أظن أن من البديهي القول بأن أهل الأنبار مثلهم مثل باقي طوائف المجتمع , يريدون دولة ً يحكمها القانون , لا مكان فيها للفاسد واللص والمزور . دولة يسودها العدل والأمان والشعور بالمواطنية والإنتماء لحضارة عريقة في وطن يسع الجميع . هذا المطلب هو حلم شعبنا العراقي بكل مكوناته الأثنية والطائفية ومن يعيق تحقيقه فهو لا يريد الخير لشعبه مهما تغنّى بشعارات الديمقراطية وأمطرنا بهرائه عن الدين وشعائر الخير التي إنغمسوا في طقوسها ومظاهرها وإبتعدوا عن جوهرها العميق بنوع من الإنفصام أدى بالمجتمع العراقي إلى الضياع في متاهات ٍ سببها لهم السياسيون الوافدون بكل أطيافهم , وما جلبوه من أفكار وطموحات متناقضة لا سبيل للتوفيق بينها . المشكلة تكمن في تلك الهوة الشاسعة مابين الشعار والتطبيق . تنقصنا حكومة منسجمة مع شعارها أولا ً ومع شعبها فيما بعد . نريد سياسين لا يكذبون ولا يغشون ولا يبيعون كلاما ً فارغا ً من المعنى . نود أن نرى حكاما ً لديهم مشروعا ً وطنيا ً جامعا ً مانعا ً لعموم شعبنا بكل أطيافه . نريد ديمقراطية حقيقية وليس بالأسم والشكل فقط . نريد أحزابا ً علمانية أو تؤمن على الأقل بحق المواطن في أن يفكر بملء حريته ويختار ما يشاء من الأفكار دون إكراه ٍ أو خوف . العلة تكمن في إننا منحنا أصواتنا لزعماء طائفيين كل ٌ حسب طائفته ثم حين أذاقونا الويل بدأنا بالشكوى والتذمر . صحيح أن بعضنا خدعته الشعارات البراقة للقائمة العراقية حين كانت تنادي بالمشروع الوطني العابر للطوائف , وقتها كان أياد علاوي ينقر على وتر العلمانية والوطنية ويخاطب الجميع كأخوة له يرسم لهم مستقبلا ً ورديا ً , إكتشفنا فيما بعد زيف إدعآته وبإنه لا يختلف عن غيره في مسعاه نحو المناصب والنفوذ وحب السلطة ولا عن تمثيله لطائفة معينة حسب إصطفافه مع رموز طائفية إختارها بعناية ليتسيد بها المشهد السياسي . في الجانب الآخر أصيب بالإحباط الذين صوتوا لصالح القائمة التي كانت تغازل الشارع الشيعي رافعة ً لواء المظلومية وتمثيل أهل البيت في تحقيق العدل والسير على نهج علي بن أبي طالب وبرهنت الأيام زور إدعاتهم وكذبهم المفضوح وبانوا على حقيقتهم مجرد لصوص فاسدين وقتلة . الخديعة إنطلت على الجميع فلا القائمة العراقية وقادتها ونوابها الفاسدين يمثلون السنة ولا زعماء دولة القانون وباقي المسميات يمثلون مصالح الشيعة كما يظن البعض مع الأسف فلا حل إلا بكنس هؤلاء الساسة ومحاسبتهم جميعا ً على مانهبوه من أموال وضياع للوقت والجهد وما آل إليه مصير البلاد . لقد خدعنا جميعا ً وعلينا أن نتحمل المسؤولية بكل شجاعة ونتدبر أمور مستقبلنا ببسالة محتكمين للعقل وبأن الشعوب لا تسيرها الشعارات الغوغائية ولا دغدغة العواطف واللعب على التناقضات والتصيد في المياه العكرة . لنحزم أمرنا منذ الآن ولنستعد لمعركة إنتخابية قادمة متسلحين بالوعي ومعرفة العدو من الصديق مدققين في هوية القادم إلينا ومعرفة مشروعه السياسي في العودة إلى ماضيه وأفكاره وإرتباطاته ثم وضع الإنسان المناسب في مكانه المناسب . لنختار النزيه الكفوء الحالم ببناء وطن عادل تسوده قيم الديمقراطية والخير والجمال , الرافض للإستبداد والتطرف وتيسيس الدين , المحب لشعبه ووطنه ولقيم الحرية والعدالة والإخاء . لنحترس من الشعارات الطائفية الداعية لتمزيق لحمة المجتمع , ونطرد الوافدين المسلحين بأفكار التطرف والعنف من صفوفنا ولا نسمح للزعماء الحاليين مهما كانت صورتهم في أن يصادروا أصواتنا أو أن يمرّروا مشارعيهم الجهنمية من خلالنا , فتلك فرصتهم في أن يسرقوا المنبر ليتسيدّوا المشهد على حساب معاناتنا جميعا ً .