23 ديسمبر، 2024 10:41 ص

ماذا يعني تحول إقليم كردستان إلى كونفدرالية وماهو مستقبله ومدى القبول الدولي ؟

ماذا يعني تحول إقليم كردستان إلى كونفدرالية وماهو مستقبله ومدى القبول الدولي ؟

ترددت في الآونة الأخيرة دعوات من قبل بعض القادة السياسيين في إقليم كردستان للتحول إلى كونفدرالية , ولغرض وضع الرأي العام أمام هذه التوجهات سنعرض في نهاية المقالة معنى الكونفدرالية والفرق بينها وبين الفدرالية , وبدءا لابد من الإشارة إلى إن التحول إلى النظام الكونفدرالي لابد وان تتوفر له مجموعة من المقومات والشروط أبرزها قبول الأفراد الموجودين في الإقليم لهذا التحول لأنه ليس عملية انقلابية تتم بإرادة مجموعة من القادة فحسب كما إن ذلك يجب أن يأخذ بنظر الاعتبار مجموعة من الاعتبارات ومن أهمها قبول الطرف الآخر في الانضمام أو الانفصال ناهيك عن القبول الإقليمي والاعتراف الدولي , فضلا عن متطلبات أخرى منها توفر الموارد الاقتصادية والحدود البرية والمنافذ التي تتيح أمكانية انتقال الأفراد والتبادل التجاري وتوفر المجال الجوي وغيرها من العوامل ذات العلاقة بالموضوع .

لقد كانت الفدرالية حلما يراود بعض القادة الكرد منذ عشرات السنوات كخطوة لإنشاء الدولة الكردية التي تضم أكراد العراق وتركيا وإيران وسوريا أحياءا لجوانب تتعلق بالجغرافية والتاريخ , وهذه الأحلام أصبحت تقترب من الواقع يوما بعد يوم , فمنذ سنة 1991 استفاد الأكراد من وضع العراق بعد حرب الخليج الثانية مما أتاح بأن تكون محافظات كردستان تتمتع بدرجة عالية من اللامركزية أخذت تتحول يوما بعد يوم إلى شبه الاستقلال الذي تم الإفصاح عنه كإقليم له كامل الكيان بشكل صريح وكامل في سنة 2003 بعد الاحتلال الأمريكي للعراق , ووسط الفوضى التي عاشها العراق , بقيت محافظات أربيل وسليمانية ودهوك بمنأى عنها لتعلن توحدها في إقليم متناغم رغم الخلافات الجزئية بين الحزبين الكرديين وبعض التيارات المعارضة , وقد تم تثبيت هذا الواقع بشكل رسمي أثناء صياغة دستور العراق الذي أوجد امتيازات أوسع من خلال إضافة عبارات تتعلق بالمناطق المختلف أو المتنازع عليها وإضافة فقرات تتعلق بتقاسم الموارد وطريقة الإدارة , وأسهمت فيما بعد الأوضاع التي سادت في سوريا إلى الاعتراف السوري الكامل بحقوق الأكراد من خلال منحهم الجنسية وكامل حقوق المواطنة بعد أن كان التحدث بالكردية محظورا فيها إلى حد ما , كما إن تغييرات مهمة حصلت في السياسات التركية اتجاه إقليم كردستان بعد توقيع الاتفاقيات بخصوص الأحزاب الكردية المعارضة , وقد تطورت هذه العلاقة حين التقت المصالح المشتركة لاسيما بعد اكتشاف واستخراج النفط في الإقليم , ومما أسهم في تطور وتمدد الطموحات الكردية عندما أوجدت منفذا لتصدير النفط عبر تركيا , كما إن خضوع إيران للعقوبات الدولية والضغوطات اتجاه برنامجها النووي ترك الفسحة للأكراد في المطالبة بمزيد من الامتيازات وكان العامل الأكثر حيوية هو تعمق خلافات الإقليم مع الحكومة الاتحادية في بغداد فمع تعمق هذه الخلافات تم التحرك دوليا لإفهام الدول المتعاطفة مع الأكراد حول عدم جدوى الاستمرار بالوضع الحالي فنشا وضعا مؤيدا للأكراد من قبل بعض دول الاتحاد الأوروبي التي كانت لها مواقف متعاطفة مع الأكراد من أيام حكم النظام السابق لاسيما فرنسا وألمانيا ومن بعدهما بريطانيا ومعظم الأعضاء الآخرين , ولم يكن الموقف الأمريكي ممانعا وإنما اقترن بالوعود لإصلاح العلاقة مع المركز .

