ماذا لو عاد معتذراً؟

ماذا لو عاد معتذراً؟

في الآونة الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المقروءة مقالات كثيرة تحت هذا العنوان، كتبها العديد من الكتاب والشعراء، وظهرت في تعليقات القراء الكرام. كانت الغاية من كل كتابة لهذه الأسطر والمقالات هي تعبير أصحاب الرأي عما يختلج في نفوسهم تجاه أصدقاء أو أقارب محبين لهم، أبعدتهم مصالح الدنيا ومشاغلها عنهم، أو ربما هناك أسباب شخصية أخرى تسببت في مثل هذه الخلافات. الجميع هنا يضع الحلول والأمنيات في حالة عودة الطرف الآخر نادماً يطلب المصالحة ويقدم الاعتذار لما جرى من خلافات وخصام زاد من تعكير صفو العلاقة بينهم.
إن عبارة “ماذا لو جاء أو عاد معتذراً” تحمل في طياتها الكثير من المعاني، وتحتوي على نوع من الخصال الحميدة، وربما أعلى درجة فيها هي التسامح ونسيان أسباب الخلافات التي أدت إلى القطيعة والتناحرات بين الطرفين.
نعم، ماذا لو عاد الطرف الخصم معتذراً؟ يتساءل الكثير منا هنا: هل سأسامحه وأغفر له خطيئته أم أنني ما زلت أمتلك ذلك القلب الذي لا يرغب في نسيان من خذله وابتعد عنه من أجل مصالحه الشخصية؟
وهل تأكدت أن اعتذاره هو صحوة ضمير حقيقية أم أن ظروف الزمان وقساوة الحياة أوصلته، ومن باب الحاجة والضعف، إلى ذلك الاعتذار؟
تساؤلات كثيرة، ربما قسم منها من عالم الخيال، وقسم آخر بُني على الأوهام ووسوسة النفس الأمارة بالسوء، وقسم منها اعتبرته أرواحنا جزءاً من الكبرياء وانتقاصاً من المقامات الحقيقية للشخص نفسه.
وفي كل نهاية لمسألة خلاف معينة، نجد أن الاعتذار هو أسمى غايات النبل والمروءة ونكران الذات وتأديب النفس وترويضها في اتجاه صفات التسامح والمغفرة لذنوب الآخرين تجاهنا، لأن قاعدة الحياة تقول: كلنا خطاؤون وأفضلنا التوابون، ويقصد بهم هنا الأشخاص الذين يقدمون اعتذارهم وتأسفهم لمن أساءوا بحقهم سواء عن قصد أو بدون قصد متعمد.
نعم، إن التسامح من شيم البشرية جمعاء، وقبول العذر دلالة على قناعة الإنسان بمصداقية كلام الطرف الثاني وإعطائه فرصة جديدة لاستمرارية العلاقة وعودتها إلى وضعها الطبيعي.
وهكذا تعلمنا من سلفنا الصالح المحبة والتسامح في كل الأمور، وأن ننسى خلافات الماضي لأننا نعيش الحاضر، ولابد لنا أن نسامح ما دمنا نبحث دوماً عن حياة جديدة تكون أفضل من سابقتها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات