يعاني الشعبُ العراقيُ منذ العام 2003 وما قبله، منْ مشكلتينِ رئيستين: ألا، وهما مشكلتا: الكهرباءُ والماء. . .! بعدُ أنْ نتغاضى عنْ المشاكلِ (العشرةَ آلاف) الأخرى، آو نغضُ النظرُ أوْ الطرفِ عنها، ما دامتْ سفينةُ النجاةِ (الرافدين) تبحرُ في أمانٍ في مرساها، بقوةِ وحفظِ الله- سبحانهُ وتعالى- ودعاءْ الفقراءِ والمظلومين، والعملُ ماشٍ عالي العال، والحسابة بتحسب، كما قال، فنانا الكبير، عادلْ إمام، أطالَ اللهُ في عمره.
المشكلة الأولى( الكهرباء): يتحولَ صيفنا إلى أحدِ أبوابِ نارِ جهنمِ السبعة، أبعدهُ اللهُ عنكمْ وعنا ، ويتحول بعضٌ شيبتنا وشبابنا ونسائنا نتيجةِ ذلك، الى هستيريا الهلوسةِ والكلامِ غيرِ المفهوم، وربما أحيانا، فقدانُ الوعيِ والذاكرةِ أوْ الجنون، أما مرضى الربوِ والقلبِ وضيقِ التنفس، فحدثْ ولا حرج، فالقولُ واحد لهم: (انقطعَ نفسي، أريدُ الهواءُ باربي) منْ شدةِ هولِ الحرارةِ وعدمِ تحملها. ووصولها- في بعضِ الأوقات- إلى درجةِ الغليانِ (50) مئوية، سواءً للدورِ السكنيةِ أوْ المراكزِ الصحيةِ أوْ دورِ العبادةِ والقائمةِ تطول. . . !
منْ هنا، نقدم مقترحنا، المتضمن بأن يكون وزيريْن للكهرباء، أحدهما؛ وزيرُ الكهرباءِ الشتوي، لمدةَ ستةِ أشهر، والثاني؛ وزيرُ الكهرباءِ الصيفي، لنفسِ المدة، أما الوزيرُ الشتويُ ، فيتمثل عمله في مكتبه ، ونظارته القرائية ، تتدلى على أسفل عينيه على كرسيهِ الخشبيِ الصاج ومنضدتهُ التي تعادلُ مساحةَ كرةِ المنضدةِ الرياضية، مرتديا القاطْ الرصاصيَ المنقطِ باللونُ الأسودِ وقميصهِ، وحذائهِ الأسود منْ أفضلِ الماركاتِ الإيطالية، وابتداءٌ منْ 1/ 11، يخططَ وبمعيتهِ كادرهِ الفني، لكلِ مؤسساتِ الكهرباءِ منْ شمالها لجنوبها وغربها وشرقها، لما هوَ مطلوبٌ في الصيفِ القادم. يجهزَ ويصلحُ ويمدُ الشبكاتِ والمحولات، ويزيلَ التجاوزات، ويسلمَ الأمانةَ في 1/ 5 إلى وزيرِ الكهرباءِ الصيفي.
هنا يبدأ مهام ودور وزير الكهرباء الصيفي، الذي يتولى المهمةَ التنفيذية الصعبةَ بارتدائهِ البدلةَ الزرقاءَ أوْ السوداءِ ، وبظارته الشمسية السوداء ، ويكون الميدان مجال عمله، ومعهُ كادرهُ الفنيُ ، يصولُ ويجول- ليلُ نهار- منْ أجلِ المتابعة والتنفيذ ، لإيصال نورِ الكهرباءِ لبيوت الشعب، وأزقتهم، ومستشفياتهم، ودورَ عبادتهم، و. . . إلخ. ومن كل هذا ، سوف يحقق أهدافه، بإسكاتَ المتظاهرين من : المشاغب، الفوضوي، الوطني، التشريني، الديني، والعشائريَ (ويتجفَ شرهم) منْ السبِ والفشا. . .! ويتخلصَ منْ السؤالِ الروتينيِ المكررِ منْ عامةٍ الشعبِ العراقيِ منذُ عشرينَ عاما ونيف، والمتفقَ عليهِ لكلِ أبناء القومياتِ والأديانِ والمذاهبِ والطوائف، ألا، وهو: أينَ ذهبتْ الملياراتِ منْ العملةِ الصعبةِ التي صرفتْ على الكهرباء، ولدينا مستلزماتها منْ النفطِ والشمس، والعقلُ البشري، و. . . إلخ.
المشكلة الثانيةِ (الماءُ ) : قال الله – سبحانه وتعالى –في كتابه الكريم : ( وخلقنا من الماء كل شيء حي)سورة الانبياء: 30.
تكاد مشكلةُ المياه، لا تقلُ شأنا واهمية عنْ مشكلة الكهرباء، كليهما عمود الحياةِ في عصرنا الحالي، إذ؛ يعاني منها شعبنا العراقيُ في كلِ عام، وخاصةً في موسمِ الصيف، بسببَ انقطاعهِ أوْ شحتة في أنهرِ الخير والبركة نهري دجلة والفرات، وملاحقهما من الانهر والجداول الصغيرة، وما لذلكَ ، منْ تأثيرٍ كبيرٍ على الاستخدامِ البشريِ أوْ النباتيِ أوْ الحيواني- أجلكمْ الله- ، الذي يعيشُ في البرِ أوْ النهرِ أوْ الهور.
