في السابق كانت المعادلة السياسية التي صنعتها امريكا والغرب في المنطقة هي جعل ايران مستقرة والمنطقة العربية في فوضى الربيع العربي .. اما اليوم يبدو ان المنطقة في طريقها للاستقرار وايران نحو الفوضى لان الخطورة باتت تكمن في الجانب الشرقي من ايران لان انسحاب امريكا من افغانسان وبالامس اكتمال انسحاب القوات الالمانية منها لم يكن ذلك من فراغ وانما لغرض التمهيد لعودة طالبان الى المشهد في افغانستان خصوصاً بعد سيطرتها على مزار شريف واستسلام قوات من الجيش الحكومي وفصائل حشد القبائل الى طالبان التي لا يمكن ان تنسى يوماً دور ايران في هزيمتها لهذا ايران بدت تستنفر ثقلها العسكري والمليشياوي للحفاظ على مصالحها في افغانستان من جهة وللحفاظ على أمن واستقرار حدودها التي يتواجد بها البلوش والبشتون الذين يشكلون القوة الرئيسية لطالبان من جهة اخرى، لذلك سحبت ايران 10 آلاف مقاتل من مليشياتها الافغانية والباكستانية من سوريا لارسالهم الى افغانستان بالاضافة الى مطالبة مليشياتها العراقية التطوع لغرض الاستعداد للقتال تحوطاً من تأجيج الصراعات العرقية داخل ايران .. بمعنى هل ان امريكا صنعت وسيلة ضغط جديدة تعيد فيها حساباتها لردع ايران وانهاء تمددها في المنطقة بعدما خسرت كثير من اماكن تواجدها على الارض وهيمنة ايران على عدد من الدول من خلال تمدد اذرعها في المنطقة مما انعكس ذلك على انحسار المواقف الامريكية وفقدانها لكثير من اوراق المناورة ورجحان كفة ايران خصوصاً في مفاوضات فينا لذلك جاء هذا الانسحاب ليكون بمثابة تحول جديد في السياسة الامريكية .. أم ان الانسحاب مجرد محاولات للضغط على ايران لرد ماء الوجه بعد الانتقادات الشديدة لسياسة بايدن المتخاذلة اتجاه ايران التي وصفها السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام : الايرانيون يتلاعبون بالرئيس بايدن مثل آلة الكمان .. بمعنى ان تلك السياسة اضعفت امريكا واسقطت هيبتها في الحضيض وادت الى فقدانها زمام المبادرة وباتت لم تعد ماسكة لخيوط اللعبة .. والسؤال هنا هل الانسحاب الامريكي ودوّل التحالف من افغانستان انسحاب تكتيكي لغرض الضغط على ايران في مباحثات الجولة القادمة في فينا والمتوقع ان تكون الجولة الاخيرة .. ام اتفاق مع طالبان نتيجة تحول جديد في السياسة الامريكية بعدما شعرت ادارة الرئيس بايدن بان سياسة التماهي لم تعد تجدي نفعاً ولابد من مواجهة ايران وتوريطها عبر قنوات اخرى .. بمعنى هل ان هذا الانسحاب وما صاحبه من ضربات امريكية مباغتة على مواقع تمركز الميليشيات التابعة لايران في سوريا والعراق بمثابة خطوات امريكية لاعادة حساباتها في المنطقة .. أم ان الوقت قد فات وضيعت امريكا الخيط والعصفور بسبب سياساتها الخاطئة .