لايعبر الرد السريع والحكيم للسيد رئيس الوزراء الدكتور العبادي على تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الاخيرة عن مجرد رأي رئاسة وزراء العراق بتصريح سياسي صادر من رئيس احدى الدول الكبرى، انما هو رأي ورد وموقف وتشخيص لمجريات الامور وهو بالتالي اشارة قوية الى المحفل الدولي بادراك القيادة العراقية لهذه المجريات. انه ينم عن موقف حازم يوضح ان العراق على اعتاب مرحلة جديدة تتسم بالتعبير عن امتلاكه الثقة بنفسه والتزامه بمبدأ الوضوح والسير على طريق البناء الصحيح الذي يستند الى وضوح الرؤيا والمكاشفة والتعامل بشفافية مع من يريد التعامل مع هذا البلد المنكوب.
وكاني بالدكتور العبادي وهو يقول كفى ضحكاً على ذقوننا وحان الوقت للجميع ان يحترم الشخصية والارادة العراقية ويتعامل معنا بصدق والا فالله الغني عنه رغم احتياجنا لقوته.
كان رد الدكتور العبادي واضحاً لا لبس فيه حيث وضع النقاط على الحروف وهو يوصف ذلك التصريح البائس بانه يسهم في الحرب النفسية ضد شعبنا وهو بالتالي يسهم في اسناد الحرب النفسية الاعلامية التي تعتمدها داعش.
فتصريح هولاند بان الجيش العراقي طائفي ويجب عليه اخذ تسليح الجانب السني بنظر الاعتبار وانه لاينتصر بدون ذلك وان الطيران لايحقق نصراً لوحده، لايمكن تفسيره في هذا الظرف الا كما حلله السيد رئيس الوزراء وهو مايعضد بروز شجاعته المعهودة منذ تسلمه الحكم.
اننا نستغرب تصريحات هولاند في هذا الوقت بالذات والذي شهد تعاون حقيقي بين جميع الاطراف بما فيها العشائر السنية وانتصارات حقيقية تقابلها تدهورات حقيقية انتابت النفسية الداعشية وتتزامن مع ما تقترفه داعش مؤخراً ضد العشائر العراقية بسبب تأزم اوضاعها القتالية والنفسية وتقبل الطرف السني لحقيقة همجية الدواعش بعد ان كان يمثل الحواضن الواقعية لهم وبداية التذمر المشهود منهم بسبب طغيانهم وضهورهم على حقيقتهم الاجرامية بعد تمكنهم في عدد من المدن الامر الذي اكد دون شك ما يمكن ان يقدم عليه الدواعش لو تمكنوا من البلد لاسامح الله وهو امر جلل لايمكن للاخوة السنة ان يكونوا بتلك السذاجة لتناسيه او التغاضي عنه ليحدث المحضور وعندها لاجدوى من عظهم اصابع الندم.
هذه هي الظروف المستجدة التي ادت ” بالمخلص ” هولاند بادلاء هذه التصريحات كي “يحارب” الدواعش وينقذ العراق، وقد جاءت متزامة ايظاً مع الطلب الامريكي بتسلم اثيل النجيفي لملف تحرير الموصل الذي جوبه بالرفض من قبل الحكومة العراقية. هذا ونحن نتذكر كيف ان الفرنسيين بدأوا بضربات جوية خجولة لم تؤد الى اي ضرر يذكر وكأن الهدف منها عاطفي من اجل كسب راي العراقيين لاغير.
واذا ما اخذنا هذه التصريحات مع ما مضى من تصريحات سابقة مخجلة لاوباما هي الاخرى والتي حدد من خلالها باحتمالية اخذ الحرب ضد داعش عدة سنوات وهو امر اقل ما يقال عنه انه يؤمن البقاء لهم لعدة سنوات وبالتالي لايمكن اعتباره الا تثبيطاً لعزائم العراقيين وتقوية لمعنويات الدواعش باي حال من الاحوال ووفق كل الحسابات.
واذا ما اخذنا ايظاً كل الاوضاع التي تحيط بنا بنظر الاعتبار، كوجود ايران الى جوار العراق والسياسة المكيافيلية التي تتبعها معنا تركيا ووجود البدوي الاردني العميل الذي لايعرف من الدنيا الا الغدر والمصلحة الشخصية وبقية دول الجوار الحاقدة ولا ننسى ان باكورة وجود وسياسات وطبيعة ممارسات داعش هم ازلام البعث الصدامي الحالمين بالرجوع للسلطة باي صيغة كانت ووجود مطالب الاخوة الاكراد بدولة مستقلة.
فلايمكن للبسيط فضلا عن السياسي اللبيب ان لاينتبه لخطورة الامر وما وراءه من تخطيط دولي كبير لايخلوا من الاعداد الى خطوة تاريخية اساسية في الخريطة السياسية العالمية ولربما ستكون على غرار سايكس بيكو او ما يوازيها كترتيب جديد يحقق جوانب عديدة من طموحات كل من اسرائيل وامريكا وفرنسا وبريطانيا ويشفي غليل الاردن وتركيا ودول الخليج.
وواضح مما تقدم اننا نمر بمرحلة مستجدة تمثل تحد تاريخي، مرحلة تؤصل الى اخذ العراق زمام اموره وزمام مبادراته بيده وبذلك يحاول استرداد شخصيته وتثبيت وضعه كدولة ذات سيادة محترمة وصاحب قرار وطني مستقل نابع من الثقة بنفسه.
لهذا فبات على القيادة العراقية المخلصة ان تكون بهذا المستوى من التخطيط الرهيب وبهذا الاخلاص وتلك الشجاعة والصرامة التي يمتاز بها العبادي ولابد من الاعداد لهذه المواجهة بالشكل المطلوب التي من اولياتها ترك الخلافات وتأهيل الانفس لتقبل الاخر بنفس وطنية رحبة وتقبل تقديم التضحيات والاستعداد للتعاون الحقيقي الشريف البعيد عن المصالح الضيقة والتعامل بنوايا وطنية حقيقة ولو لاول مرة في سبيل مواجهة هذا الواقع الخطير وانقاذ المصلحة العامة.
حفظ الله العراق وشعبه من كل مكروه، وهو تعالى من وراء القصد.