23 ديسمبر، 2024 2:12 ص

ماذا يجري في العراق بعد داعش..؟

ماذا يجري في العراق بعد داعش..؟

قلت في مقالاتي التي سبقت تحرير مدينة الموصل ،أن مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش في العراق ، ستكون المرحلة الاصعب والاخطر على العراق ،وإستندت على جملة مبررات واقعية ، منها الصراعات السياسية التي تعصف بالعملية السياسية والاحزاب الحاكمة ،التي تتصرف بشكل نفعي وحزبي وطائفي ، وتتسابق لنهب اكبر لموارد العراق، حتى اصبح الراق بفضلها من أولى الدول في الفساد بالعالم،وهذه الاحزاب والكتل والشخصيات المتنفذة لا تعمل بعقلية رجل الدولة ، وإنما بعقلية (المكاسب والمغانم في السلطة)، وبما أن الحكومة والاحزاب كلها مرهونة ومرتهنة بالقرار الايراني مباشرة ، لذلك هي تعمل حسب أجندته وتوجيهاته وأوامره ، وهذا واضح للجميع ، والوضع العسكري والامني والاستخباري والسياسي يسير بفلك التوجه الايراني والاجندة الايرانية ، فلاغرابة أن يشهد الوضع الامني تدهورا ملحوظا ، في الاتجاهين الامني والسياسي ، وحتى العسكري ( أزمة الحشد الشعبي )، مع الادارة الامريكية ، ولكي لانذهب بعيدا عن المشهد العراقي السياسي والعسكري والامني ، وندخل مباشرة بازمة العراق الحالية ،نقول ان ما أفرزه إستفتاء كردستان ،وضع العراق في نفق الصراع الكردي – العربي ، وتصريحات الساسة الكرد وتهديداتهم بأن ( كركوك محتلة ، وكركوك ستعود ، وسنكون قريبا في كركوك، وو) إضافة الى الوضع الامني المتفجر في كركوك واطرافها ، يؤكد حقيقة أن التفاهم الذي يقوده العبادي وحكمة بغداد مع الاقليم ،وبإستمرار الحصار والعقوبات والاجراءات العراقية ضد الاقليم ، هو حوار الطرشان ليس إلا ، وما تصريح مسئوول أمن الاقليم مسرور برازاني قبل يومين فقط ،إلا تأكيد أن الازمة في طريقها الى التفجر المحتم ، حيث قال مسرور( بأن صبر كردستان بدأ ينفد أمام عقوبات المركز)،ثم أن الاوضاع في صلاح الدين أيضا تشهد التصعيد الخطير بين حكومة صلاح الدين المحلية والميليشيات التي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة وتريد فرض تزوير مباشر للانتخابات بالتهديد والتخويف والقوة والرشوة( حسب تصريح النائب شعلان الكريم )، فيما تعيش الموصل وضعا خدميا وامنيا كارثيا ،بعد تحرير المدينة التي تتقاسمها عدة جهات أمنية متصارعة فيما بينها ،في الاهداف والمصالح والاغراض السياسية، لغرض فرض الهيمنة وتزوير الانتخابات القادمة ،لصالح جهة واحدة ، ولهذا الموصل معرضة لتهديد وشيك من قبل داعش وأنصاره من الجهات التي سلمت الموصل له قبل ثلاث سنوات ، وقد ظهر تنظيم داعش في أكثر من مكان واخذ يستعيد قوته بسبب الصراعات داخل الموصل بين اطراف سياسية وحزبية ،وتمت محاصرته وقتل جميع عناصره من قبل الجيش العراقي البطل، والاجهزة الامنية والامن الوطني ،والشرطة المحلية والجهد الاستخباري الكبير ،والتعاون اللامحدود للمواطن مع الاجهزة والجيش ( عمليات جزيرة البوسيف والشمسيات وبادوش وبعاج والنمرود وجزرة دجلة وانفاق موصل القديمة ،وآخرها مركبة حمل كبيرة جدا تحمل أحدث أنواع الاسلحة في حي القدس بالموصل ) ناهيك عن إلقاء القبض على