سيدة النساء تنتظر وجدان الموت، المؤمن بكلمة الحق، عندما يكون الباب المقدس، دافعاً لوحشية البشر، وهم يحملون إرث جمالة الحطب وأبي لهب، فإن الكوثر يحرس بوابة التغيير، فعما قريب سيصعد الكلم الطيب لبارئه، وتبقى الكلمة الحاقدة، على بيت النبوة ومعدن الرسالة، في أسفل سافلين، ولكن جرح الباب ميت وفي حراك حي، فأقصى الجنون أن يكون المسمار، بطلاً متآمراً مع الطغاة!
المعصومة البتول السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وقفت خلف الباب وهي تدرك جيداً، مدى الفهم البشري العاجز، المقيد لحركة الإمامة لزوجها، علي بن أبي طالب (عليه السلام)، حين تعمد المنافقون عدم الحوار معها، فتجاوزوا كل الخطوط الحمراء، وقد أرادوا الفكر،والرأي، والدين بقوة الحديد، بديلاً للوصية المقدسة في الغدير، فظنوا أن القرار والمصير لهم، في ظل جدل عقيم دائر على أشده!
لا ميثاق شرف مع الباب، ومسماره بإهماله الجسيم، أما الأرض فماذا لو تحدثت معك؟ وهي تتلقف جسدك الطاهر، وقد نام على جبينها، الوليد الخامس للزهراء المحسن، بعد الحسن، والحسين، وزينب، وأم كلثوم (عليهم السلام أجمعين عليه) فثورتنا على الأرض، في هجرة مستمرة، ويمنحنا صبر الزهراء مزيداً من الحياة، وعلى دفعات صانعة للحرية، رافضة للظلم، فمتلازمة الجبت والطاغوت، أوغلت في الشر!
المنافقون لم يجدوا سوى ضلع الزهراء وجنينها، لينطلقوا لخلافة موهومة، لا تعرف معنى القداسة والطه،ر الذي منحه الباريء عز وجل لها، فكان لبيت فاطمة يوم الباب، شمعة ودمعة، وهدوء لا يستقر أبداً، وعربة الضلع المكسور، تشق طريقها لمغتسل الموت بصعوبة، لأنها لا تريد لعلي، أن يرى جرح الأمة الناكثة للعهد، مطالبة إياه بالدفن سراً، لمعنى لا يدركه إلا الراسخون في العلم!
مظلومية الزهراء (عليها السلام)، هي في حقيقتها إعترافات ثاقبة، بالقدرة على ممارسة الحياة، وفقاً لتعاليم الإسلام الحنيف، وعدم الخروج على إمام الزمان، بيد أن يوم حرق الباب، كان جريمة بحق النبي وإبنته، (صلواته تعالى عليه وعلى أله)، فبات الجرح الفاطمي وطناً يسع جميع المظلومين، مؤطر بالصبر، وكرامة الشهادة، فرحة وسرعة، في اللحاق بأبي القاسم محمد (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم).
تحدثت الأرض مع سيدة نساء العالمين، من الأولين والآخرين، فاطمة الزهراء (عليها السلام) مخاطبة إياها: إن كنتُ لا أعرف مكان قبركِ، فالقلوب، والضمائر، والعقول، كلها تئن ألماً، ووجعاً، وحزناً، وتنصب قبراً لك فيها، لتجمع مرارة الظلم، والحقد، والنفاق لأصحاب السقيفة، وتنثره على صفحات التأريخ، بطريقة محمدية، علوية، فاطمية، في طريق لا يعرف إلا الخلود والبقاء، حتى ظهور قائم أل محمد.