18 ديسمبر، 2024 7:41 م

ماذا يعني ان تنتخب مرشحاً للسلطة التشريعية في النظم البرلمانية؟

ماذا يعني ان تنتخب مرشحاً للسلطة التشريعية في النظم البرلمانية؟

في الانظمة السياسية تعد السلطة التشريعية اعلى سلطة في النظام البرلماني، وهي بموضع التشريع، والمراقبة والاشراف على السلطة التنفيذية التي هم مسوولة في اقتراح القوانين وارسالها الى البرلمان ومن ثم تنفيذها في حالة قراءتها والتصويت عليها في حين تقف السلطة القضائية بموقع الحياد ووظيفتها الفصل في المنازعات التي قد تحصل بين السلطة التشريعية والتنفيذية فضلاً عن وظيفتها الاساسية في في التحكيم والمقاضاة وتحقيق العدالة، وعليه فان السلطة التشريعية في النظام البرلماني تتقدم على السلطتين التنفيذية والقضائية من حيث الوظيفة، لما لها من صلاحيات كبيرة منها صلاحية تعين رئيس واعضاء السلطة التنفيذية(رئيس مجلس الوزراء ورئيس الدولة) وعزلهما، كما انصت على ذلك كل الدساتير وتحديد صلاحيات واسعة ترسم السياسات العامة وتصوت عليها كقوانين تلزم الحكومة بتنفيذها، فعلى سبيل المثال لا الحصر اناط الدستور العراقي النافذ صلاحيات جمة بمجلس النواب فقد نصت المادة(61) منه بصلاحيات كثيرة منها: تشريع القوانين الاتحادية، والرقابة التشريعية على السلطة التنفيذية والرقابة على اداء السلطة التنفيذية، واختيار رئيس الدولة، وتنظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب، والموافقة على تعيين كل من: رئيس واعضاء محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف القضائي بالاغلبية المطلقة، بناءً على اقتراح من مجلس القضاء الاعلى، والنائب العام، وتأسيس المجلس القضائي، وختيار قضاة المحاكم العادية، والسفراء واصحاب الدرجات الخاصة باقتراح من مجلس الوزراء ، ورئيس اركان الجيش، ومعاونيه، ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات، بناء على اقتراح من مجلس الوزراء ، واختيار القيادات الميدانية، ونص الدستور ايضا على مساءلة رئيس الجمهورية بناءً على طلبٍ مسبب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء مجلس النواب، والرقابة التشريعية على السلطة التنفيذية، واعفاء رئيس الجمهورية بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء مجلس النواب، بعد ادانته من المحكمة الاتحادية العليا في احدى الحالات الاتية: الحنث في اليمين الدستورية، انتهاك الدستور والخيانة العظمي، ولمجلس النواب اقامة رئيس الحكومة او اعضاء اعضاء مجلس الوزراء. وكذلك له صلاحية الموافقة على اعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين، بناءا على طلبٍ مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، وكذلك له سلطة إعلان والموافقة على الحرب.
وهنا يتضح مدى الصلاحيات المناطة باعضاء مجلس النواب او السلطة التشريعية، وعليه فعندما ينتخب مرشحاً ما بعد الحصول على نسبة عالية من الاصوات وجعلها بهذا المستوى كونه يصبح ممثل عن الشعب، ومشرعا عنهم فيما يحتاجه البلد ومواطنية من قوانين تنظيم جوانب الحياة العامة والخاصة بصورة عصرية عادلة، وبالتالي فالانتخابات في الانظمة البرلمانية تمثل فيصل اساسي كمبدئ رئيس من سيادة نمط الحكم الديمقراطي يستطيع من خلالها الشعب بانتخاب ممثليه ليكونوا مشرعين، لذا وجب هنا ان يكون الانتخاب قائم على اسس عقلانية ومهنية منها ان يكون عالما بالشرائع والقوانين، له اطلاع واسع على ثقافات المجتمع، ان يتميز بالاخلاص للدولة، ان يتسم المرشح ايضا بالنزاهة والسيرة الحسنة، ولا تشوبه شائبة من فساد او جرائم او تورطه بالمال والدم العام والخاص داخل البلد وخارجه، وان يكون من مواطني البلد لفترة لا تقل عن خسمة سنين حتى يكون عارفا بمتطلبات الدولة والمجتمع، وان يتخلى عن اي انتماء قانوني او سياسي لصالح دول او جهات خارجية، حتى لا يتعارض ذلك مع مصلحة الدولة والمواطنين، اضافة الى الصدق والامانة وصاحب برنامج وطني قابل للتطبيق يعد بتنفيذه حال فوزه في عضوية مجلس النواب كمشرع عن الشعب، وغير ذلك من اخلاقيات العمل السياسي ولا نجد غرابة عندما وضع فلسفة الفكر السياسي قديما وحديثا مبادئ صارمة فيمن يمتهن العمل السياسي والنيابة والتشريع عن الناس، من ضمن ذلك ان تكون الخدمة هذه تشريف يتنازل على ضوءها عن الملكية الخاصة، وفي حالة المخالفة او النكث بوعوده، تكون عقوبته المعنوية امام الناس شديده، وامام القانون صارمة، وهذا راجع الى الوظيفة الوطنية القانونية التي انيطت من قبل الناس بالمرشح في الانتخابات، لكن الواقع السياسي اليوم في الانظمة البرلمانية في عدد من الدول العربية كالعراق والبنان اصبحت هذه الوظيفة ومبادئها والصلاحيات المناطة بها لا تمت الى كل ما اشرنا له من خلال تحول الوظيفة هذه الى وظيفة اوليغارشية والى اداة للكسب غير المشروع، وتنفيذ اجندات حزبية ضيقة بعيدة عن اخلاقيات العمل التشريعي والنيابي، وبالتالي يصبح النائب بعد فوزة بعضوية مجلس النواب بمعزل عن طموحات ناخبيه، لذا علينا ان نفكر بجدية في اختيارنا قبل الانتخابات لاسيما ونحن على ابواب انتخابات برلمانية في تشرين الاول من هذا العام ستحدد مصير البلد لسنوات اربعة قادمة قد تكون عبئا كسابقاتها من الاعوام الثمانية عشر الماضية او قد تكون هناك مفاجئات وهذا يتوقع على اختيار ابناء المجتمع وطموحاتهم بالتغيير.