نعم هذا هو “اقتراحي في القضية” كما يقول عادل امام. الشيخ عبد الزهرة شيال اصبح بلا منازع شيخ متظاهري الكهرباء في الناصرية ورمزها الوطني الاوحد في عموم البلاد وهو يدور في شوارع المدينة حاملا اللالة والفانوس والمايكرفون مطلقا الشعارات المنددة بمسؤولي الحكومة لاسيما قطاع الكهرباء. فمن الواضح ان خبرة الشيخ شيال واهتماماته كهربائية. بمعنى ان لا علاقة له بالخدمات الاخرى التي لاتقل بعضها اهمية عن الكهرباء. فهو غير معني بقطاع الزراعة والصناعة والنقل والتجارة والاستثمار. تخصص في مهاجمة الدكتور حسين الشهرستاني بوصفه المسؤول الاول عن الطاقة في العراق ويحلو له تسميته بـ “الشمر الثاني”. ومع قسوة الوصف لاسباب معروفة فان الشهرستاني تجاهل هذا الامر تماما مثلما تجاهل العبارة الماثورة لرئيس الوزراء نوري المالكي بحقه وهي قوله ” هاي كان لازم حسين الشهرستاني يقول لي عنها”.
الشيخ شيال وفي اخر هجوم له على الكهرباء حيث خرج متظاهرا وحده بعد ان صار يعد بالف متظاهر صّعد كثيرأ من هجومه العنيف على اهل الكهرباء ـ عندما رفع شعار “اين تصدير الكهرباء ايها الاغبياء”. وبينما يلقى هجومه اذانا صاغية من قبل جمهور متحمس دائما لمهاجمة الدولة ظالمة ام مظلومة في ثنائية خطيرة هي ثنائية الجلاد والضحية التي نتقنها بدقة متناهية , فإن تظاهراته وتصريحاته النارية لن تلقى اذانا صاغية من قبل المسؤولين بمن فيهم خصمه اللدود حسين الشهرستاني او عبد الكريم عفتان وزير الكهرباء.
هناك من يقول ان “جلود” المسؤولين “تدبغت” من كثرة الشتائم والتظاهرات والشعارات المناوئة من ساحة الفردوس في بغداد حتى ساحة ام البروم في البصرة مرورا بساحة العزة والكرامة في الرمادي وساحة الحبوبي في الناصرية وباقي ساحات الوطن. وهناك من يقول ان المسؤولين عندما يشاهدون الشعب وهو يكيل لهم الشتائم عبر الفضائيات “يضحكون بعبهم” لانهم يعلمون ان هؤلاء المهاجمين انفسهم لو نزل اليهم المسؤول بـ “شحمه ولحمه” لحملوا له العرائض والطلبات وترحموا على اجداد اجداده لتاسع ظهر. مشكلتنا ان المواطن يصور نفسه دائما انه ضحية تاريخية لقهر السلطات و”ظيمها” عبر مختلف العهود. اما الحكومة فهي غالبا ما تاخذ دور الجلاد الذي يسوم الناس سوء العذاب. ما ينتج عن هذه الثنائية ثنائية اتعس منها وهي عدم الرضا المتبادل بين الدولة والمواطن. لا المواطن يرضى عن الحكومة ولا الحكومة ترضى عنه مما يسبب ازمة ثقة تنعكس على الاداء اليومي في كل الدوائر والمؤسسات. بل وحتى الشارع لان النظام العام تجسيد للقانون. وبالتالي فان حالة الفوضى والتمرد حتى على اشارات المرور والسير بعكس الاتجاه كلها تعكس هذه الثنائية التي لاتزال تقف حائلا دون ان نتقدم الى الامام. وبالعودة الى مقترحي في ان يصبح الشيخ شيال وزيرا للكهرباء بدلا من المهندس عبد الكريم عفتان فان الثنائية سوف تصبح كالتالي بغض النظر عما تحمله من كوميديا سوداء: شيال “يطلع” على الفضائيات يحكي بالمثاقيل وقد يعدنا هو الاخر بتصدير الكهرباء . اما عفتان فيدور في شوارع الفلوجة متظاهرا وحده حاملا اللالة والفانوس ويصيح باعلى صوته ..” متى تصدرون الكهرباء ايها الاغبياء”؟