يصرُّ المالكي وقيادات حزب الدعوة على أن مطالب المتظاهرين الملتهبة في الانبار والمحافظات الأخري هي مطالب( نتنه وفقاعية وطائفية ، لا تخيفه ! )، وبذريعة الطائفية قام بتجييش قواته في البداية لينهي التظاهرات بالقوة كما صرَّح هو وأعقبه بعد ذلك وزير دفاعه (الوكيل) بمضمون إنهاء التظاهرات بالقوة ، لكن مستشاريه من حزبه أشاروا عليه بالتهدئة وحسنا فعل لأنه أدرك أن ذلك سيسرع من نهاية سلطته ، تغيير النهج بعد ذلك بالعزوف إلى تجييش المظاهرات المضادة وتسييس الشارع بما يشهر الانقسام بقيادة حزبه وتسخير الموظفين والقوات الأمنية والطلبة وشيوخ العشائر بأوامر وايعازات بوجوب المشاركة في مظاهرات مؤيدة له ترفع فيها صوره تأكيدا على تسييس طائفي بالضد في المطالب من المظاهرات التي تناهضه ، وقد عكس حجم هذه التظاهرات وطبيعة المشاركين بها أنها مظاهرات غير عفوية ومدفوعة الثمن كما وصفها بهاء الاعرجي وزملاؤه من كتلة الأحرار كما يؤكد حجم المظاهرات انحصار شعبية حزب الدعوة في الشارع . مؤيدو المالكي لم يتكلموا عن انجازاته ولم يظهروا حماسهم في الهتاف عن فساد وفشل حكومته !.ولم تكن لهم مطالب وكأنهم غير عراقيين لا مطلب لهم سوى بقاء المالكي للقضاء بقانون المسائلة والمادة 4 إرهاب لا يطلبون ماء ولا سكن ولا كهرباء وليس لديهم سجناء أو معتقلون أو معتقلات !.
عفوية وشرعية التظاهرات ومطالبها وحضاريتها وسلميتها بالرغم من مرور ما يقارب من عشرين يوما ابهر الجميع ولقد شاد بها السيد مقتدى الصدر و وصفها بالوحدوية والمشروعية وكذلك السيد عمار الحكيم وكل الساسة المنصفين والمراقبين والأمين العام للأمم المتحدة ومنظمات دولية عديدة وما ميزها عن غيرها هو حالة التصويب بالخطاب والشعارات والتصعيد في شمولية المطالب لتتجاوز المناطقية والعشائرية إلى الوطنية والشمولية وهذا ما يؤكد صميميتها . فيما لم تدع ضجة الإعلام المضاد لها من خدعة أو بدعة ألا و وصمت بها التظاهرات فلغاية الأمس يكتب احدهم بلا حظ أو ضمير أن أهم مطلب لدى متظاهري الأنبار أنهم طالبوا برفع الشهادة بإمامة على عليه السلام من آذان الصلاة ! .فما كان للمتظاهرين من جواب شافٍ سوى قراءة نصوصا من مقتل الأمام الحسين عليه من منصتهم . كانت لحكمة وكلمة الشيخ العلامة عبد الملك السعدي في المتظاهرين صدى طيب وهو يلقي عباراته بموعظة وكأنه حمامة سلام طائرة بين الفريقين .
ما يعيب التظاهرات حقا وحقيقة ويحرفها عن عفويتها هو تشبث ساسة الشراكة والمحاصصة بها وحرصهم على اعتلاء منصاتها الخطابية بكل وسيلة مع أنهم اعلنوا فشلهم في تحقيق انجاز لناخبيهم ولم يعد لهم من دور فاعل أو أمل في تصحيح المسار ، فبعد هكذا تصريحات لم يعد هناك من دافع لأي منهم أن يوجه ويخطب أو يهتف أو ينقر بين المتظاهرين وهو يشغل موقعا في حكومة خائبة أو أو مقعدا في برلمان فاشل. منصات المتظاهرين يفترض أن لا يكون فيها مكان للمشاركين في السلطة بعد أن أعلنوا عجزهم ، لان مسؤولية السلطة تضامنية على الجميع فيما سببوه للشعب من معاناة ودمار وفساد ما لم يعلنوا براءتهم منها وانسحابهم بغض النظر عن كتلهم ومكوناتهم وكذا الحال فيما يخص التفاوض ومطالب المتظاهرين ، تطوع العديد من هؤلاء الساسة والمنتفعين للقيام بدور الوسيط والمبعوث أمر عبثي ، ما يحدث في العلن هو تظاهر واعتصام سلمي في ساحات معروفة بصريح الخطاب والوجوه المكشوفة وبمطالب معلنة لرئيس حكومة وسلطة أدت سياساته وفساد حكومته إلى نكبة ومحنة ومعاناة لم يعد بالإمكان الصبر والسكوت عنها وهو المعني والمسئول الأول والأخير مع المتظاهرين ،فهو دولة المالكي الذي هو دولة العراق وأمين عام الحزب الحاكم فيه وزعيم كتلة دولة القانون والقائد العام للقوات المسلحة مسئول بمفرده و وفق ما يعلنه البرلمان والوزراء أنفسهم عن ما يحدث ،فلماذا الوسطاء ، ممثلي المتظاهرين لا يتفاوضون إلا مع دولة المالكي مباشرة وإلا أصبح التفاوض جلسة من جلسات الحكومة أو البرلمان التي لم تغني العراقيين من ضيم ولم تحميهم من جوع .
