وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتصل بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف لبحث آخر التطورات المتعلقة بالعلاقات الإيرانية-السعودية .. ماذا وراء هذا الاتصال الهام ؟
اتصال وزير خارجية أمريكا بعدوها اللدود ايران في هذه الظروف الحساسة له مدلولات هامة جدا وأعتقد ان الاتصال لم يأتي الا بعد شعور الولايات المتحدة بانزلاق الأوضاع السياسية الى حد الهاوية وبتوترات قادمة وكبيرة قد تتجاوز حدودها المرسومة في منطقة الشرق الأوسط الى دول العالم ، خاصة لو علمنا ان التظاهرات والتهديدات بالانتقام وردود الأفعال قد تجاوزت المنطقة لتصل الى الدول الاوربية والولايات المتحدة وهي منددة بالصمت الدولي الذي قدم المصالح الاقتصادية والسياسية على حرية الرأي وحقوق الانسان وفاضحا للازدواجية الغربية والأمريكية في التعامل مع أكبر ممولي الارهاب العالمي المتمثلة بالسعودية !! ويبقى السؤال ماذا لدى كيري ليقوله لجواد ظريف ؟
ان الحشود الغاضبة التي أحرقت القنصلية والسفارة السعودية في طهران ومشهد قد عاد بالذاكرة الأمريكية باحتلال مجموعة من الشباب الثائرعام 1979 سفارة الولايات المتحدة في طهران وأخذ الدبلوماسين كرهائن واعتبرت حينها الضربة الأولى والقاصمة للهيمنة الأمريكية في العالم وبداية للتدهور السياسي والاقتصادي العالمي ..
لقد شعرت الولايات المتحدة بحرج كبير بعد التصريحات الاخيرة لمسؤولين ايرانيين بان القوات المسلحة الايرانية رهن الاشارة وهي قادرة على تلقين الأعداء وهزيمتهم خاصة لو علمنا ان هذه التصريحات جاءت بعد التهديدات الامريكية الأخيرة بامكانية فرض عقوبات جديدة على ايران لبرنامجها المتطور في صناعة الصواريخ الباليستية وكذلك ردا على قطع السعودية علاقاتها مع ايران مما حدى بالولايات المتحدة الى التراجع عن تهديداتهم وتأجيل فرض هذه العقوبات والمبادرة بالاتصال التليفوني مع نظيره الايراني جواد ظريف لطمأنة الايرانيين وتهدئة خواطرهم بعد تفاقم الأوضاع الدبلوماسية مع السعودية والبحرين …
في تصوري لقد حاول جون كيري باتصاله الأخير تبرئة الولايات المتحدة من ملف اعدام الداعية الشيخ النمر والاعلان عن الموقف الرسمي الامريكي الرافض لهذه الاعدامات كما طالب الايرانيين بالتهدئة وعدم الانخراط المتزايد في سوريا خاصة في جبهة الجولان المحتل والتي أصبحت اليوم في مرمى الجيش السوري والقوات المتحالفة معه ..
كما أدركت الولايات المتحدة ان المكاسب الاقتصادية وانخفاض نسبة العاطلين عن العمل وعودة عجلة الاقتصاد الأمريكي لما كان لها أن تتحقق لولا انخفاض أسعار النفط العالمية ومن هذه النقطة المهمة تحاول اليوم تهدئة الخواطر الايرانية كي لا تعود الى تهديدها باغلاق مضيق هرمز وتعطيل حركة الملاحة البحرية وناقلات النفط العالمية القادمة من دول الخليج !
ان الاعتراف الدولي الصريح بحجم ايران السياسي ودورها الاقليمي الكبير في محاربة الارهاب زاد من تخبط دول اقليمية أخرى كانت ترى في نفسها لاعبا سياسيا يحسب له الف حساب وعلى رأس هذه الدول تركيا والسعودية وهذا ما يفسر لنا حجم الانتقادات الاوربية الكبيرة الموجهة لتركيا خاصة بعد تهديدتها المستمرة للاقليات الكردية والعلوية والشيعية وكذلك الانتهاكات الصارخة لمملكة بني سعود للاقليات الشيعية والاسماعيلية والصوفية ..
على العالم أن يدرك بان قيادة سلمان وولي عهده وخارجيته للمملكة سيزيد الامور تعقيدا وسيعرض المنطقة الى مزيد من الصراعات والحروب ..