24 نوفمبر، 2024 10:56 ص
Search
Close this search box.

ماذا يجري لأطباء العراق ؟

ماذا يجري لأطباء العراق ؟

في هذا المقال سوف ندخل في واحدة من المواضيع الجدلية المضببة في العراق .
فقد اتصل بي واحد من خيرة الاطباء الاختصاصيين العراقيين , والذي يشرف على ردهة العمليات في واحدة من اكبر المؤسسات الصحية العراقية , قال ( انني بحاجة اليك ) . قلت له ( انا بالخدمة ) .
لم يطلب مني الكثير . فقط ان اكتب عن ( الحملة المنظمة لتهجير الاطباء في العراق ) . هذا العنوان شكل صدمة لي , وخلف حزنا على الفور .
لا اخفيكم انني شعرت ان الرجل خائف على حياته .
كنت حتى هذا اليوم اسمع عن هذا الأمر من ناس عاديين وليس مسؤولين . وكنت أمر عليه مر الكرام . مرة اعتبره جزءا من الدعاية اليومية التي يمارسها اعداء التغيير في العراق . ومرة اراه مبالغات . ومرة مجموعة مصادفات لا ترقى لمستوى الفعل المنظم .
لكن الطبيب اكد لي ان الامر اخطر من تصوراتي . ؟
لقد دار بيننا حديث طويل . وطلبت منه معلومات تفصيلية ووثائق واسماء . وقد زودني ببعض منها , وانتظر منه ان يستكمل بقية الملف لكي ارى طريقة لعرضه امام المهتمين في العراق وخارج العراق .
هناك نية للوقوف على حقيقة مايجري ودوافعه , وبلا شك ان اية مساهمة جادة سوف تصب في هذا الاطار .
اين الحقيقة ؟
وماذا يجري لأطباء العراق ؟ ولماذا ؟
٭٭٭
في 19 – 07 – 2017 توفي الطبيب المتقاعد ( سليم عبد الحمزة ) متأثرا بطعنات تعرض لها من قبل مسلحين مجهولين اقتحموا عيادته الخاصة في منطقة المعامل شرقي بغداد .
وقتلت في نفس الاسبوع ( 24-07-2017 ) طبيبة الاسنان (شذى فالح السامرائي ) في مركز صحي بمنطقة الوشاش ببغداد .
وفي يوم 18-07- 2017 قام مسلحون مجهولون، بخطف الطبيب “محمد علي زاير “من عيادته الخاصة , والذي يعمل مديراً لقسم الجراحة في مستشفى الحكيم في منطقة الشعلة ببغداد . ثم اطلق سراحه بعد ايام , ولاتوجد معلومات عن الجهة الخاطفة , ولا سبب الخطف والافراج .
واختطف في نفس الاسبوع الطبيب ( سعد عبد الحر ) من عيادته الخاصة ببغداد الجديدة , ولا نعرف ماذا حل به .
واغتيل في 06 – 10- 2015 – الدكتور ( وسيم خضير عبّاس. ) مدير مركز الحسينيّة التخصّصي لطبّ الأسنان
وفي بغداد ، تمكّنت الأجهزة الأمنيّة في 18-06-2015 من إحباط محاولة اختطاف طبيب بعد مغادرته عيادته في شارع فلسطين.
وفي منطقة ( الحارثية) أحد أحياء بغداد الثرية والمعروفة بكثرة العيادات الطبية، اقتحم مسلحون مجهولون عيادة الطبيب الجراح (سامر العطار ) وضربوه بقوة حتى فقد الوعي، وبينما سارع سكرتيره إلى نقطة التفتيش القريبة من العيادة طلبا للنجدة، كان المسلحون قد لاذوا بالفرار . قرر الطبيب عدم إبلاغ الشرطة خوفا على حياته، واتخذ قرارا حاسما بإغلاق عيادته واصطحب عائلته بهدوء الى إقليم كردستان، ويفكر الآن بمغادرة البلاد.
٭٭٭
معرفة الحقيقة ليست ممتعة دائما . بعض الحقائق تكون مفزعة .
فقد جرى اتصال هاتفي آخر بيننا وبين احد الاطباء العراقيين البارزين مهنيا ونقابيا.
الاتصال في سياق الحملة التي نقوم بها لمعرفة مايجري لأطباء العراق ودوافعه .
لقد قدم لي الطبيب تفسيرا اطاح فيه بجميع تصوراتي السطحية .
