الجماعة في واشنطن غيرو سفيرهم في العراق… فأرسلوا السابق الى القاهرة وجاؤا بسفيرهم الذي في عمان الى بغداد مع تباشير نهاية عمليات العد والفرز في مفوضية الانتخابات والهجوم الشامل للقوات المسلحة الاتحادية على معاقل الارهاب في مناطق النفوذ السنية , في إشارة واضحة الى السياسة الجديدة المزمع إتباعها في العراق لإستيلاد الحكومة الجديدة التي سيساهم الكثيرين في تشكيل جنينها المصاب بالكثير من التشوهات ألأخلاقية والذي سيأتي بعملية قيصرية ويعيش سنوات عمره مريضا معلعلاً تعيا الأطباء بعلاجه لأن امراضه مستعصية وعضال في خضم الإنشغالات المضنية والمقلقة للساسة والمواطنين بما ستسفر عنه نتائج الانتخابات وما ستقدمه الحكومة المنتظرة من خدمات وامن وامان وفرص العمل للعاطلين والمؤسف ان اول الصدمات كانت على صعيد
تبلور القناعات بأن الشعب العراقي لايحب (التغيير) بدلالة انتخابه لنفس الطاقم السابق الذي اغرق السفينة في دوامة الفوضى والعنف والفساد ( رغم ادعاء الناخبين انهم ملوا هذه الوجوه ويحبون التغيير ومصرين عليه))
السفير الجديد ستيوارت جونز سيحمل في جعبته حزمة من الاحتمالات والمعالجات لأزمات حتمية و(مقترحة ) للوضع (المسخ) في العراق .
واحدى الازمات قائمة فعلا على خلفية تصدر المالكي (شخصا وقائمة) للانتخابات كما توقع الاعلام الاميركي والسعودي وغيره ذلك قبل ان يدلي الناخبين (الحائرين) بأصواتهم (المكرهة) من خلال ضبط وتحليل توجهات الشعب العراقي الذي يحن (لا شعوريا) للقائد الرمز والزعيم ألأوحد مثلما تحن اميركا (شعوريا) للقطب الواحد والهيمنة والتحكم…وثانيتها احتدام المعارك العنيفة في الفلوجة ( برغبة وقرار اميركي يستهدف إستيقاء دين المعركة التي خاضتها راغبة ضدهم أبان تواجدهم فيها – واندفاع المالكي فيها تنفيذا للرغبة الاميركية المزدوجة في مكافحة ألأرهاب كما تدعي ومعاقبة العراقيين لأنها خرجت من بلادهم خالية الوفاض وتحقيقا لمصالح المالكي ألأنتخابية وانتقاما من الحواضن التي تؤوي ألأرهابيين وتتناسل معهم لتفريخ المزيد من (الحمير) المستعدين للانتحار بدوافع يعتقدون انها عقائدية (جهادا) في سبيل حفنة من الشياطين الذين يفجرون ألأبرياء من العراقيين كل يوم ) والتي تلقي بضلالها الحالكة على المشهد العام … وثالثها التشكيك في نتائج الانتخابات قبل واثناء وبعد ظهور النتائج النهائية وماتنطوي عليه عمليات العد والفرز من اسرار ودواهي لايعلم بها إلا اللاعبين الكبار والتي سارع المندوب ألأوربي الى التشكيك فيها كمقدمة لابد منها لبناء موقف اوربي قادم… ورابعها الموقف ألأقليمي متمثلا في ايران, التي بدأ الساسة الشيعة يشدون الرحال اليها للتدوال ومعرفة موقفها النهائي من الفائزين وتشكيل الحكومة القادمة ومدى توافقه او تقاربه مع الموقف ألأميركي, وتركيا والسعودية واسرائيل وقطر والكويت القريبة جدا من الساسة السنة الذين يملكون في الخارج من يتحرك نيابة عنهم اتقوية ومساندة مايصفونه بمطالبهم المشروعة . رغم ان اللاعبين الاساسيين في ألأزمة العراقية لايستطيعون تقديم يد العون لأتباعهم إلا اعتمادا على مايحققونه من اصوات ومقاعد في البرلمان القادم … وخامسها تدفق الدواعش الى المنطقة الغربية من الخاصرة الهشة مع سوريا بعد الخسائر الفادحة التي تكبدوها هناك بعد الأوامر التي صدرت لهم من الظواهري مؤخرا للجوء الى الفلجة التي – ربما – ستكون المعقل ألأخير لهم والجيب المهلك , إذا ماتم فك الطوق عنهم بصورة او بأخرى – او تسريب بعض قياداتهم – إستجابة لدواعي إسترضاء بعض السنة او بعض دوائر القرار ألأميركية او السعودية … وسادسها الموقف الكردي المهيمن على بترول كردستان الذي يعمل وكأنه طرف اجنبي في العراق مهددا بالانفصال مالم تستجاب مطالبه وقيام البارزاني بجولة على دول الجوار بدأها بالأردن لكسب التأييد للموقف الكردي الساعي هذه المرة لتحقيق المشاركة الفعلية في قرار الحكم في بغداد وأن يمثل بإستحقاقه ومستواه ونفوذه كلاعب كبير في المنطقة وليس في العراق فحسب مسنودا بالموقفين الاسرائيلي وألأميركي .
