نؤشّر اولاً بأننا هنا لسنا بصدد الدفاع او الهجوم او تسجيل ضربات جزاء ضدّ او لصالح مَن ترتبط اسماؤهم بالأنتخابات وغيرها , فنحن لا نحبّهم جميعاً .
ربما يغدو العنوان اعلاه اكثر دقّة لو صيغَ بِ < ماذا لو افشلوا العبادي في الأنتخابات > .! , أمّا لماذا .؟ فالحقيقة أنّ القضاء على الدواعش وتحرير الموصل ” في معركتها الكبرى ” وكذلك الحويجة وغرب الأنبار وتأمين الحدود العراقية – السورية , بالأضافةِ الى إفشال الأستفتاء واستعادة كركوك , فكلّها نقاط تُسجّل لصالح رئيس الوزراء في الأنتخابات المقبلة , وقد تضاف لها نقاطٌ متوقعة اخرى من اصوات سكّان المناطق المحررة , وهي بالضد لمن ينافسون العبادي ! , وبين العنوانين فالفشل هو الفشل .! سواءً في الأنتخابات او سواها .
لا شكّ أنّ اوّل خطوةٍ فعّالة لمحاولة حرمان العبادي من الفوز في الأنتخابات هي من داخل حزبه ” حزب الدعوة ” , وذلك من خلال ترشيح المالكي بقائمة اخرى . وبالرغم من أنّ ترشيح رئيس الوزراء السابق لنفسه ليس هو العامل الحاسم في تقرير نتيجة الأنتخابات , فهنالك مؤشراتٌ ما لصالح رئيس منظمة بدر السيد هادي العامري , وذلك بالأستناد على موقعه في الحشد الشعبي والمعارك التي خاضها الحشد ونسبة تأثيره على المقاتلين واصواتهم في الأنتخابات . وبالرغم من عدم وجود تصوراتٍ مسبقة لما قد تغدو عليه سياسة العامري اذا ما حظي بالفوز في رئاسة الوزراء , وبالرغم ايضا من وجود بعض القواسم المشتركة بين المالكي والعامري وخصوصاً لمديات علاقتهما بأيران . ثمَّ بغضّ النظر عن جملة من العوامل السياسية الداخلية والأقليمية والدولية التي لها تأثيراتها في تقرير نتائج الأنتخابات , ويلعب < الإعلام > دوراً حسّاسأً في التأثير النفسي والفكري على الناخبين .
إذن , فما يمكن التوصل اليه والى حدٍّ كبير , فعدا رئيس منظمة بدر والمالكي , فأنّ فرص الفوز لباقي الشخصيات السياسية ورؤساء الأحزاب الأخرى تبدو شبه معدومة إن لم تكن معدومة بالكامل .
لكنّ الهواجس والمخاوف الكبيرة لدى شرائح وقطاعات كبيرة من الجمهور العراقي هي من احتمال عودة نوري المالكي الى السلطة مرّةً اخرى .! وهذه المخاوف والهواجس تستند على سوابق واحداث وذكريات مؤلمة طوال دورتين من حكم المالكي , فطوال السنين الثمانية من عهد المالكي كان هنالك حظر للتجوال يبدأ من منتصف الليل , وكان على الناس او بعضها أن تعود الى منازلها بنحوِ ساعةٍ من موعد الحظر , وكذلك اصحاب وعمال الأمكنة العامة والمحلات والباعة والنوادي الترفيهية وما الى ذلك , كما لا ينسى الجمهور حملات المداهمة الليلية المستمرة للبيوت والعوائل في اوقات الفجر او في ساعاتٍ متأخرة من الليل في عهد المالكي , واذا كان ذلك يمسّ الجانب الحياتي المباشر للناس , فلا يمكن نسيان او التغافل عن أنّ احتياطي العملة الصعبة للبنك المركزي العراقي ” آنذاك ” قد فاق المئة مليار دولار بسبب ارتفاع اسعار النفط في حينها , لكنّ ذلك الأحتياطي تلاشى ودخل مرحلة التبخرّ من كلّ بواباتها , مع انعدامٍ فاضح للخدمات , واستلم العبادي السلطة بخزينةٍ شبه خاويه .!
لا نريد القول ولا افتراضه هنا بأنّ احتمال فوز المالكي في الأنتخابات سيجعله يعيد نشر ” السيطرات ” الى سابق عهدها والتأخير المتعمد لأجراءات تفتيش المركبات والعجلات بأجهزة السونار العاطلة عن العمل .! , كما من الصعب التصور أنّ اعداد الكتل الكونكريتية سوف تعود الى سابق عهدها ويجري عبرها اعادة غلق الشوارع والطرق الفرعية , فذلك أمرٌ محرج له للغاية .
والى ذلك , فرئيس الوزراء السابق كان وزيراً للدفاع وللداخلية بالوكالة , وكان الوضع الأمني والمفخخات ومرادفاتها في اعلى مستوياتها , ولم يعد نافعاً تكرار القول عن احتلال الدواعش للموصل وانسحاب فرق والوية عسكرية عراقية من هناك في زمن القائد العام السابق للقوات المسلحة .!
ينبغي هنا الإشارة الى أنّ احزاب الأسلام السياسي تشترك في تقاسم السلطة في عهد نوري المالكي وحيدر العبادي , لكنما لم يكن لها دوراً ملحوظاً في معارك التحرير بأستثناء تنظيمات وفصائل من الحشد الشعبي , وبالتالي فحظوظها في ” الأنتخابات المقبلة ” ستغدو محصورةً عبر التحالفات الملتوية او غير الملتوية مع قائمة المالكي والعبادي .! , أما ما يفوق 200 من الأحزاب السياسية الجديدة التي ستشارك في الأنتخابات ” والتي بعضها مرتبط عضوياً ! بالأحزاب الدينية الكبيرة ” فلا شان لها بمنصب رئاسة الوزراء , وكلّ همومها وطموحاتها هي الحصول على امتيازات مقعد في البرلمان او ما يوازي ذلك .!
الفترة المتبقية لإجراء الأنتخابات القادمة والتي تبلغ نحو ستة شهور , فهي الفترة الأكثر حرجاً منذ تأسيس مجلس الحكم , وهي المعرّضة لكلّ المفاجآت والتطورات المحتملة وخصوصاً غير المحتملة .!