قلنّا وحذرنا أكثر من مرة ،أن سنجار قنبلة موقوتة، يمكن أن تنفجر بأية لحظة،وتدّمر من حولها وتصل شظاياها الجميع،وهاهي سنجار وأزمتها تعود للواجهة مرة أخرى، لتدق جرس إنذار أخير،في نعش مشكلة مستعصية، على حكومة بغداد وعلى حكومة أنقرة ،وعلى مستقبل نينوى ،وكرستان العراق،فمايجري في سنجار،من قيام تنظيم حزب العمال الكرستاني التركي البككا،بتأسيس تواجد طويلة الامد،يفضي الى (دويلة في وسط المنطقة )،تشكل رمحاً نافذاً في قلب تركيا والعراق،يهدد مستقبلهما بقوة،ويضع المنطقة كلها في حالة حرب دائمة،فالأنفاق التي حفرتها البككا في جبل سنجار،لايمكن لأية قوة عسكرية ،تدميرها والوصول لها، تشبه أنفاق حماس داخل الاراضي الفلسطينية ،ثم سيطرتها على سنجاروأهلها البسطاء، والنواحي والقرى المجاورة لها ،وتشكيل (حشد يبكا أو إيزيدخان ) لها، من أهل المنطقة ،وتمددها الى القرى العربية الاخرى،في تواطؤٍ واضح من قبل حكومة بغداد منذ زمن طويل،وربما التنسيق معها في التمويل والتسليح من أطراف وجهات إقليمية ودولية، لها مصلحة وأجندة ،في جعل المنطقة(بؤرة صراع)عرقي وطائفي وإقليمي،وتسهيل تنفيذ هذه الأجندة لربطها مع سوريا،والمعروف،أن حزب العمال التركي البككا، يسيطر على أخطر مخيم لداعش وعوائله في العالم، الا وهو (مخيم الهول السوري)وسجون اخرى لداعش داخل اراضي سوريا، والذي يعتبر قنبلة نووية ،تهدد المنطقة كلها ،كما يسيطر على مناطق واسعة جدااا في شمال سوريا، وهذا يؤهله ،أن يلعب دوراً إستراتيجياً وعسكرياً في كل من العراق وسوريا، بسبب المساحة الواسعة التي يحتلها في البلدين،ويستخدمها في تنفيذ عملياته العسكرية في العراق وسوريا وتركيا، ولهذا تقوم تركيا بحملات عسكرية يومياً، ضد عناصره ومقراته في شمال سوريا والعراق،ومعروف أن تمويله،يأتي من تهريب المخدرات والسلاح والأعضاء البشرية ،والسيطرة على بعض آبار النفط في سوريا والعراق،حيث أصبح التنظيم يشكل عقبة كأداء تقلق حكومة بغداد، كما تقلق الإخوة الإيزيدين ، حيث اغلب الايزيدين لايرغبون ببقاء وضع سنجار تحت سيطرة البككا عليها،فبقاؤهم في المخيمات وعدم عودتهم دليل رفضهم للبكا، ومن انضم لهم ،فهو إما تحت التهديد أو الحاجة للمال أو بالإغراءات الأخرى ،فهم مغلوب على أمرهم، والمعروف عنهم ،أنهم ناس بسطاء يحبوّن التعايش والسلام مع الآخرين، ويقيمون علاقات واسعة مع عموم المنطقة، ويحضون بإحترامهم ومحبتهم،لهذا نقول إن حزب العمال التركي ،أخطر من تنظيم داعش الآن على العراق، لأنه يتمّدّد بسرعة مذهلة، بكلّ من سوريا والعراق، ويهددّ الآمن القومي لهذا الدول، في حين تنظيم داعش إنتهى الى الأبد،إن لم يقم البككا باستخدامهم ورقة إبتزاز للعراق وسوريا، لأنه يسيطر على معاقل داعش في مخيم الهول وسجن غويران، في سوريا و بأعداد هائلة مخيفة تصل الى (153 الف )، يمكن أن تغير المعادلة بأية لحظة تقررها البككا وقوات سوريا الديمقراطية الكردية ،لهذا يأتي خطر البككا من هنا، وتواجده في سنجار وقنديل وغيرها معلوم ومرصود من قبل الجميع،ولكن أن يبقى الوضع في سنجار هكذا ،فهو الطامة الكبرى لأمن العراق وتركيا، فالأمم المتحدة والعراق وكردستان العراق وتركيا ،اتفقوا على معالجة وضع سنجار بإتفاقية(تاريخية)، ولكن فشلت الامم المتحدة بمسعاها هذا، رغم ان ممثلتها بلاسخارت زارت سنجار، وإطلعت بنفسها على أوضاعها المأساوية هناك، وبالرغم من قيام حكومة بغداد بحملة كبرى لإعمار سنجار وإعادة نازحيها ،وهم بالالاف ، وتشكيل حكومة محلية لها ،وقيام الجيش والشرطة المحلية من أبناء سنجار، وقيام تركيا بشنّ حملة (مخلب النسر)، لمعالجة وطرد البككا من الشريط الحدودي منها،إلاّ أن جميع هذه المحاولات فشلتْ، أمام صلابة تحدّي موقف البككا ،لمثل هذه المعالجات الترقيعيةمستندة على دعم اقليمي لها، حتى أن عناصر البككا واليبشا ،إشتبكوا مع الجيش العراق ،وقتلوا أكثر من خمسة جنود وضابط ،شهادء في المواجهات بينهما داخل سنجار،لهذا إستهان البككا وتمادوا في غيهم، بسبب المواقف الرخوة والغير جادة لمواجهة عسكرية ،تقوم بها بغداد وانقرة واربيل لطردهم من سنجار وقنديل وغيرها، وإبعاد خطرهم ، وذلك بسبب دعم دول اقليمية ودولية ،في إبقاء خطرهم لإشغال المنطقة بهم، والإستفادة من وجودهم في إضعاف خصومهم ، وتنفيذ أجندتهم وتمرير مصالحهم السياسية والاقتصادية والعسكرية،إذن هناك دول تريد إبقاء البككا في سنجار،وعلى إمتداد الشريط الحدودي بين العراق وتركيا وإيران،وإستخدامهم رأس حربة لها، وبندقية بيدها ، لإضعاف وإشغال خصومها ،ومنهم أمريكا ،فمن يدعم البككا في العراق وسوريا هما ايران وامريكا، ومن يزودهما بالسلاح هما أمريكا وايران،تربطهم مصالح إستراتيجية مشتركة طويلة الآمد ،لهذا نرى التصادم الإيراني – الامريكي في العراق وسوريا خجولاً ومؤجلاً،وعلى الفضائيات فقط، وفي السرّ،هناك تخادم إستراتيجي يخدم مشروعيهما في المنطقة ، وبقاء وتمدّد البككا يخدمهما بقوة،فحزب العمال الكردستاني التركي، وضعته أمريكا وأوروبا على لائحة الإرهاب في الإعلام فقط، فيما تتعامل معه في سوريا والعراق،وترعاه وتزوده بالسلاح والمال، بحجة مواجهة داعش والجيش السوري ، هذه الإزدواجية الامريكية والايرانية ،في التعامل مع الإرهاب على أساس مزاجي ومصلحي ،فهما يدعمان البككا وداعش في سوريا والعراق، كلما إحتاجا لذلك،فما يجري في سنجار يدخل في هذا الباب، وإنهاء خطر البككا على أمن العراق وتركيا ،مرهون بموافقة إيران وأمريكا على القضاء عليه ،وطرده من العراق وتحجيم خطره في سوريا،ولكن السؤال الملح، هل توافق إيران وفصائلها وأمريكا وحلفاؤها ، على القضاء على البككا ،في الوضع الراهن، لاسيما وأن توسع حرب غزة قائم وقادم، وقد يشمل عموم المنطقة، فلا يمكن أن توافق ،لا إيران ولا أمريكا على إنهاء خطر البككا النووي على مستقبل العراق والمنطقة، وهما يروّنه يتمددّ بسرعة ،نحو العمق العراقي بمدنه وقراه، ويؤسس له قواعد شعبية ،وقواعد عسكرية واقتصادية ،نعم خطر البككا الآن قائم وقادم بقوة نحو الداخل العراقي، إن لم تضع حكومة بغداد له حداً سريعاً، وتستغل الفرصة للتحالف مع انقرة واربيل ،وتنفذ اتفاقية سنجار التاريخية بأسرع وقت ممكن ، للتمهيد لاعادة اكثر من 150 الف نازف ايزيدي من دهوك واربيل الى سنجار وتطبيع الاوضاع هناك ، قبل وصول النازحين اليها في بداية الشعر السابع التاريخ الذي وضعته حكومة بغداد ،كآخر موعد لغلق المخيمات كلها في العراق،وان لم تعالج الاوضاع الخطيرة في بغداد ستكون في نفق طويل لاتستطيع الخروج منه في المستقبل ،فهل ستقوم حكومة السوداني، بعد فضيحة تفاوض الجيش العراقي مع البككا ،بقضية خطف خمس بنات أو التحاقهن بالبككا ،بإعادة السيادة العراقية المنتهكة من قبل البككا في سنجار،ومنع تمددها في المناطق العربية ،نعتقد هذا صعب جداً على بغداد،قبل ان تأخذ الضوء الأخضر من إيران وأمريكا ، مايجري في سنجار،هو أكبر من قابلية بغداد وكردستان، في مواجهة البككا، فمشكلة البككا هي مشكلة سياسية ،وليست عسكرية، وحلّها يبدأ من واشنطن وطهران ،وليس من بغداد وأنقرة واربيل ،ومَن يقول غير ذلك فهو واهم ، وحتى تتفق واشنطن وطهران ،لطرد البككا من العراق ، نتوقع حصول كلّ شيء في سنجار وغيرها من قبل البككا المدللّة، البككا أخطر من داعش على العراق الآن، فإنتبهوا أيها العراقيون ، فلا يلدغ العراقي من جحرٍ مرتين،خطر البككا قادم إليكم وعليكم ،وعلى مدنكم لامحالة ،إن لم تحسموا أمركم وتقولوا كلمتكم للتأريخ،والتاريخ سوف لن يرحم المتخاذلين ….!!!