استبشر الشعب العراقي ، وقلما يستبشر خيرا، عند تشكيل حكومة السيد عادل عبد المهدي اذ ان المشرف على الغرق يستجير بسعفة قش لأنقاذ حياته ، وهكذا اوهم هذا الشعب نفسه ان الأمور ستتغير وتبدأ مسيرة الخلاص من الطغمة التي جثمت على الصدور منذ عقد ونصف والحقت بالعراق ما لم يلحقه جنكيزخان من ضرر اذ لم ينج مرفق الا وناله التخريب واصبح هذا البلد ، الذي كان يشار اليه ، في اوقات الخير بالبنان، في اسفل قائمة الدول الفاسدة والفاشلة .
طبعا لم يعد العراق ، نتيجة تسلط حكومة فاشلة واحزاب متخلفة وكياناتعنصرية ومذهبية متحجرة الافكار، تلك الدولة المهابة والمحترمة بين دول العالم ، ولم تعد الدبلوماسية العراقية تلعب الادوار الرائدة في الشرق الاوسط وفي العالم كما كان الامر في سنوات الازمنه الجميلة بل تراجع الى مستويات دنيا نتيجة تعيين من هب ودب من الأهل والاخوة والاخوات في وزارة الخارجية وسفاراتها في الخارج فيما المفروض ان يكون انتقاء موظفيها ودبلوماسييها وفقا لميزان حساس جدا تتوفر فيه شروط الوطنية ، الرصانة، الشهادة العليا والفكر النير والتصرف الحضاري .
للآسف الشديد لم تعد هذه الشروط مقبولة للطغمة الموغلة في التخلف وهكذا اصبحت وزارة الخارجية العراقية ملاذا للمنتفعين ماديا ووسيلة لهؤلاء الذين يكرهون العراق ويستغلون مناصبهم لنشر فكر هم الشوفيني للانفصال عنه .
انها حالة خاصة لم تحصل في دول العالم كافة حتى تلك الأكثر تخلفا ان يعاد تعيين سفير عراقي سابق رفض عام 2017 العودة الى العراق من هولندا للتحقيق معه اثر مخالفات عديدة وكثيرة واطلاق تصريحات ذات منحى شوفيني معاد للبلد الذي يمثله دبلوماسيا حيث قال امام الصحافة ( انني لست عراقيا ولااقبل ان تكون كردستان جزءا من العراق ) ، سفيرا جديدا في البرتغال ( !!! ) .
يحار المرء حقا ماذا يقول سوى ان الامر فيه ضحك على الذقون واستهانه بالشعب العراقي .. فالسؤال موجه الى حكومة السيد عادل عبد المهدي كيف ولماذا تحصل مثل هذه الامور ؟ هل يعقل رئيس الوزراء ان هذا الشخص سيمثل العراق ويدافع عن حقوقه ؟؟ هذا الشخص يجب ان يحاكم بتهمة الخيانة العظمى فكيف يعين سفيرا في البرتغال ؟؟
ولكن يبدو ان وراء الآكمة ما وراءها فالسفير المعين اسمه سيوان صابر البارازاني ابن شقيق مسعود البارازاني ( من مواليد شباط عام 1972) ، قيادي كبير في البيشمركة ، ومسؤول مالي في شركة كورك التي قيمتها اكثر من ملياري دولار
عين في ديوان وزارة الخارجية عام 2009 وكان قبلها يعمل ممثلا للحزب الديمقراطي الكردستاني ومكلفا بأدارة شبكة مخابراتية في اوربا تابعة للحزب المذكور واخرى ترعى المصالح والصفقات المالية لعائلة البارازاني. بعد فترة اختير سفيرا للعراق لدى ايطاليا وهولندا ولوحظ اثناء عمله في هاتين الدولتين انه لم يكن يعير عمله كسفير بل كان يزدري بلده امام المسؤولين الاجانب . لقد وفر له السيد هوشيار زيباري اثناء عمله وزيرا للخارجية الخارجية فرصة منحه التسهيلات المالية والادارية الاستثنائية مقارنة بغيره من السفراء.( كان يتقاضي راتبا شهريا مقداره 13 الف دولارفضلا عن 30 الف دولاريتم دفعها سنويا مصاريف مدرسية لأطفاله الذين يتعلمون في مدرسة دولية في مدينة لاهاي اضافة الى 3 الاف دولار يتم دفعها لأثنين من الموظفات المحليات يعملن في ادارة شؤون منزله والاشراف على تربية اولاده الى جانب مخصصات سرية غير معروف مقدارها كان يبعثها الوزير زيباري له وبشكل مباشر ) .
اثناء فترة الاستفتاء في اقليم كردستان للانفصال عن العراق جاهر سيوان بكل صراحة بعدم عراقيته وروج بشكل كبير لأنجاح الاستفتاء وعندما تحرك بعض الاكراد في ايطاليا وهولندا في تظاهرات احتجاجية ضد السلطة في بغداد سهل السفير سيوان لهؤلاء اقتحام السفارة وانزال علم العراق واحراقه والعبث بموجوداتها وبسبب موقفه المشين هذا استدعته وزارة الخراجية الى بغداد للتحقيق معه الا انه لم يعد وسافرمباشرة الى فرنسا التي يحمل جنسيتها .
في الختام نقول ان الجميع يعلم ان العراق ابتلى بنظام المحاصصة البغيض وقد يقول الكرد ان تعيين هذا الشخص جاء من حصة الأكراد ولكن الا يفترض ان تكون هناك معايير واضحة لمن يشغل مناصب عليا تهم سمعةالعراق في الخارج ؟ وهل يقبل السيد عادل عبد المهدي بمثل هذا التعيين ام انه حصل رغما عنه ؟
هناك من يجزم من العارفين بشؤون وشجون العراق ان فترة شهر عسل حاصلة بين الاكراد ومسعود البارازاني بالذات والقيادة الايرانية اذ يلاحظ ان البوصلة الكردية غيرت اتجاهاتها من امريكا الى ايران بعد ان وعدت الاخيرة الاكراد بأنها ستحصل لهم على حقوقهم واكثر من السلطة الاتحادية في بغداد التي هي بدورها تدور في الفلك الايراني حتى العظم .
هذه هي اللعبة التي جعلت موازنة العراق تمنح الاكراد اكثر بكثير مما يستجقون ( اكثر من 20% ) وهاهي الامور تتغير في كركوك لصالح الاكراد فيما التعيينات في مرافق الدولة ومنها وزارة الخارجية التي جاءت بسيروان البارازاني فأصبح من خائن ورافض لبلده الى سفير له تجري على قدم وساق وبأمر من الايرانيين طبعا .
اما رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي فعند سؤاله ماذا يجري ولماذا يأخذ الاكراد كل هذه المنافع على حساب الشعب العراقي يجيب انهم حلفاء لنا ولهم حق في هذا البلد .
لقد ابتلي العراق بأنصاف الرجال وحلم الجميع ان يأتي اليوم الذي يتم فيه قلع هؤلاء من جذورهم ويرمون في سلال النفايات عندها بالتأكيد سيعود العراق الى الزمن الجميل .. نعم انه حلم ولكن ليس ببعيد ان يتحقق .
.