عناصره وبأعداد كبيرة جدااا ويوميا ،وهي خلاياه النائمة الباقية في الموصل دون إجراءات رادعة لمناصريهم وعوائلهم ، وآخرها القاء القبض على ( كادر وكالة اعماق الاعلامية) ، إذن مازال خطر داعش قائما في الموصل بسبب تراخي الاجهزة الامنية والاستخبارية وتهاون البعض منها مع عناصره القيادية التي يبلغ عنها المواطن في الموصل ، وتطلب الجهات القضائية منهم شهود للاثبات وهذا مستحيل ويصعب على المواطن اثباته بسبب ضعف القانون وقوة الارهاب وسطوته بالموصل ، واليوم ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية ، كيف يستطيع إبن الموصل الذهاب الى الانتخابات، وهو فاقد بطاقة الانتخابات ، مع التهديدات وتدخلات أمنية لجهات حزبية وسياسية ،تريد فرض أمر واقع في نينوى لصالحها، نعم هناك صراع سياسي وحزبي بين أكثر من طرف متنفذ في الحكومة ، يريد الفوز بالترهيب والترغيب في الموصل ، وهذا مؤشر خطير جداً على تفجير الوضع في الموصل وعودة داعش الارهابي تحت جنح الظلام ، مستغلا هذا الصراع ، تماما كما كانت نتيجة حقد المالكي وصراع نوري مع حكومة نينوى وأهلها قبل تسليمه المدينة لداعش ، أما في بغداد فالوضع لايقل سوءا عن باقي المدن العراقية في ناحية الصراع السياسي والتسقيط والتشويه التهديد السياسي كدعاية انتخابية ، القوائم الانتخابية في صراع سياسي حدا جدا ، حيث إنشقاق الفتح المبين عن قائمة النصر وانسحاب الحكة عن النصر ، وتخلى الصدر وتياره عن قائمة النصر ، وتصعيد اللهجة لدولة القانون لتسقيط قائمة العبادي النصر ، إضافة الى صراعات القوائم الاخرى جعل من الاوضاع الامنية تزداد سوءا نحو المزيد من الانهيار السياسي ، فقد أصدرت هيئة المساءلة والعدالة ،قرارها بمصادرة أملاك رموز النظام السابق ، في خطوة إستباقية كان وراءها دولة القانون، لتسقيط العبادي وإفشال مهمة المصالحة الوطنية والمجتمعية قبل الانتخابات التي يقودها العبادي بنفسه، وبدعم أمريكي واضح لجهوده في المصالحة، مما أٌسقط في يد العبادي مصرحاً (بأن قرار الهيئة ،جاء متسرعا وانتقاميا أيضا وليس في محله ووقته )، وهكذا قام العبادي بسحب القرار وتحويله الى القضاء ،وسحب البساط من تحت المالكي وحزبه وقائمته ، وتفكيك أزمة القرار، إذن الصراع بدأ يشتد وينذر بوصوله الى كسر العظم، بين المالكي والعبادي ، وتصريحات السفير الامريكي في بغداد ديفيد سيليمان، التي هدّد الاحزاب التابعة لايران ، بسحب (الحكم من الشيعة وإعطاؤه للسنة ) حسب كلام السفير ،لأن الشيعة ،والكلام ما زال للسفير الامريكي ،فشلوا طوال سني الاحتلال والى الان ،في إدارة الحكم والعملية السياسية ، بل هم من كان وراء ظهور داعش وأخواتها في العراق والمنطقة، بدعم وتخطيط ايراني مباشر، وهكذا قررت الادارة الامريكية إرسال قواتها للإشراف على الانتخابات في محافظات صلاح الدين والانبار ونينوى، خوفاً من التزوير الذي حذر منه حيدر العبادي نفسه قبل ايام، وظهرت بوادره في الانبار، أجزم ان العراق قبل الانتخابات غير العراق بعد الانتخابات ،والعراق قبل داعش غير العراق بعد داعش ، هذا ماسيجري في العراق بعد الانتخابات، لتبدأ صفحة أخرى من تاريخ العراق….