إن كنت تريد التهدئة يا دولة الرئيس فجموع المتظاهرين ومفاوضيهم لازالوا في ساحات التظاهر ينتظرون قدومك أو أنهم جاهزون للقاء بك فمطالبهم موحدة في كل الساحات ، لكنك إن كنت تعتقد إن الوقت يعطيك فسحة لحلول تستطيع أن تنهي فيه هذه التظاهرات بأي أسلوب ، فكن واثقا انك مخطئ ، عليك أن تعرف إن استمرارية التظاهرات والاعتصامات سيصعَّد من سقف المطالب وسيعقد الحلول لما لا تحمد عقباه .
دولة الرئيس : إن مطالب مفاوضينا نيابة عن المتظاهرين ان اخترتم التفاوض للتهدئة مستعدون ان يبددوا مخاوفكم جاهزون ان يقسموا أمامك وأمام الشعب بكتاب الله أنهم حريصون على وحدة العراق ويفدوها بدمائهم فلا تهددهم بها ، وأنهم لم يستلموا دولارا واحدا من دولة أجنبية أو إقليمية كما تقولت ، وأنهم أبرياء من تلطيخ أيديهم بالدم العراقي أو بالمال الحرام والفساد المالي فهم ليسوا إرهابيين أو قتلة فلا تزجهم بالسجون وفق المادة 4 إرهاب المقيتة التي طالت شبابهم في السجون، فهل لك استعداد يا دولة العراق كما هي كنيتك ويا أمين حزب الدعوة كما اختارك حزبك أن تقسم لهم بنفسك و عن حزبك على المصحف الشريف الذي مما لاشك فيه انك لن تنكث به ، اقسم بأنك لن تسع أو تهدف إلى تقسيم العراق وستجنبه الحرب الأهلية ورياح الطائفية البغيضة قولا وفعلا ، وان يداك ستكون بريئة من دماء العراقيين ورقابهم إلا بالعدل وأن تحافظ على ثروتهم وأموالهم فلا تحمي الفاسدين وستكشف أوراقهم جميعا وجميع ملفاتهم للإطاحة بهم لا لحمايتهم والتحفظ على فسادهم ، اقسم انك لن تنحني لإرادة إقليمية أو أجنبية تضر بالعراق وأهله حتى لو كلفك ذاك موقعك ، سيادة العراق واستقلاليته يجب أن تكون سمة السلطة الوطنية. اقسم بان العراقيين عندك سواسية في الحقوق والواجبات والتكليف بالوظائف والمهمات وان الكفاءة والنزاهة هي المعيار وانك ستحكم بين الناس بالقضاء العادل وتقتص ممن ظلمهم بالقصاص اللازم ، أطلق حرائر العراق من سجونهم واقبل كفالة من يتعهد باحضارهن إن استوجب القضاء ذلك ، في وجودهن بالسجون تعريض للنيل من شرفهن ممن لا ضمير له كما أن اكتظاض السجون بالشباب بلا مسائلة وقضاء عادل ظاهرة للحكم الفاسد فهم مستقبل الأمة وعمادها ، أقسم انك ستعمل على كفاءات العراق وعلمائه وستسعى من أجل عودتهم إلى درجاتهم الوظيفية وأعمالهم المهنية والعلمية ، فبدونهم لا يبنى البلد ، عوائل المجتثين ومعاشاتهم حق يحسب المساس بها نمط من الوزر المحرم فأقسم يا دولة الرئيس انك ستكون منصفا بهم . وفي ظل القضاء العادل تشكل كل القوانين والتشريعات الرادعة الوقتية شبهة واستغلال لحقوق العامة ويصبح زوالها واجب ملزم بعد أن ثبت أن تطبيقها فيه ظلم وحيف على المظلومين فاقسم انك ستجد حلا يرضي المتضررين . لو فعلت ذلك تكون حقا قد أخذت بيد المتظاهرين والمعتصمين وهي مطالب شرعية ومشروعة . هذا ما يريده المعتصمون والمتظاهرون من دولة الرئيس وهي أمور أصبح السكوت عنها محال والقبول بها استغفال واللف والدوران حولها دجل واحتيال ، فقنا شر المواجهة والقتال وكن في قراراتك حكيما بحكمة العقلاء والرجال ، فالتاريخ لن يرحم بك مهما كان غطاء عذرك ، إن الدين لمتين لا يقبل الإيغال .