23 ديسمبر، 2024 9:35 م

ماذا لو اختار المالكي وزراء من التركمان واطياف المتنازع عليها بدلا من الوزراء الكرد ؟

ماذا لو اختار المالكي وزراء من التركمان واطياف المتنازع عليها بدلا من الوزراء الكرد ؟

قرار رئيس الوزراء نوري المالكي بإعطاء الوزراء الكرد “إجازة إجبارية”، واسناد الحقائب الوزارية لوزراء آخرين بالوكالة ، قرار جريء بالتأكيد بعد ان ضاق ذرعا بسياسة لوي الذراع التي مارسها التحالف الكردي على العملية السياسية او بالاحرى سياسة حلب العملية السياسية  لصالح  جهة واحدة فقط حتى لو كانت على حساب دماء العراقيين سنة كانوا او شيعة ، تركمانا كانوا او سريان  ، شبكا كانوا او صابئة فيليين كانوا او ايزيديين او حتى كاكائيين  وبكل ما اوتو من حيلة ودهاء واقتناص للفرص ، وبتوظيف خبيث لغفلة العراقيين العرب بطيفيه (السنة والشيعة) والمكونات الاخرى ، في لعب مبرمج على الازمات الطائفية والمناطقية والفئوية يكون الرابح في النهاية دائما  لهم  وبطريقة ( فرق تسد ) التي اصبحت مكشوفة  امام كل العراقيين  بعد خراب البصرة كما يقال اي بعد خراب العراق ولو بعد حين ! ومن مراجعة حسابية بسيطة لكل احداث العراق بعد عشرة سنوات  من التغيير في عام  2003 ، يجد المراقب البسيط بان كل الخلافات والنزاعات الطائفية والسياسية التي نشبت لم يكن فيها رابحا  فيها لا من الشيعة ولا من السنة وانما  كانت الخسارة حليفهما دائما واما الربح والفوز بالمغانم والمكتسبات كانت تجير دائما من نصيب الطرف الثالث الكردي بامتياز !!! ولعشر سنوات على التوالي وبنجاح ساحق !
والملفت للنظر بان اولى ردود الفعل التي صدرت عن التحالف الكردي على قرار المالكي  وعلى لسان النائب خالد شواني ،تصب في اتهام رئيس الوزراء بتعمد تصعيد الموقف وتفعيل الازمات وتعقيد الاوضاع أكثر! ! منذرا ومهددا الحكومة  باللجوء الى اتخاذ الخيارات المناسبة.
 