وبعد الأحداث التي شهدتها بعض المحافظات بعد أن ترك الجيش فراغا ودخول ما يسمى الدواعش , حاول الأكراد إعطاء البراهين للمترددين بان التحول إلى الانفصال أمرا لابد منه لان الإقليم سيصاب بكارثة لا ذنب له سوى فشل الحكومة الاتحادية في إدارة البلاد , ولجأت الدول المتعاطفة مع الإقليم إلى تهدئة الأمور والتوصية بعدم الاستعجال , ومن باب النصيحة لغرض ضمان القبول الدولي وعدم الممانعة فقد أعلن القادة الكرد قبولهم بالحد الأدنى الذي يحمي مصالح الكرد وهو التحول إلى الكونفدرالية وهو تحول لم يتم القبول به بشكل صريح وفي الوقت نفسه لم يعارضوه بشكل كامل إذا كان هذا هو اختيار الشعب الكردي , لذا سارع رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني إلى طرح موضوع الاستفتاء على هذا الموضوع وبقي يردده لتلقي ردود الأفعال , وعندما لم يجد من يعارضه بشكل علني وصريح من داخل الإقليم وخارجه فقد دعا برلمان الإقليم لعقد جلسة طارئة بتاريخ 3/7 /2014 لمناقشة الموضوع وقد جرت المناقشات بجلسات مغلقة لجس النبض ودراسة الاحتمالات كافة , وهي في الواقع ستكون الخطوة الأكثر أهمية لتحول الإقليم إلى كونفدرالية خلال المراحل القادمة لاسيما بعد أن امتلك ورقة رابحة للمفاوضات مع المركز وهي ضمه للعديد من المناطق التي خضعت لحماية البيشمركة بعد تخلي الجيش عنها ولكي لاتكون تحت سيطرة المسلحين في كركوك والموصل وصلاح الدين وديالى , فحين تمارس بعض الضغوطات في المفاوضات لعله سيترك بعضا من تلك

المناطق كبديل عن مطلبه في نيل الكونفدرالية , وسيبقى الموقف الأكثر أهمية وهو الموقف الأمريكي , ورغم إن الأمريكان ليس لهم كامل الاستعداد حاليا لمنح الكونفدرالية في الوقت الحاضر , ولكنهم سيتعاونون مع الأكراد لتحقيق ذلك لاحقا , أما لماذا لا توافق أمريكا الآن وهي تتمتع بعلاقات حسنة مع الإقليم , فان ذلك يعود إلى سبب واحد لاغير وهو إن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تولت احتلال العراق سنة 2003 بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1483ولا تريد أن تعطي الانطباع للعالم بان نتيجة احتلالها قد أدت إلى تقسيمه وهو ما يسميه الأمريكان الالتزام الأخلاقي الأمريكي اتجاه العراق .

وخلاصة القول, إن خطوات انتزاع كردستان من العراق قد بدأت بالفعل وما هي إلا أسابيع أو اشهر لكي يرى هذا المشروع الانطلاقة الفعلية واتخاذ الإجراءات التنفيذية له , ومن المتوقع ن تكون نتائج الاستفتاء لهذا المشروع بنسب ومؤشرات مقبولة وضمن التوقعات ولصالح الانفصال , وان من ابرز ما سيترتب على ذلك من تداعيات هو تشجيع إنشاء الأقاليم في المحافظات القريبة ( السنية ) من الإقليم ليس حبا بها وإنما من باب تقريب الحدود البرية مع دول الجوار تحسبا من أية خلافات قد تنشا لاحقا بين الكونفدرالية مع تركيا اوايران اوسوريا حاليا أو مستقبلا , والخطوة اللاحقة ستكون هي بذل أقصى الجهود لتكون كونفدرالية كردستان جزءا من الاتحاد الأوروبي أو أي اتحاد يتطابق مع المصالح المشتركة وبما يضمن الابتعاد أكثر عن العراق , وسيكون الرجوع عن هذا الموضوع مستحيلا , ولكن الأجيال الحالية والمستقبلية ستتذكر وتلعن الظروف والشخوص الذين أسهموا في تحول العراق إلى هذا الوضع المعقد الذي ينسلخ فيه جزءا مهما منه بهذه السهولة وبدون مسوغات تتطلب هذا التحول الخطير والذي كان من الممكن حله بالتفاهمات , ولان الأمر لا يزال قيد الأفكار والتوقعات ولم يصل إلى النهايات التي تم عرضها بهذا التبسيط , فان أمام السياسيين وأبناء شعبنا الكريم عربا وأكراد وقوميات ومكونات أخرى الفرصة المتاحة لكي يتوحدوا ويجدوا المعالجات السريعة لحل المشكلات القائمة والحيلولة دون إحداث تطور سريع لا يزال بمتناول اليد ومن الممكن تلافيه من خلال الانسجام والترفع عن الذات واثبات الوطنية الحقيقية وليس طرح الشعارات والتلون بمختلف الألوان , فالحفاظ على وحدة الوطن من أسمى الأسبقيات , ونحن على يقين بان اغلب القادة الأكراد الذين عرفناهم بوطنيتهم وتضحياتهم من المؤكد بأنهم يتمسكوا بعراقيتهم عندما يجدوا الأرضية المناسبة للتفاهمات , ( ونعرض مفاهيم في الكونفدرالية وفرقها عن الفدرالية كما وعدنا في مستهل المقال ) .

