23 ديسمبر، 2024 2:55 م

ماذا نكتب ؟ ولمن نكتب ؟

ماذا نكتب ؟ ولمن نكتب ؟

لو سلّمنا جدلاً ان مواقع التواصل الاجتماعي هي احدى وسائل قياس اتجاهات الراي العام ؛ لأكتشفنا ؛ وبسهولة اننا امام كارثة معرفية حقيقية .
ولو امعنّا النظر في عينات عشوائية من صفحات التواصل الاجتماعي هذه لبعض الافراد ؛ لادركنا فورا اي دركٍ وصلنا اليه .. ولاكتشفنا بسهولة ايضا اننا كنّا كما المخدرين ؛ وكلٌ منّا كان ينتظر الفرصة في ان تطيح امريكا بالنظام السابق والدولة وتحتل العراق ليطلق كلٌ عقيرته : طائفية وحقداً وكراهية وتجنياً وعنفاً وعنفاً مضاداً .. وفوق هذا وذاك فتاوى تزيد سنان نيران لا تبقي ولا تذر.
في اغلب دول العالم هناك تعددٌ وتنوعٌ اثني او ديني او سياسي او مذهبي .. ولكن الشعب واحد وتجمعه صفة المواطنة التي تطغى على كل صفة .. ويذهب السياسيون الى الشعب لاستفتائه بكل حرية وشفافية لاختيار شكل النظام السياسي الذي يختاره او في القضايا المصيرية ..الا نحن !! وفي كل دول العالم هناك مشاكل ..ولهذه المشاكل حلولٌ سواءَ بالحوار او التفاهم اوالمفاوضات ؛ واخيراً بالتصويت الذي يجبر الاقلية على احترام راي الاغلبية ..الا نحن .. فلدينا الديمقراطية البريمرية التوافقية التي جرّت علينا مصاعبَ واهوالاً واشكالاتٍ ..وقلنا مراراً ان الطفل في قماطه يدرك استحالة ايجاد ديمقراطية توافقية لان الديمقراطية والتوافق خطّان متوازيان مهما امتدا فلا يلتقيان ؛ على راي اهل الهندسة .
قلنا كل ذلك واكثر ولم يسمعنا احد .. ولن يسمع ؛ لا من السياسيين ولا من الشعب ولا من النخب السياسية اوالثقافية .. لان للكرسي والمنصب بريق اخّاذ ..وللمال سحر برّاق ..والكل جاء من اجل الرواتب والامتيازات والمخصصات والسيارات المصفحة والرواتب التقاعدية الفلكية .. وليذهب المواطن الى الجحيم ..وليذهب نصف او كل الوطن الى ايدي الدواعش او غيرهم ..
هذا يهدد بالاقليم ؛ وذاك يهدد بالاستقلال وتلك تتوعد ذاك بالعشيرة ..لان القانون اصبح مداسا تحت اقدامنا .. وذاك يرفض الحشد الشعبي والاخر يرحب به لتحرير ما تبقى من ارض العراق .. بل ان هذا شامت بما جرى محملاً شخصاً واحداً بعينه جريرة استباحة الدواعش للارض والمدن والعرض منذ عام .. وتحقيقٌ يجرُ تحقيقاً ؛ وفسادٌ يطوي صفحة فساد ؛ وخزينة خاوية وبطون جائعة.. والملايين : بلا عمل ولا خدمات ..ايتام او ارامل او معاقون او مشردون او مهجّرون او مهاجرون او نازحون .. والخطوات دائما : غير مدروسة وتزيد الطين ماءً وبللاً .
وعندما قالت المرجعية ان لا شان لنا بالسياسة ؛ اتهموها انها ساكتة ونائمة .. واستهزئوا بها وغمزوا عندما وصفت مكوناً من مكونات العراق بانهم انفسنا ؛ او عندما دعت الى الدفاع عن المدن والمقدسات .. بمعنى اخر اننا نتحمس ونصفق ونهلل وننشر ما يرضينا ويتوافق مه اهواءنا .. وننكر ونتنكر وندين ما لا يرضينا .
لن يرضينا شيئٌ ..ولكننا راضون على ما يبدو على ما نحن فيه .. والشيء الوحيد الذي يرضينا هو التهكم والتهجم والسب والشتم باقذع الالفاظ  والسخرية والتهديد والوعيد وسياسة : اذا لم تكن معي فانت عليّ .. وذلك برايي المتواضع كان احد اسباب صعود نجم الدواعش الذين جاؤا موحدين الى ارض العراق بفكر واحد وراية واحدة .. ليموتوا بعد ان يشبعوا الارض والناس قتلا وتدميرا وتشريدا وتنكيلا وتكفيرا .
احدهم يعلق على مقال سابق لي ويصفه بانه : خرط .. نعم بهذا اللفظ !! والاخر يقول لك انك اعور لانك لم تنظر الى الشرق ؛ والى ايران تحديدا ودورها في العراق .. وثالث ينسفك من الاساس ويدعي هو الفهم والتحليل والفلسفة وباقي الناس كلهم فوارغ عقول .. ورابع يقول ان السبب هو الاحتلال وخامس يفيد ان ما جرى هو فصول من مؤامرة وسابع يؤكد اننا اسرى صراعات الكبار وثامن يحمّل من جاور العراق في الجغرافيا مسؤولية ما جرى ويجري ..وتاسع ..وعاشر ..حتى نصل الى راي اخر عراقي وهو الذي يكمل رقم المليون الخامس والثلاثين ..كل ذلك دون ان نصل الى لب المشكلة وهي : اننا شعب ممزق النسيج ؛ اضاع فرصة العيش المشترك كما كان منذ الاف السنين .
اذن ماذا نكتب حتى يرضى الاخرون ..ولمن نكتب ؟ وهل في الكتابة جدوى بعد كل ذلك .. فهل نكسر اقلامنا ؛ ونرفع الراية البيضاء ؛ وندع الشر والجهل والظلام والبؤس والياس والكبت والخوف يسير بنا .. والجهلاء وانصاف المتعلمين والذين في قلوبهم زيغ ومرض .. وابواق الصحف والقنوات المغرضة والايدي الخفية .. يقودوننا الى حواف السقوط النهائي الذي لا منجاة منه ابداً وبانتظار الضربة القاضية واسدال الستار ؟
تصفّحوا الفيس بوك او الانترنت وستجدون الجواب .   
[email protected]