يعتبر التظاهر السلمي من الممارسات التي تستخدمها جميع شعوب العالم للتعبير عن رفضهم أو قبولهم لأي أمر يتعلق بأوضاعهم الحياتية العامة أو ما يتعلق بمصلحة الوطن، والتظاهر السلمي من الأدوات الديمقراطية التي تستخدمها الجماهير والأحزاب والتيارات للتعبير عن آراءهم ومطالبهم في ظل الأنظمة التي تؤمن بالتعددية والمشاركة الحقيقية في بناء المنظومة الحكومية لأي دولة، وما يشهده العراق من تظاهرات في عدد من المدن يندرج تحت بند الحرية المكفولة دستورياً وهي بالتالي تُعبر عن وجهة نظر طيف من مكونات الشعب العراقي، لكن وللأسف الشديد تم التعاطي مع هذه التظاهرات من قبل الحكومة بطريقة لا تتناسب مع مسؤوليتها كراعية لهذا الشعب، وإلا هل يليق برئيس الوزراء السيد المالكي أن يقول عنها أنها فقاعة، ولماذا يستهين رئيس أعلى سلطة تنفيذية بآراء الجماهير، وإذا كان هرم السلطة يصف التظاهرات بهذا الوصف كيف سيتعامل من هو أدنى في موقع المسؤولية مع هذه الجماهير، ألا يعتبر كلام رئيس الوزراء عدم احترام لآراء الجماهير وخياراتهم الديمقراطية، نقول للجميع أن دخول السيد مقتدى الصدر (اعزه الله) على خط الأزمة أنقذ البلد من الانجراف في نفق مظلم لا يعلم أي شخص ما هي نهايته ونتائجه، ولا أعلم لماذا يحرك الحزب الحاكم الجماهير بتظاهرات بالضد من تلك التي خرجت بالمناطق الغربية وهي ترفع صورة السيد المالكي في منظر أصبح مرفوض ومستهجن أن يرفع الشعب صورة الحاكم ويهتفون له، ولا اعلم عندما يغادر المالكي كرسي الحكم أين ستذهب هذه الصور؟ المعترضون على مواقف السيد مقتدى الصدر والذين لا يملكون الجرأة والشجاعة التي تمكنهم من قول كلمة الحق عليهم بالتروي قليلاً في مواقفهم العدائية لأن السيد مقتدى الصدر لو كان ينوي إسقاط الحكومة كما تدعون أو يحاول استغلال الظرف السياسي كما هي سياستكم في خلق الأزمات والاستفادة منها انتخابياً، لأمر أتباعه بالخروج في تظاهرات مناهضة وانتم تعلمون جيداً حجم تظاهرات التيار الصدري وقد جربتموها من قبل، فلو خرج الصدريون في تظاهرات مليونية ماذا ستفعل الحكومة؟ ألا يقلب التيار الصدري الطاولة عليها ويدخلها في حرج شديد، تدخل مقتدى الصدر لم يكن من أجل الكسب السياسي أو الإعلامي أو لإسقاط الحكومة، ولكن كما قال هو من اجل قول كلمة الحق والوقوف مع الشعب والنظر لمصلحة العراق واستقراره وهذا هو ديدن آل الصدر، فالسيد مقتدى الصدر يرى إن بعض المطالب التي ينادي بها المتظاهرون هي مطالب مشروعة بدليل الآن مجلس الوزراء شكل لجنة لاستقبال مطالبهم ولا اعلم لماذا لم يتصرف مجلس الوزراء منذ البدء بهذه الطريقة ويستمع للمطالب المشروعة للمتظاهرين، حتى يفوت الفرصة لمن يريد استغلال هذا الظرف، فعلى الجميع استخدام لغة المنطق والعقل، والنظر للأمور من زوايا متعددة بغية مشاهدة الصورة كاملة على شاشة العرض السياسي دون تزوير للحقائق، الوضع يحتاج إلى توازن في المواقف وصدق في النوايا، وليس خطابات إعلامية فقط، واتركوا المزايدات الوطنية والطائفية، فلولا مواقف السيد مقتدى الصدر لانهارت العملية السياسية برمتها، لكنه كما قلت أنا في مقال سابق انه صمام الأمان للعراق، لذلك علينا جميعاً استخدام لغة الحوار وتغليبها على لغة الانفعال والتعصب والانحياز للحزب، دعونا جميعاً ننحاز للحق وللعراق من أجل استقراره والحفاظ على نظامه السياسي الجديد، مادمنا جميعاً نرفض عودة البعث ونؤمن بحق الأغلبية واستحقاقها الديمقراطي، لكن دون ظلم وتهميش وإقصاء الآخرين.