لاريب من أن التظاهرات التي إندلعت في العراق قد جاءت وکما ذکرنا في مقال سابق لنا عندما وصل الامر الى نخر عظام الشعب العراقي ولاسيما المحافظات الجنوبية ذات الاغلبية الشيعية مع إن العامل الاساسي في وصول الاوضاع في العراق الى هذه الدرجة من الوخامة و السوء کان بسبب ترکات و تبعات و تداعيات فترتي ولايتي نوري المالکي و التي لعب النفوذ الايراني فيها دورا رئيسيا ليس بإمکان أحد إنکاره.
هذه التظاهرات التي تعکس غضب و إرادة الشعب العراقي تجاه الاوضاع السائدة و القصور في مختلف الجوانب، وبعد أن إستجابت المرجعية الدينية و إنحنت أمامها و إنصاع لها رئيس الوزراء حيدر العبادي، يخرج علينا رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء حسن فيروز آبادي، ليتهم ما وصفها بـ’فئات غير مسلمة’، بتحريك المظاهرات الشعبية في العراق، بعد دعوات طالبت بتشكيل حكومة علمانية لا تنحاز للشيعة أو السنة، وهو إتهام أقل مايقال عنه سخيف و تافه لإنه يسعى کعادة طهران دائما للإلتفاف على الحقائق و قلبها رأسا على عقب.
نهب قرابة 300 مليار دولار من ثروات الشعب العراقي أبان فترة حکم المالکي و السياسات الخاطئة التي إتبعها و التي کلفت العراق الکثير الکثير، کانت کلها بوحي و مشورة و أوامر قادمة من طهران، وان اللواء حسن فيروز آبادي، لايمکنه أن يسخر من العقول و يحرف الاذهان عن الحقائق الاساسية وعن دور بلاده الاکثر من سئ في العراق و الذي لم يکن في يوم الايام عونا بل کان فرعونا بالمعنى الحرفي للکلمة، وان هذه التظاهرات هي تظاهرات وطنية من أجل لقمة العيش و الکرامة الوطنية التي تأثرت من جراء السياسات الذيلية لطهران و التي کانت ولازالت تقود الى المصائب و الکوارث.
الدور الايراني المشبوه في المنطقة و کونه معاد لآمال و تطلعات و طموحات شعوبها ولاسيما الشعب العراقي، أمر صار واضحا للجميع وان المؤتمر الذي تم عقده يوم السبت الماضي الثامن من شباط عبر شبکة الانترنت، لشخصيات عربية دينية و فکرية و سياسية نظير الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين سابقا، العلامة محمد علي الحسيني، الامين العام للمجلس الاسلامي العربي، السيد هيثم المالح، القيادي من الائتلاف السوري المعارض، أشرف شبراوي، محامي وناشط سياسي، قد أکد على إدانة الدور الايراني في المنطقة و رفضه جملة و تفصيلا و الدعوة الى جبهة موحدة لدول المنطقة ضده تضم في صفوفها المعارضة الايرانية أيضا، هذا المؤتمر قد جاء في ذروة هذه التظاهرات الدائرة بالعراق و التي کما نرى أن أهم عامل في تردي الاوضاع بالعراق هو التدخلات الايرانية، ولهذا فليس من الغريب أن تبادر طهران للتشکيك بالتظاهرات في العراق و السعي للتمويه عليها.