق لهم العنان في التحرك والعمل السياسي وربما العمل العسكري او تأجيج الاوضاع في الداخل الايراني انطلاقا من العراق كما تدفع بهذا الاتجاه دول خليجية من اجل الضغط على ايران وقطع يد مساعدتها للنظام السوري .
ان قرار المحاكم الأمريكية برفعها(منظمة مجهادي خلق الايرانية) من قائمة الارهاب يأتي لأمور:
1- قد يكون قرار الرفع من اجل ان تتحرك المنظمة بكل ثقلها العسكري والسياسي باتجاه زعزعة الوضع الايراني من الداخل ومن ثم امكانية حدوث تغيير في بنية هذا النظام ولو على شكل جزئي تمهيدا لتغيير النظام السياسي كله في ايران لكون التحالف الغربي سواء أمريكا وباقي دول اوروبا توصلت الى ان امكانية قيام حرب مع ايران او توجيه ضربة عسكرية يعني الانتحار والمجازفة بكل المنطقة ومصالحهم فيها ولذلك جاء رفع مفهوم الارهاب عن تلك المنظمة من اجل ان يكون مجال المساعدات الامريكية والاوروبية لها واسعا ودون حرج لاستخدامها في مشروعهم القادم في سحب البساط من تحت أقدام النظام في طهران وتأليب الوضع عليهم .
2- من الواضح ان الدور العربي وبالذات الخليجي منه كان واضحا ومشخصا في دعم هذا القرار الامريكي وبدفع الاجندة الامريكية في هذا الاتجاه وهو الامر الذي سوف يُمكّن دول مثل السعودية والامارات العربية وقطر والبحرين بدعم هذه المنظمة بشكل غير محدود وستفتح لهم خزانات الخليج من اجل ضرب النظام الايراني من الداخل وبالتالي يصيدون عدة “عصافير وليس عصفورين بحجر واحد” فيما يخص المنطقة ككل اولها قطع التواصل مع النظام السوري ودعمه وهو امنية خليجية عامة ومحاولة تحجيم العراق من خلال اضعاف هذه الجبهة لكون المنظمة الارهابية لخلق تعرف كل زاوية في العراق باعتبارهم كانوا اداة القتل بيد النظام البعثي السابق وفي اغلب محافظات العراق وكذلك الضغط على ايران من اجل التنازل عن الجزر الثلاث وهي أمنية اماراتية ومن ثم اضعاف المد العقائدي الذي تحذر منه السعودية والقادم من ايران وهو ما يدفع باتجاهه عتاة الفكر المتطرف التكفيري ،، ولكن أتساءل هل تتمكن مثل هذه الدول بمعزل عن المساعدة الامريكية والاوروبية في الحصول على كل تلك الاجندات ، أنا برأي الشخصي لا أعتقد ان تكون دولة مثل ايران بهذه السهولة طُعما لمثل تلك الدول وهم يعلمون ذلك، ولكن للأسف تلك الدول الخليجية احيانا تفكر بعقلية القياصرة الرومان او الزحف الهتلري التوسعية .
3- قد يكون هذا القرار في صالح العراق من باب فتح المجال أمام أعضاء المنظمة في الخروج الى دول اوروبا بعد ان أتيح لهم قانونا ذلك وأعطى الحق للدول الاوروبية قبولهم كمعارضين لنظام ترتفع رايات العداء بينهم وبين هذا النظام في طهران على خلفية الملف النووي ومشاكسات الدولة الايرانية مع المجتمع الدولي كما يطلقون عليها ذلك في اروقة الامم المتحدة ومجلس الامن لكون اميركا والامم المتحدة التزموا باتفاقية بينهم وبين العراق في اخلاء معسكراتهم خلال الفترة القادمة ولذلك ربطت قرار محاكمها بالخروج من معسكر اشرف ،، ولكي يكون هؤلاء (منظمة خلق) مطية لأجنداتهم كما كانوا يبيعون معلومات بلادهم الى الغرب فيما يخص المنشآت العلمية والتسليحية وإعطاء معلومات دقيقة عن بلدهم والتي للأسف يرفض اعطاءها حتى الانسان العاق في وطنيته ، وسيبين التاريخ ذلك، ونحن كمجتمع عراقي لا نريد ان نتدخل في شؤون بلدهم فإذا ارادوا ان يعارضوا نظام ايران فهذا شأنهم ولهم الحق في التعبير عن ذلك سواء من داخل بلدهم ام من خارجها والحريات مكفولة للجميع ولكن ليس انطلاقا من الاراضي العراقية خصوصا اذا كانت عمليات عسكرية فالعراق لم يعد يحتمل وضعه في ظل الاجواء المحمومة في المنطقة ولا نريد العودة الى ساحات الحروب مع دول الجوار.
4- ذكرت بعض الانباء عن ان الكثير من المسؤولين الامريكيين السابقين ومنهم الحاليين وكذلك وسائل الاعلام ذات الثقل الكبير على الساحة الامريكية والدولية صرفت لها أموالا طائلة من تلك المنظمة وهو ما أشرت اليه في النقطة ثانيا اعلاه قد تكون مدفوعة من دول خليجية تحديدا من اجل الضغط على المحاكم في اميركا وعلى وزارة خارجيتها من خلال تشكيل لوبي وخلق رأي عام يدفع بهذا الاتجاه ، وقد رأينا الكثير منهم يتحرك عالميا من اجل ذلك ومنهم اعضاء كونغرس اميركي جاءوا الى العراق تحديدا والى المنطقة بشكل عام، كما شكلوا منتديات كبيرة تساهم في الدفاع عنهم واظهارهم بأنهم مظلومين من قبل النظام الدولي عامة ومن النظام الجديد في العراق خاصة مع علمهم الكامل بما قام به مجرمي هذه المنظمة بأبناء الشعب العراقي أبان انتفاضته في العام 1991 وارتكبوا خلالها جرائم ابادة بشرية في عدد من المناطق سواء مع أبناء كردستان العراق او الوسط والجنوب في مناطق الكوت (بدرة وجصان ) ومحافظة العمارة .
انا اعتقد ان الازدواجية كانت واضحة تماما في طريقة التعامل مع هكذا منظمات وخصوصا ان كل ذلك يصب في صالح الكيان الصهيوني وسوف تكون له اليد الطولى في التخطيط لتلك المنظمة للمرحلة القادمة من خلال عيونهم في الداخل الايراني،، وارى ايضا ان المحاكم الامريكية تجاوزت دماء الامريكيين الذين قتلوا على يدي هذه المنظمة وتجاوزت شرعة حقوق الانسان لان المطالبات لذوي ضحاياهم في العراق لم تكتمل بعد، كما انها تجاوزت الاعراف الدولية وحقوق دولة العراق للدور الذي قامت به في تأجيج الواقع الامني العراقي وقيامها بالكثير من المشاكل بين الاطراف السياسية العراقية عبر مؤتمرات مشبوهة تمكنت فيها من ترسيخ الفتنة الطائفية بين النسيج الاجتماعي العراقي.