لقدْ تحولَ الشعبُ العراقيُ بمتخصصيه، وعامته، بكبارهِ وصغاره- والحمدُ لله- إلى أفضلِ المحللينَ والمنظرينَ في علومِ الأمطارِ والسدودِ ، والمفيدَ في ذلك، أنَ الكلَ متفقونَ على الإجابةِ الموحدة، وبكلمةٍ واحدة، تسمى (لماذا ) . ومنها اشتقتُ أخواتها التي تتركز أسئلتها ، بما يلي:
لماذا لا نستفاد منْ مياهِ أمطارِ موسمِ الشتاءِ بالشكلِ الحقيقي؟
لماذا لا نستفاد منْ المياهِ الزائدةِ التي تريدنا منْ دولِ الجوارِ في موسمِ الشتاء، بدلا، ما نستنكرُ بمذكراتٍ دبلوماسية، ابعدوا مصباتِ مياهكمِ عنا، دمرتْ مزارعنا ومحاصيلنا ؟
لماذا لا نستكملُ بناءُ السدودِ والبحيراتِ الكبيرةِ لخزنِ المياهِ الفائضةِ في موسمِ الشتاء؟
لماذا لا نحولُ فائضها إلى الصحراءِ عبرَ بحيراتٍ كبيرة، وواحاتُ بدلِ منْ ذهابها إلى مياهِ الخليجِ العربيِ المالحةِ عبرَ شطِ العرب؟
لماذا لا نخزنها في أهوارنا الجميلةِ لحمايةٍ (جاموسنا وطيورنا وأسماكنا) والمحافظة على بيئتنا، عندما تقلُ في موسمِ الصيف؟ وإلى عشراتِ الأسئلةِ عبر مفردةٍ ؛لماذا! . . .
إنَ طرح مقترحِ الوزيرينِ الصيفيِ والشتويِ تطبقُ على وزارةٍ لمواردَ المائية، والتي نتمنى أن تسمى ؛ وزارةُ الماء. . .، فهي، الأفضلَ والأدقَ لتشمل كلَ الاستعمالات، وكما، ورد (الماء ) بلفظه الصريح بهذهِ التسمية في العديدِ منْ آياتِ قراننا الكريم .
تتحدد مهام وزير الماء الشتوي؛ في التخطيط،لكيفية خزنِ وتنظيمِ المياهِ في السدودِ والبحيراتِ والأحواضِ والواحاتِ والصحراءِ والوديانِ للمياه التي يرزقنا اللهُ بها في فصلِ الشتاء، سواء من الأمطار، أو من دول المنبع، أو الجيران، ويمنعَ التبذيرُ والصرفُ غيرُ المبرر، من خلال استخدامِ وسائلِ الريِ الحديثةِ منْ قبلُ المزارعِ أوالمستفيدِ ، والمراقبةِ والمحاسبةِ والتشديد على بحيراتِ وأحواضِ الأسماكِ المخالفة.
أما وزيرُ الماءِ الصيفي، فهوَ المراقبُ التنفيذيُ الميداني، مرتديا ًبدلةِ العملِ الخضراءِ تشبهاً بالزراعةِ الخضراء، وبشفقةِ الكابوسِ الأمريكي، وبحصانهِ الأبيض، بعيداً عن الجيكساراتْ السوداء ، يصولَ ويجولُ على مسؤولي السدودِ والبحيراتِ والأحواض، وبمعيته، فريقهُ الفنيُ حاملين معهم ، أقفالُ المضخاتِ وبواباتِ السدود، لغلقها وفتحها بشكلٍ منظم، ومخططٌ له، من أجل العدالة في التوزيع لكلِ الأراضي الزراعيةِ المشمولة بالزراعة ، أوْ لمحطات مياهِ الشرب المنتشرة في مدننا المختلفة .
هذهِ مجردةً أفكار، منْ وحيِ الخيال؛ عسى أنْ نخوضَ تجربةٌ إداريةٌ جديدة، وننجحُ في جزء، يسيرا منْ حل معضلتي الماءَ والكهرباءَ في الصيفِ والشتاء .
هلْ فهمتمْ سادتي الكرام؟ لماذا نحتاجُ إلى وزيرينِ للكهرباءِ والماءِ صيفا وشتاء؟
قالَ الله- سبحانهُ وتعالى- في كتابهِ الكريم: ( لإيلافِ قريش، إيلافهم رحلةَ الشتاءِ والصيف، فليعبدوا ربَ هذا البيت، الذي أطعمهمْ منْ جوعٍ وآمنهمْ منْ خوفٍ ) . (سورةُ قريش: 1- 4 ) .
وبتفسيرها البسيط، أنَ اللهَ أنعمَ على قريشِ بنعمةِ الأمنِ والاستقرار، ويسر لهمْ رحلتا التجارةِ في الشتاءِ إلى اليمنِ وفي الصيفِ إلى الشام، مما جعلهمْ يتمتعونَ بالرخاءِ والازدهار.
نحنُ نتمنى أنْ نتمتعَ بنعمة الماءِ والكهرباءِ في الصيفِ والشتاءِ منْ هذهِ التجربة.