والغريب في المعادلة تراجع كتلة (متحدون ) عن موقفها السياسي المناهض للمالكي واعلانها رغبتها في التحالف مع اي طرف دون استثناء في المرحلة القادمة … والمفاجئة افراز الانتخابات لأكثرية شيعية تتجاوز ال (150) مقعدا مما يعزز الثقة بعودة التحالف الوطني بقوة في البرلمان والحكومة ويبعث برسالة امل مطمئنة لإقرار كافة مشاريع القوانين المعطلة , دون إغفال تطعيم الحكومة القادمة ببعض الوجوه السنية المعتدلة لإسترضاء السنة … كل ذلك سيدفع بالفرقاء السنة الى محاولة الإلتفاف على الوضع من خلال المطالبة وباصرار بتشكيل حكومة شراكة وطنية تنفي الاقصاء والتهميش عن كافة مكونات الشعب العراقي , وذلك بعد استفراغ الجهد من التشكيك في الانتخابات ونتائجها… وسيساعدهم الموقفان الدولي والاقليمي في مطالبهم الثابتة بتشكيل حكومة الشراكة ( اللاوطنية) التي سيواصلون العمل من خلالها على اعاقة العملية السياسية ويساعدون على ادامة زخم الارهاب والتفجيرات واقلاق الوضع الأمني لا لشيء إلا لبلوغ وتأكيد هدف واحد انهم اكثرية مظلومة ومهمشة وانهم اهل للسلطة والحكم وان الشيعة لايصلحون للحكم ويستمرون في تنفيذ مخطط دول الجوار السنية في الإبادة الجماعية لشيعة العراق ويبذلون الغالي والنفيس
لتحقيق هذا ألأمل الذي ورثوه عن اسلافهم , وتحت مرمى ومشاهدة وشهادة القاصي والداني من الاميركان والأوربيين والروس والسنة في العالم .
شئنا ام ابينا فأن الولايات المتحدة اتخذت من العراق قانصة للارهاب في العالم من خلال استدراجه الى الحواضن السنية الدافئة التي ترحب به ايما ترحيب لوحدة المناط بين السنة والاميركان في هذا المجال انتقاما لما فقدوه , وربما يستنسخون نفس التجربة في مصر المشرفة على مرحلة خطيرة في ملفها الامني من خلال نقل سفيرهم السابق في العراق الى مصر فكل الظروف مواتية من التنوع الديني والمذهبي والتطرف الاخواني الذي لن يستسلم بسهولة وإتساع نطاق الفقر والتعصب القومي ووقوع اسرائيل على الحدود اللاعب الرئيسي في الوضع العربي الراهن (لأنها تتجسس على اميركا نفسها فما بالك بباقي العالم والعرب على وجه التحديد)
الضربات العنيفة التي يتلقاها ألأرهاب في الفلوجة الآن – طالت ام قصرت – ستؤدي الى تغيير الكثير من المواقف السياسية (الداخلية او الخارجية) وسيكون التكتيك السني حاضرا في المشهد وبقوة للخروج من عنق الزجاجة… والأكراد يحاولون تشكيل (تحالف عراقي)
للضغط على دولة القانون للنزول عند رغباتهم على مائدة المفاوضات او اقصاء دولة القانون من خلال التحالف مع ألأحرار والمواطن والسنة وتشكيل جبهة عريضة قد تؤدي الى توقف العنف والارهاب ومعركة الفلوجة بسرعة تفوق التصور وينعم العراق بالأمن والأمان بعد توزيع المناصب بطريقة تضمن عدم تهميش السنة ومنح ألأكراد مطالبهم بعد تلطيفها وتكييفها اميركيا وعراقيا ويظل منصب رئيس الوزراء من حصة الشيعة بدون (دكتاتورية او طغيان) وربما تحديد صلاحيات رئيس مجلس الوزراء القادم … فهل سيدفع كل ذلك المالكي ودولة القانون الى الإستجابة لمطالب الفرقاء الشيعة بتغيير المالكي بآخر من الدعوة او من التحالف للإبقاء على تماسك البيت الشيعي… وبالنظر الى شخصية المالكي وطريقة تصرفه في الحكم والتي تستهوي معظم العراقيين الذين اعادوا انتخابه, نعتقد انه لن يستسلم لتلك الرغبات المطالبة بتغييره او استبداله بآخر (حتى لو كان ابنه احمد) فإنه سيأخذ الذي فيه عينيه حتما . لذا سيبقى العراق يدار بنفس الطريقة والأسلوب , مع فارق التمثيل في البرلمان فستكون ألأكثرية فيه للشيعة, بينما سيستمر البعثيين والقاعدة وداعش وامهم الحنون السنة في لعب نفس الدور الذي درجوا عليه منذ سقوط النظام القذر في سنة 2003 في الذبح والقتل والتفخيخ والتفجير وعرقلة العملية السياسية .
المشهد معقد جدا وبنيته قائمة على جماجم الأبرياء في صراع مرير بدأ بين اخوين وسينتهي – ربما – بين أمم .