ماذا لو أستفتى الحكام العرب شعوبهم ، قبل التطبيع مع إسرائيل؟

ماذا لو أستفتى الحكام العرب شعوبهم ، قبل التطبيع مع إسرائيل؟

دولة الأمارات مثال على ذلك!
قد تبدو الاجابة على عنوان المقال سهلة للوهلة الأولى ولا تحتاج الى توقف وتفكير ولو للحظة لأنه لا يوجد في قاموس الحاكم العربي الدكتاتور المستبد عبارة أو فقرة عنوانها سؤال الشعب ومعرفة رأيه في أية موضوع !!؟ ، ولأن موضوع التطبيع مع إسرائيل أمر فيه ما فيه من الكفاية والسؤال والاستفسار والتريث والتخوف ، حتى يرى البعض أن في ذلك خيانة للأمة العربية!! ، لذا سنفترض جدلا ومن باب الخيال السياسي! ، أن حاكما عربيا أراد أن يستفتي شعبه لمعرفة رأيهم في موضوع التطبيع مع إسرائيل؟ لا سيما وأن إسرائيل وبعد مرور 80 سنة (منذ 1948) ، أصبحت دولة ، وفرضت نفسها ووجودها كأحد دول المنطقة شئنا أم ابينا ذلك؟! ، فمن الطبيعي أن ذلك سيستغرق الكثير من تفكير الحاكم ، قبل الأقدام على خطوة الإستفتاء!؟، باعتبار أن إسرائيل هي عدوة للعرب وستبقى هكذا ، حتى وأن تم التطبيع معها من قبل كل الدول العربية !! ، حيث يبقى أسم إسرائيل غير مرغوب فيه ويثير الريبة والتوجس! ليس لدى غالبية الشعوب العربية ، بل حتى لدى الكثير من شعوب العالم المتمدن والمتحضر! ، وخاصة بعد حرب الابادة التي تشنها على غزة وأهلها من 7/ أكتوبر / 2023 ولحد الآن وبلا توقف والتي كشفت عن الوجه القبيح والاجرامي و اللاإنساني لإسرائيل ، ومن جانب آخر أن العالم كله يعرف بأن إسرائيل بنت كيانها باغتصاب حقوق الفلسطينيين بالقوة والموت والقتل والدمار والتهديد ، وبغيرها من الوسائل غير المشروعة . وبالوقت الذي كان حضور إسرائيل في اية لقاء في محفل دولي في خمسينات وستينات القرن الماضي كان يمثل أزمة ومشكلة لدى العرب وتقيم الدنيا ولن تقعد ، فقد تغيرت الآن النظرة الى إسرائيل وصارت على العكس من ذلك تماما! ، بسبب تغير أحوال العرب بعد ان صاروا أعداء بعضهم البعض وبعد أن تفرقوا وتقاتلوا فيما بينهم وأصابهم الخوف والجبن والضعف ، فتسيدت إسرائيل المشهد العربي وازدادت حضورا وقوة وعنجهية أكثر بسبب تخاذل الكثير من الأنظمة العربية ، اللذين مدوا أليها يد السلام صاغرين مجبرين!! . بعد مرور 80 عاما أصبح لإسرائيل تطبيع مع عدد من الدول العربية المهمة والكبيرة ولديها تمثيل دبلوماسي وسفراء ، ولديها مصالح اقتصادية وتبادل تجاري وتعاون امني واستخباري وفي بقية المجالات الأخرى ، كل ذلك علنا جهارا نهارا ، وبعلم الجامعة العربية ورضاها التام ! بعد ان كان خفية ومن وراء الأستار!. أما الدول التي لم تطبع بعد مع إسرائيل ، فهي تتمنى التطبيع في سّرها! ، وتريد ذلك وتنتظر الظرف المناسب لتعلن تطبيع العلاقة مع إسرائيل! ، لا سيما أن غالبية الحكام العرب ، يرون أن التطبيع مع إسرائيل هو الضمان الحقيقي لبقائهم في الحكم أطول مدة !! . لا شك أن الجميع يعرف أن الدول الخليجية منذ أن وجدت هي الخاصرة الرخوة والضعيفة للأمة العربية! ، والتي وجدت فيها إسرائيل ضالتها! ، حيث لم تكتفي هذه الدول بالخيانة والعمالة والتطبيع مع إسرائيل فحسب ، بل أصبحت خنجرا مسموما بيدها لتنفيذ كل المخططات الصهيونية! لتمزيق الأمة العربية أكثر وأكثر وزرع الفتن واثارة النزاعات والحروب الداخلية فيها مثال على ذلك والذي لم يعد سرا ( أن دولة الأمارات تقف وراء الحرب الأهلية الداخلية الطاحنة التي تدور في السودان منذ سنتين! ، وتتدخل الان بأثارة المشاكل والفتن في ليبيا!) . نعود الى صلب مقالنا وعنوانه ونسأل سؤالنا الذي لربما يرى فيه الكثيرين شيء من الغرابة والسذاجة في آن واحد! ألا وهو: هل استفتت الدول المطبعة مع إسرائيل شعوبها قبل التطبيع؟؟