لا اعلم حقا من اين جاءت الوطنية والنزاهة فجأة لسنة وشيعة المالكي ، فشكلوا كتلة الاصلاح اولا ثم انبروا يحاسبون الوزراء الواحد تلو الاخر ، وتعالت اصواتهم النشاز في كل مكان بدعوى مكافحة الفساد ، وهم افسد خلق الله في ارض العراق . والانكى من ذلك انها جاءت وسط نقمة الشارع وسخطه عليهم . ولو كنت قاضيا لحكمت عليهم جميعا بتهمة الخيانة العظمى ، ابتداء من كبيرهم الذي علمهم الفساد وخيانة الامانة والضمير ، والذي اضاع ثروة العراق وارضه خلال سنوات حكمه العجاف . وقام بنزع الاخلاق والقيم والنزاهة من كل شخص يتقرب اليه . . على وفق الطرق والاساليب المخابراتية في توريط الشخص ثم تهديده . وليس هذا فقط . فقد انبرت الاقلام المأجورة والصفراء بايكال التهم الى هذا وذاك ، والجميع يركب السفينة المخروقة ضانا منه انه سيفلت من العقاب او سينجو من الطوفان القادم . . والاكثر من هذا كله الجرأة الشديدة في التحدث عن الاصلاح والنزاهة ومحاسبة الفاسدين ، وهم الذين شرعوا قواعد واصول الفساد السياسي والاداري
هل نسي الشعب بهذه السرعة كم من الارواح ازهقت ولازالت من صفقات الاسلحة الفاسدة ، واجهزة السونار التي تسببت في قتل الالاف . وهل نسي الشعب ابناءه الذين قتلوا في سبايكر ، نتيجة رعونة رئيس الوزراء انذاك ، وقيامه بارسال ابنائنا من اهل الجنوب الى مناطق ساخنة ، في حين ان مناطقهم لاتخلوا من القواعد العسكرية والتدريبية . ووزراء التجارة والكهرباء والتربية والدفاع الفاسدين ، الذين لم تتم محاسبتهم الى الان . ولا زال المالكي يصرف الملايين من الدولارات كعطايا لهذا وذاك ، ولتسديد مصاريف فضائيته التي تبث السموم العنصرية والطائفية ، وتلوث عقول الناس بترهات الافكار التي عفى عنها الزمن . كل هذا الصراخ والضجيج جاء بهدف واحد هو عودة الفاسد الاكبر الى سدة الحكم ثانية لينعم هو وزبانيته اكثر فاكثر بثروة الشعب المهدورة بسببهم ، وكأن ماسرقوه لم يكفهم لحد الان فيطمعون بالمزيد . فيتكلمون تارة باسم الاصلاح وتارة باسم حكم الاغلبية وتارة اخرى بالنظام الرئاسي . وكلها تهدف الى عودة القائد الضرورة الذي عجز رغم الاموال والسلطات الواسعة التي منحت له من خداع الشعب فترة اطول وان ازلامه الساعون لاعادته الى السلطة من جديد لا زالوا بنفس الطمع والجشع والرغبة في البقاء في السلطة وهم يصمون اذانهم عن سماع صوت الشعب الغاضب الناقم عليهم ، ولا يبالون بآلام ودماء الفقراء من اهل الجنوب ولا بمعاناة المهجرين في الوسط والشمال . يحسبون الجموع الصامتة امواتا . وهم لا يعلمون ان تحت هذا الركام من الرماد نارا مشتعلة في صدور الكثير من ابناء الوطن المغلوبين على امرهم اننا لا نقول هذا دفاعا عن السلطة الحاكمة التي هي امتداد لحكم الكتل والاحزاب الفاسدة التي جاءت بكل هذا الجوق الفاسد والجاهل ليحكموا بلدا عظيما مثل العراق
اننا نذكٍر الناس هنا بان من اذاقهم البؤس والجوع والحرمان من ابسط الحقوق الانسانية ، والخدمات الاساسية يحاولون الان العودة الى حكم بلد لم يبقى فيه سوى الفتات . وهم متهالكون لنهب ما تبقى من هذا الفتات .
ان الاقلام النزيهة والعقول النيرة يجب ان تنبري لفضح كل هؤلاء الذين لا زالوا يملؤون الدنيا زعيقا مطالبين بالاصلاح . وهم اول من يجب طردهم وتقديمهم الى المحاكم لفسادهم وامعانهم في ايذاء الشعب بدوافع المصلحة الشخصية والانانية التي طغت على المشاعر الوطنية والقيم الاخلاقية التي فقدت منذ ان جاءوا الى السلطة على ظهر الدبابة الامريكية . وهم التلاميذ غير النجباء للسفير بريمر سيئ الصيت ، الذي علمهم كيف يهدمون الصروح الثقافية والفنية والحضارية للشعب الاصيل الذي عاش عمره كله بعقل متفتح رغم آلام الحروب والطغيان . . . ولازال هذا الشعب الابي يطمح في حكم يمثله ويدافع عن مصالحه اسوة بالدول المتقدمة لا العودة الى منطق العصور الوسطى ، منطق الجهلة والفاسدين الفاقدين لابسط المبادئ الانسانية