لغة المنتصر هي الغالبة في كل مرة على خطاب الاقليم تتصدرها لغة التهديد والوعيد من موقع أعلى واستخدام الحق ليراد به الباطل ، مثبتين  بان السلطة السياسية هي  اول من يخرق الدستور جهارا نهارا  سواء في ملفات استخراج وتصدير النفط  والسيطرة على عائدات  الكمارك من المنفذ الحدودي  وعدم خضوع حساباتها وادارتها المالية الى رقابة مركزية لا من قبل هيئة النزاهة ولا من قبل الرقابة المالية وعدم امتثال البيشمركة الى وزارة الدفاع الاتحادية ولاحتى دوائرها البلدية لاي نوع من الرقابة المركزية ، وانما تتعامل كدولة داخل دولة ، تأخذ ولا تعطي تحق ولا تستحق ! والعجيب الغريب بان يتحدث كبيرهم في السحر والتناقض والاستهانة بالدستور ان يتحدث عن الدستور حينما صرح  مسعود بارزاني في (14 اذار 2013) أن سبب الأزمة التي يمر بها العراق حاليا هي(عدم الالتزام بالدستور الذي حدد مهام وحقوق كل الأطراف) ترى هل تم محاسبة وزير كردي في الدولة العراقية على قضية فساد ؟ وهل تم تجريم مسؤول كردي على تجاوزه على المال العام  ؟ والشارع الكردي والصحافة الكردية وتصريحات اعضاء كتلة كوران بح صوتها من المطالبة بالتحقيق في التجاوزات التي يقوم بها الساسة الاكراد وبالاخص عائلة البارزاني التي تعب مليارات النفط المستخرج في جوفها وتتحكم بمفاتيح المناقصات والمشاريع !
وبالعودة الى القرار الجريء الذي اتخذه المالكي وفي هذه المرحلة  الحساسة بالذات التي يشوبها الكثير من التوتر والترقب ، هذا القرار الذي قد يعتبره البعض من المراقبين  بانه مغامرة غير محسوبة لما للكرد من خبرة ودهاء سياسي وعلاقات لا يستهان بها في الداخل والخارج  ، عراقيا واقليميا ودوليا وبالاخص محور تركيا – قطر المكشوف مع الكرد ، عدا دورهم المرسوم في مشروع الشرق الاوسط  وعلاقاتهم السرية مع القوى الخفية التي تديرالمنظومة الدولية وخصوصا ما أقرته الجمعية الهرتزلية اليهودية مؤخرا ! كل هذه الاسباب حملت المراقبين  للقول بان المالكي قد يغامر بكرسيه وبما حققه من مكاسب ولحزبه !
فيما يكشف القريبون من المالكي في الجانب الآخر بان  قراره  هو محاولة جريئة للافلات من القبضة الكردية التي تسخر كل شيء من اجل ان تطبق على ثروات ومجريات الامور في العراق وتعد العدة لان تمتص كل تستطيع امتصاصه من الثروات والمغانم  قبل الانفصال، باعتقاد ان السلطة لن تعلن دولتها المستقلة الا بعد تأمين القاعدة المادية لتاسيس الدولة المنتظرة وتوفير كل مستلزماتها من الثروات العراقية وبكل ما اوتيت من قوة ، اذ يسود الاعتقاد بأن التأخير الاعلان عن دولتها المستقلة  ليس لسواد عيون السنة او الشيعة او التركمان او اي مكون آخر ، وانما لعدم اكتمال الخطة لان الدولة ما زالت بحاجة الى  عنصرين اساسيين هما المرفأ البحري والرافد المالي  ، خشية فشل المشروع بدون هذين العنصريين  كما فشل مشروع الدولة الكردية في مهاباد في تجربة تاسيس الدولة الكردية المستقلة .
والمالكي يدرك جيدا على ما يبدو بان المرفأ البحري  الذي كان مؤملا ان يحصل عليه في مرسين او الاسكندرونة في حال نجاح سيناريو سقوط نظام الاسد في سوريا واتصال الاقليم بالبحر عبر القامشلي – الحسكة وبتواطؤ(اوربي  – اسرائيلي ) سواءا قبلت تركيا ام لم تقبل ! ولكن فشل سقوط الاسد وتمزيق سورية ما زال بعيد المنال لحد الآن الامر الذي ادى الى تأخير مشروع الاعلان ، اما الرافد المالي الذي سينقذ المشروع الكردي  ويكفل قيام الدولة الكردية بالكامل هو الاستحواذ على كركوك (قدس كردستان كما يدعون )  وحقولها النفطية الغنية ، فما زالت بعيدة المنال ايضا رغم كل المحاولات الكردية والاقليمية والدولية التي حاولت اضعاف الحكومة الاتحادية بشكل او بآخر ورغم موجات التفجيرات الارهابية وصناعة الازمات السياسية العاصفة بالعراق التي لم تكن بعيدة عن خدمة هذه الاجندة بالتأكيد !
وعلى الرغم من كل ما يقال عن حكومة المالكي من ملاحظات الا ان حكومتا الجعفري والمالكي لم تفرطا يوما بكركوك ولا بالمناطق المتنازع عليها التي ما فتئت تطالب بها القوى الكردية وفق قانون 140 التي ماطل المالكي بشأنها ولم يخضع للضغوطات ولا للمغريات على عكس سياسيين كان العراقيون والتركمان يعولون عليهم كثيرا مثل اياد علاوي والنجيفي وغيرهم .
 وينقل مقربون بان المالكي قد اتخذ على نفسه عهد عدم التفريط  بكركوك مهما كانت الضغوط ومهما بلغت التحديات حتى لو ادت الى فقدانه منصبه !
استنادا الى هذه المعطيات في المشهد العراقي  نرى بتواضع بان ليس امام المالكي الكثير من الخيارات المتيسرة ، مقابل تحديات واجندة شائكة متورطة فيها دول اقليمية ودولية عديدة  لذا من الحكمة والعقل ايجاد البدائل القوية والخيارات الحكيمة التي تفشل المشاريع المشبوهة من جهة وتدعم لحمة الشعب العراقي من الداخل الى حد ما ويكمن في مشروع وطني لتدعيم قرار المالكي مما سيحرج الساسة الكرد ومن يساندهم ويكشف نواياهم ومخططاتهم .
ماذا لو شرع المالكي باختيار البدائل  للوزراء الاكراد  من التركمان وعرب الحويجة والشبك والكلدو اشوريين والسريان والايزيديين والكاكائيين  والكرد الفيليين والصابئة الذين  يمثلون  مكونات المناطق المتعايشة عليها ( مناطق المادة 140 ) التي تضم كافةاطياف الشعب العراقي من الاديان والطوائف والقوميات والاعراق اي  (العراق المصغر) بالوانه الجميلة الذين يمتلكون  من مشاعر الوطنية وروح المواطنة والاخلاص والالتصاق بالارض والوطن الكثير الكثير مما لا تمتلكه القوى الكردية ولا تحس بها والتي تقود الشعب الكردي الشقيق الى المجهول ولربما الى الهاوية والهلاك  !!
قرار سيكتمل عناصر نجاحه في رأينا لهكذا خطوة  التي ستكون نتائجه ايجابية على المشهد العراقي والاقليمي والدولي من كافة الجوانب .. فهل يجرؤ المالكي الذي عرف بجرأته واقدامه على قرارات شجاعة على مثل هذه الخطوة وهو بحاجة الى هكذا خطوة بهدف الحفاظ على عراقية كركوك والمناطق المتنازع عليها  وسيعيد اللحمة الى كل اطياف الشعب العراقي لان ابناء هذه المناطق يمثلون كل اطياف العراق ؟