يؤكد الطبيب ان عملية استهداف الاطباء ليست عفوية . وان هناك قوى منظمة وراءها .
الدافع الرئيس هو المال طبعا . المال هنا يعني ارقاما بمليارات الدولارات سنويا تذهب الى مستشفيات وعيادات خاصة في البلدان الاربع : ( ايران , الاردن , تركيا , لبنان ) . يتطلب تدفق هذه الاموال تحويل مجرى العلاج للمرضى العراقيين من الداخل الى تلك البلدان .
ولكي يتحقق ذلك يتوجب العمل على هدفين : الاول هو تحطيم سمعة الاطباء العراقيين و الثقة بهم . و الثاني هو تحطيم مؤسسات وزارة الصحة العراقية .
ويبدو ان السعي لتحقيق هذين الهدفين يجري في وقت واحد .
فقد كشف الطبيب عن وجود اهمال (غير مفهوم ) لمؤسسات وزارة الصحة , وانحسار مساهمتها بشكل متواصل نسبة الى العلاج الخاص والخارجي . اذ انخفضت مساهمة هذه المؤسسات من 35 الى 25 بالمئة خلال سنة واحدة .
٭٭٭
اكبر المفارقات هو ان لايشعر الاطباء العراقيون بانهم الاقوى في البلاد .
ماذا يحدث لو اضرب رؤساء العشائر عن مهنتهم ؟
او اضرب رجال الدين عن عملهم ؟
وماذا يحدث لو اضرب الاطباء العراقيون عن العمل ؟
المحزن جدا ان تشعر نقابة الاطباء انها اصغر من احزاب اللصوص .
كيف يكون من يداوي الناس اضعف ممن يسرقهم ؟
هل يعلم نقيب الاطباء انه ارفع منزلة واخطر من اي رئيس حزب او وزير في الدولة ؟ .
هل يعلم انه يستقبل في جميع دول العالم المتقدم كشخصية رفيعة المستوى وموثوق بها اكثر من السياسيين ؟ .
من يكون مقتدى الصدر , اوعمار الحكيم , او النجيفي , او الاعرجي , او الزاملي , أو اشباههم امام نقيب الاطباء ؟ .
من يعترف بهم ومن يستقبلهم في العالم ؟
فليجرب هؤلاء ان يعبروا اجواء العراق ويحطوا في اي مطار من مطارات العالم المتحضر ( اوربا , امريكا , استراليا , اليابان , كندا ) . وليأخذوا معهم جميع رؤساء العشائر ورجال الدين الافاضل .
٭ ٭٭
على نقيب الاطباء الدكتور (عبد الامير محسن الشمري ) ان يدعو اطباء العراق الى اضراب شامل وليوم واحد للضغط على الحكومة من اجل وضع حد للتهديدات التي يتعرض لها اعضاء نقابته .
بغير هذه الخطوة فان موقفه سيكون حرجا , ولا معنى لبقائه في منصبه .
٭٭٭
سألت الطبيب : الناس تتهمكم بالجشع . ماذا تقول ؟
فاجاب :
(( معظم الأطباء في العراق لا تزيد اجرة الفحص الخاص عن ٢٥ الف دينار اي ما يعادل ٢٠ دولار تقريبا .. اما رواتب الأطباء في العراق فهي اقل من راتب الشرطي. على سبيل المثال. راتب الطبيب المقيم الدوري عند بدء العمل في المستشفى لا يزيد عن ٨٠٠ الف عراقي. اي ما يعادل ٦٥٠ دولار فقط. وان اقل شقة ممكن ان ياجرها الطبيب في بغداد تزيد قيمة إيجارها الشهري عن ٧٠٠ الف عراقي. عن اي جشع يتحدثون ))
٭٭٭
الاطباء في العراق يشعرون انهم لوحدهم . ضحية للبلطجية والعشائر والمستهترين واحزاب ( الاتاوات) الاسلامية . لا ناصر لهم ولا معين .
العراقيون منشغلون بنصرة الحسين . الذي مات قبل اربعة عشر قرنا . وصل عدد الانصار الى سبعة مليون .
اية مهزلة هذه ؟ .
ماذا لو اضرب الاطباء العراقيون جميعا عن العمل وليوم واحد ؟
هل سيداويهم الحسين وذريته من اصحاب العمائم السوداء ؟ .
الخزي والعار لهذه الامة التي لا تحمي من يداويها ويسكن آلامها يوميا .
٭٭٭٭٭٭

أحدث المقالات

أحدث المقالات