/////////////////////////////////

الكونفدرالية

هو اتحاد بين دولتين أو أكثر من الدول ذات الاستقلال التام بعد عقد معاهدة تحدد الأغراض المشتركة التي تهدف الدولة الكونفدرالية إلى تحقيقيها ويتمتع كل عضو فيها بشخصيةٍ مستقلة عن الأخرى وتديرها هيئات مشتركة..تتكون من ممثلين من الدول الأعضاء لتحقيق الأهداف المشتركة وهذه الهيئة تسمى الجمعية العامة او المؤتمر وأعضائها يعبرون عن رأي الدول التي يمثلونها،وتصدر القرارات بالإجماع، وتعتبر نافذة بعد موافقة الدول الأعضاء عليها.12 إذا الدولة الكونفدرالية تتكون باتحاد دولتين أو أكثر من الدول المستقلة {وليست أقاليم} لتحقيق أهداف مشتركة وذلك بموجب عقد معاهدة بينهم وتشرف على تنفيذ نصوص المعاهدة هيئات مشتركة بين الدول الأعضاء. وتتمتع الدول الأعضاء في الاتحاد الكونفدرالية باستقلالها التام ، وترتبط يبعضها نتيجة مصالح عسكرية، اقتصادية أو سياسة. كما هو الحال في الاتحاد الأوربي . ثالثا: الفرق بين الدولة الفيدرالية والكونفيدرالية: 1- لكل دولة عضو من أعضاء الاتحاد الكونفدرالي ممارسة السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي الفعلي. أما أعضاء الدولة الفيدرالية فلا يحق لهم ذلك ويكون التمثيل الدبلوماسي والسياسة الخارجية من اختصاص السلطة التنفيذية في الدولة الفيدرالية (الحكومة المركزية). 2-لدول أعضاء الدولة الكونفدرالية حق إعلان الحرب وليس بإمكان أعضاء الدولة الفيدرالية(حكومات

الأقاليم) ذلك ، لأن ذلك من صلب صلاحيات الحكومة المركزية(الحكومة الفيدرالية). 3-الحرب التي تحدث بين أعضاء الدولة الكونفدرالية حرب دولية، أما الحرب التي تحدث بين أعضاء الدولة الفيدرالية فهي حرب داخلية (إقليمية). 4-كل خرق للقانون الدولي من قبل أحد أعضاء الدولة الكونفدرالية يتحمل نتائجه وحده وليس بقية الأعضاء والعكس هو الصحيح في الدولة الفيدرالية. 5-تشرف على الدولة الكونفدرالية هيئات مشتركة بين الدول الأعضاء ، أما في الدولة الفيدرالية الحكومة المركزية هي التي تدير الدولة وتترأس أعضائها. 6-يحق لكل دولة عضو في الاتحاد الكونفدرالي الانسحاب متى شاءت لكونها دولة مستقلة،أما أعضاء الدولة الفيدرالية فليس لهم الحق لأنهم يعتبرون أقاليم وجزء لا يتجزأ من الدولة الفيدرالية. 7-مواطنو الدولة الكونفدرالية يتمتعون بجنسية بلدهم وليست هناك جنسية موحدة للدولة الكونفدرالية،أما مواطنو الدولة الفيدرالية يتمتعون بجنسية الدولة الاتحادية الفيدرالية وهناك جنسية موحدة للدولة الفيدرالية عكس الدولة الكونفدرالية تتعدد الجنسيات بتعدد الدول. 8- في الاتحاد الكونفدرالي يتعدد رؤساء الدول بتعدد الدول، حيث لكل دولة رئيسها،آما الدولة الفدرالية(المركزية) تتميز بوحدة رئيس الدولة وسيادة موحدة ،أي الدولة الكونفدرالية لا تعتبر دولة موحدة تضم بين جنباتها دويلات أعضاء، بعكس الدولة الفيدرالية تعتبر دولة على الصعيدين الداخلي والخارجي .