نحن على مشارف شهر الطاعة والمغفرة, قال تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (10)1- لم نقدم شيئأً سوى نبش الماضي وما فيه من اثار سلبيه علينا قال الامام جعفر الصادق عن أبيه (عليهما السلام ) قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إياكم والظن فان الظن أكذب الكذب، وكونوا إخوانا في الله كما أمركم الله، لا تتنافروا، ولا تتجسسوا، ولا تتفاحشوا، ولا يغتب بعضكم بعضا، ولا تتباغوا، ولا تتباغضوا، ولا تتدابروا، ولا تتحاسدوا، فان الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب اليابس )2- من نبش شيئاً خفياً عنه يسأله عنه الله وعليه أن يوضع الحجج والبراهين وكلنا عاش فصول الحياة على نبش قبور الموتى والإحياء بل نوصي بدراسته لأجيالنا وهذا الحاضر يؤكد لنا أننا لسنا بشيء دون الذكر الجميل المتروك بين الناس.
أنني أرى…
إن التربية الصالحة عن الإمام زين العابدين (عليه السلام ) في دعاء مكارم الأخلاق قال: (اللهم صل على محمد وآله وبلغ بإيماني أكمل الإيمان) 3- تجدها ايظاً في قصة النبي إبراهيم وولده (عليهما السلام ) قال تعالى :(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ …سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)4- وهو حوار يرينا الطاعة الكبرى للولد الذي تربى على صالح الاعمال أفعل ما تؤمر ستجدي صابراً ونحن على اعتاب شهر المغفرة ماذا قدمنا لأنفسنا نعمل المعاصي والموبقات في العمر وهذا الشهر فلنحسن الظن به .
إن الانسان لم يدرس الحاضر حتى يخمن القادم من الايام وهو يعيش فصول الحياة ليدرك نفسه صفر على الشمال دون تقديم الطاعة لسيده ومولاه كن واصنع شيئاً في حياتك, مؤلم أن تفقد كل شيء في هذه الحياة من غياب الصحة ومجيء السقم وأنت لم تدرك مشاعر المرأة الصالحة قال تعالى : (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي (39)5- طه التي تؤمر بوضع أبنها الصغير في تابوت وتلقيه في البحر حتى اذا وصل الى المحطة الاخيرة يأخذه عدوً لي وله أين نحن منها وسط الفراغ الفكري والقران يتلى علينا ونحن نضعه في كل مكان للبركة…!
فراغ فكري :
مؤلم جداً عندما نعرف أنفسنا بأننا نعرف سقراط في زمانه ولا نعرف شيئاً عن زرارة(رض) الذي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلال والحرام فقال ( ع ): (حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجئ غيره ).6- مؤلم أن نعيش الحياة بصورها الجميلة ونحن لم نفهم السبب الحقيقي لها نعيش الفراغ بإرادتنا دون وعي تاركين الخلق للخالق ونعبث به ,قال تعالى : (أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) 7- هذا الفشل لن نربح منه سوى نبش قبور الموتى لنعلم سر الخفايا ولن يفلح في ايصال جزء بسيط منها ويعيد بناء النفس في شهر الطاعة تارك اثقال الترهات عن كاهله المتعب وأن الاخطاء تجعلك قريباً لسلم المجد والنجاح .
إن سر المواجهة مع الحقيقة كما جاء عن الامام علي (عليه السلام) بقوله في وصف أتباع الشيطان قال : (إتّخذوا الشيطان لأمرهم ملاكاً، واتّخذهم له أشراكاً, فباض وفرخ في صدورهم، ودبّ ودرج في حجورهم، فنظر بأعينهم، ونطق بألسنتهم، فركب بهم الزلل، وزيّن لهم الخطل، فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه، ونطق بالباطل على لسانه)8- أن تضع أوزار الماضي وتضيق العلاقة بها والعيش من جديد تاركاً عتمة الجسد والهموم خلف ظهرك قال تعالى : (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)9- هارباً منها وهذا الهروب يثبت لك أن الحاضر أجمل بعيش الواقع يجلب الخير الكثير وحمل رسالة تستحق الحياة منا والحكمة تستحق التفكر جيدا في العيش الكريم بشهر الطاعة والمغفرة التي نفقد اجزاءاً منها .
أختم حديثي عن الشهر الفضيل هاتين القصتين الجميلتين ولم نبتل بها وكيف نصنع أن ابتلينا بها؟ أني ارى أن اذبحك والقصة الاكثر غرابه لكن الفؤاد المطمئن تجده ملبياً نداء الرب ليكتمل السمو الالهي وهذا الشهر لن يقل شأناً بترك المعاصي وندرك حكمته من العطش والجوع لكي يتساوى البشر فيه وأن مد السفره لأصحاب الثروات فيه فأنهم سوف يأكلون بقدر الجائع البائس وهذه حقيقة لذا علينا أن نحسن الظن بالله ونتكل عليه ما بقي من الشهر الفضيل طالبين منه المغفرة والعودة سالمين لا فاقدين ولا مفقودين وهو استثمار الحقيقة بتلاوة القران والدعاء اناء الليل وإطراف النهار وترك نبش الموتى والطرق السوداوية منها والسير إلى الله بالطرق التعبدية والتقرب له زلفى دون تقصير.
المصادر
1- سورة الحشر الاية 10
2- بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٧٢ – الصفحة ٢٥٢
3- الصحيفة السجادية
4- سورة الصافات
5- سورة طه
6- الكافي – الشيخ الكليني – ج ١ – الصفحة ٥٨
7- سورة المائدة
8- نهج البلاغة, خطبة7.
9- سورة البقرة