السياسة عملية ليست باليسيرة, فهي تحتاج إلى إمكانات ومؤهلات, تجعل من السياسي ان يعرف ماذا يريد, وكيف يتحرك, وما هي حدود امكاناته, وما يمتلكه من آليات لتحقيق أهدافه وتنفيذ خططه.
التروي وعمق النظرة, والايثار والصبر, وروح المطاولة, والتفكير بخدمة العامة, من أهم السمات التي يجب على من إنخرط في السياسة أن يتحلى بها.
ينتهج بعض السياسيين منهج عنيف, لتحقيق مآربه, أما من خلال اللجوء الى العنف, أو من خلال التصعيد الإعلامي, وإتهام الشركاء على إنهم خونة, محاكيا بذلك بسطاء الناس وعامتهم, وملهبا مشاعرهم, من خلال تصوير إن الأعداء, يشكلون خطراً وجودياً عليهم, وعلى العامة أن تذعن لهذا السياسي, بصفته حامي حمى العامة.
على خلاف هذا النهج التصادمي, يسير السيد عمار الحكيم, فالرجل رغم ما يمتلكه من إرث مرجعي, له وقع طيب في النفوس, ورغم ما يمتلكه من إرث سياسي, ومن كاريزما القيادة, وكذلك إمتلاكه ثاني أكبر قوة عسكرية منخرطة في الحشد الشعبي, إلا إنه وخلال مسيرته كلها, كان ملتزما الهدوء والتعقل, ويسير بروية, ضاربا ذات اليمين وذات الشمال, بتمتين العلاقات مع جميع الاطراف الدولية والمحلية, ذات الشأن في القضية العراقية. كانت بصمات السيد عمار الحكيم, واضحة في دعم الحكومة, والسعي لجعلها حكومة خدمات, لا حكومة سلطة, وكان واضحاً في تشخيص اخطاءها من جهة, وتثمين إنجازاتها حين تقوم بمنجز ما.
عمار الحكيم لم يتكلم بطائفية يوما ما, لكن مواقفه كلها كانت تصب بمصلحة الأغلبية (الشيعة), فهو ينظر الى إن تمكين الأغلبية, يجعلها وسيلة لتقوية الأقلية, فمن وجهة نظرهِ, إن الاغلبية الحاكمة العادلة, ستكون عون ومساعد للأقلية, من خلال عدم اقصاءها, وتمكينها من مشاركة الاغلبية في ادارة البلد.
يرى هذا السيد الهاشمي, إن أخطاء الاشخاص الحاكمين, يجب أن لا تنسحب على أصل العملية السياسية, فهي -العملية السياسية- الضامن الوحيد للشعب العراقي, لعدم عودة الديكتاتورية, وحتى في زمن لم يشارك فيه تيار شهيد المحراب في الحكومة. في فترة المالكي الثانية (2010- 2014), عمل السيد الحكيم على المحافظة عل هيبة العملية السياسية, حين رفض مشروع اربيل, بين الكورد والعراقية والتيار الصدري, للإطاحة بالحكومة وقتها, لأن سماحته كان ينظر إلى إن البديل والقادم مجهول.
السيد الحكيم لم نره يستقتل ليكون له موقعا معينا, ولم نشاهده ملتحفا بشعارات, ظاهرها حرص على الطائفة وباطنها البحث عن المكاسب كما يفعل غيره، لذا يتساءل هنا بعض المتابعين, ويقولون ماذا يريد عمار الحكيم؟.
المتابع المنصف, والذي يحلل بتجرد مواقف سماحته, سيجد إن الحكيم لا هم له ولا شغل, إلا عراق مستقراً, تنعم به الاغلبية بحقوقها, وتعيش الأقلية فيه بأمن وسلام، يريد الحكيم بلداً حضارياً مرفهاً, تعمل نخبه لخدمة المجتمع, دون تمييز وأفضلية لأنتماء عرقي او طائفي او حزبي.