، وهل سمعنا أن حاكما عربيا أمتلك الجرأة والشجاعة وسأل وأستفتى شعبه في موضوع التطبيع؟ الجواب طبعا كلا؟ ، ولكن دعونا نذهب الى شيء من الخيال ، ولنفترض جدلا ، أن حاكما عربيا كسر حاجز الخوف والعيب وتعامل بشفافية مع الشعب وأستفتى الشعب في موضوع التطبيع !؟ ، ترى ماذا ستكون النتائج؟ ، حقيقة لا أحد يدري؟ ولربما ستكون النتائج صادمة وفيها مفاجأة على غير المتوقع وتأتي بما يسر الحاكم؟!! . ولنترك الخيال والافتراض ونتكلم عن واقع ماثل امامنا! ، ولنأخذ دولة الأمارات العربية مثلا! ونسأل: هل أستفتى الشيخ محمد أبن زايد آل نهيان رئيس دولة الأمارات شعبه عندما طبع علاقته مع إسرائيل؟ ، وهل يستطيع المواطن الاماراتي أن يعّبر عن رأيه بذلك؟ ، ويرفض التطبيع مثلا ويقف ضد الحكومة؟ وماذا سيكون مصيره؟ ، لا سيما وأن المعروف عن الأنظمة العربية أنها انظمة دكتاتورية قمعية لا يستثنى نظام وحاكم من ذلك!؟ ، فهذا ديدن العرب منذ ان كانوا وصاروا؟ مهما أدعى وصرخ حكامهم بالحرية والديمقراطية فهم كاذبون ويعلمون انهم يكذبون ؟! . وحتى نرى ما ذهبنا أليه من افتراض! وسألنا المواطن الاماراتي المترف والمدلل في عيشته وحياته وصاحب ثاني أعلى دخل بالعالم ، عن رأيه بتطبيع بلاده مع إسرائيل؟ لا شك أنه سيقول ، هذه سياسة دولة أنا لا اتدخل فيها فأنا مواطن ، والدولة وفرت لي كل حقوقي وأكثر ، وفرت لي الحياة الحرة الكريمة التي تحسدني عليها بقية شعوب العالم! وليست الشعوب العربية فقط ، ودولتي وحكومتي جعلتني انسانا مهابا محترما كبيرا بين شعوب العالم وأعطتني كل الحقوق ، وكل الضمانات الصحية والتربوية والتعليمية وغيرها من الضمانات والحقوق كلها مجانا ، والأهم في كل ذلك وفرت لي الأمن والأمان وراحة البال والطمأنينة على مستقبلي ومستقبل عائلتي ، في ظل عالم يعيش أجواء الحروب وصور الدمار والموت يوميا! ، أما السياسة فلا دخل لي فيها فالسياسة لها رجالها وهذا هو عملهم وهم أعرف بمصلحة الوطن والشعب ، أن ارادوا يطّبعون مع إسرائيل او لا يطّبعون؟! فهذا غير وارد في تفكيري ولم أشغل به نفسي؟! . السؤال هنا : هل أنت كقارئ مقتنع بجواب المواطن الاماراتي؟ ، وهل أنت كمواطن عربي ، سوف لا تتدخل في سياسة الحكومة أيضا ، أن طبّعت علاقاتها مع إسرائيل ؟ ، أذا وفرت لك حكومتك كل حقوقك واحتياجاتك وكل الضمانات الأخرى وضمنت لك الأمن والأمان والمستقبل والحياة الكريمة؟ ، أتمنى أن تمتلك الشجاعة والصدق والشفافية مع نفسك بالجواب على ذلك؟ ، وأنت تشاهد يوميا ما تقوم فيه إسرائيل من حرب أبادة ضد الفلسطينيين العزل في غزة وباقي المدن الفلسطينية؟ . أخيرا يبقى السؤال الأهم قائما : هل أن الحياة الحرة الكريمة والأمن والأمان ورغيد العيش وتوفر سبل الحياة الأخرى بكل تفاصيلها ، ستغير من نظرتك تجاه القضية الفلسطينية الى حد اللامبالاة بما تشاهد من صور الموت اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيين ، كما هي لدى المواطن الأماراتي؟. أتمنى من القارئ العزيز أن يرد على سؤالنا ، ويجيب على ذلك بشجاعة وبقناعة وبكل صدق؟ . والله من وراء القصد .