ذكرت بعض وكالات الانباء العربية والاجنبية ان “العاصمة البريطانية لندن شهدت مؤخرا لقاء ضم ممثلين عن الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الإسرائيلي وقيادات كردية، وذلك اثر التطورات الميدانية في الساحة العراقية.وقالت إن اللقاء عقد بداية حزيران الماضي، وخلاله بعثت بريطانيا بتطمينات الى تركيا لتبديد مخاوفها من استقلال إقليم كردستان ، مشيرة إلى ان الأكراد بساومون على استقلالهم بعملية بيع النفط ، وأن ما يميز العلاقة التاريخية بين إسرائيل وكردستان العراق أنها قائمة على أسس استخبارية متينة وتعاون عسكري ومد بالسلاح إضافة إلى التدريبات وإقامة محطات التصنت الاستخباري في كردستان العراق .وأضافت المصادر أن “المستشارين العسكريين والأمنيين الإسرائيليين يعملون في جميع المرافق الأمنية في الإقليم الكردي”، مؤكدة أن “استقلال إقليم كردستان سيفتح شهية الأكراد في الشرق الأوسط للبحث عن إدارات ذاتية وعمليات انفصال “.الى هنا أنتهى الخبر.
ونقول ان موضوع تفتيت وضياع البلد بدأ من لحظة تشكيل ما يسمى العملية السياسية الفاشلة كجزء من تداعيات الاحتلال والتي كونت نظام سياسي لامثيل له بالعالم ، لان تركيبته البنيوية أسست على انماط طائفية وعرقية ، ولن يستطيع الخروج منها وهذه لوحدها هي من مزقت الهوية الوطنية العراقية الجامعة ، وتعرض الامن القومي العراقي الى مخاطر وتحديات وخسائر كبيرة ، ولم يلمس الشعب العراقي من هذا النظام السياسي إلا الضرر منه ليس بسبب عدم توفر “الاجواء والمناخات”كما يدعي البعض ،واعداد المراحل الانتقالية التي تؤمن العمل الشفاف وتقبل الاخر وطريقة الحوار فحسب بل كل تداعيات الاحتلال والنفوذ الايراني القوي في العراق ، وعدم وجود رجال دولة اكفاء في كيفية ادارة الدولة و معالجة الازمات، بل تعاملهم مع الواقع العراقي برمته حتى هذه اللحظة وفق ارادة خارجية ،همهم الوحيد هو “كيفية البقاء في السلطة” مهما كانت الخسائر ،واعتقد تجربة السنوات الماضية اكبر دليل على ذلك .
وجزء من سياسة الفشل والاتجاه نحو التقسيم ،عندما وافقت حكومة المالكي الاولى والثانية على اشغال منصب وزير الخارجية من قبل “خال مسعود البرزاني” كفرض وهو مواطن كردي عمل على تسخير قدرات الوزارة وتوظيفها لصالح “الكرد”من خلال تحركاته الدبلوماسية او من خلال اكثر من “26”سفير كردي يعمل لصالح انفصال الكرد عن موطنهم الاصلي العراق ،بل حتى جلال الطالباني عندما كان رئيسا للجمهورية رفض وبشدة وفي العلن ان تكون محافظة كركوك كجزء من الدولة العراقية بل قالها وفي مؤتمرات عدة وامام كل قادة العملية السياسية واصدقائه ” الاستراتيجيين ” من التحالف الوطني .بل اكد ايضا ان كردستان ماضية نحو الاستقلال!!.
ان ما يحصل في لندن وغيرها من العواصم الغربية من مؤامرات لتقسيم العراق لايمكن لها ان تمر دون وجود الادوات المحلية ورغبة البعض من تقسيم العراق، فبعض ساسة الخط الاول والثاني والثالث من مكونات العملية السياسية اصولهم ليست عراقية ، والوطن العراق عندهم مجرد ذاكرة زمنية عابرة ، وهؤلاء يسعون بكل ما لديهم من “قوة” الى تمزيق العراق ، وهناك امثلة كثيرة على التفريط بالسيادة العراقية وقطع جزء من ارض العراق كما حصل في جنوب الفاو وضمها للكويت بمباركة حكومة المالكي والتحالف الوطني والنشاط “المتميز”لوزير الخارجية زيباري وبموافقة “نزاهة” معظم نواب العراق، حتى صمت قادة التحالف الوطني و”الحكومة” على استحواذ ايران على اربع ابار نفطية ضمن حقل فكة النفطي داخل الاراضي العراقية هو من ضمن تمزيق الخارطة العراقية .
الاكراد أخواننا ولكن طريقة تعاملهم منذ احتلال العراق كشفت عوراتهم ، وهذا التصرف جاء بسبب ضعف المقابل بالتحديد “التحالف الوطني”بكل مكوناته دون استثناء. لان قادة التحالف الوطني تعاملهم مع الواقع ليس بالحكمة وشجاعة القرار ،وانما لازالوا يتعاملون مع اشد الازمات باسلوب الباطنية .هذا الاسلوب الجبان المنافق الذي لايصلح في ادارة دولة وكيفية معالجة ازماتها .والسؤال الافتراضي : الى متى يتعامل قادة العملية السياسية خارج الدستور ؟، وهل في الدستور وجوب ان يكون رئيس الوزراء “شيعيا أو سنيا”؟، وهل في الدستور ايضا أن يكون رئيس الجمهورية كرديا؟. كفى العمل باسلوب “الصفقات ” لانها هي من دمرت العراق ، واشغال هذه المناصب ليس عرفا كما يدعي البعض، بل هي “مؤامرة” كبرى على الدستور الذي يتشدقون به ليلا ونهارا ،ومن حق المواطن العراقي ان يسأل قادة التحالف الوطني : هل ستقولون “نعم ” مباشرة للمرشح الكردي لرئاسة الجمهورية دون ان يكون هناك اتفاق واليات عمل ضابطة مع اقليم كردستان دستوريا ؟، واعادة كل المدن تحت سيطرة البيشمركة الى ادارة الحكومة المركزية ، لان الاسراع في عمليات التصويت دون وجود اي توافق سياسي مسبق بين مختلف الاطراف ستؤدي الى استمرار الازمات وابقاء المشهد العراقي كما هو وبالتالي التفتت وتقسيم العراق.
امانة المسؤولية والواجب الوطني تحتم على كل قادة العملية السياسية ان يحافظوا على وحدة العراق وتماسك شعبه واحترام ارادته والخروج من دائرة التأثيرات الخارجية مهما كان نوعها وليكون القرار وطنيا بامتياز يجعل من الامة العراقية امة واحده بهوية واحدة واعتقد ان الامة الهندية ليست ببعيدة عنا . نأمل من الحكومة الجديدة ان تفتح صفحة مشرقة في التصالح والمحبة والوئام من خلال سلسلة من القرارات الشجاعة التي توحد البلد لا تفرقه ، ويا قادة الكتل السياسية رجاءنا الزموا نوابكم بالابتعاد عن التصريحات الطائفية والمتشنجة ، فجمال البلد بتعدد مكوناته واعتقاداته وافكاره ، وحمى الله العراق.