18 ديسمبر، 2024 4:49 م

ماذا قال الإعلامي حافظ القباني عن ( ابو كَاطع ) ؟

ماذا قال الإعلامي حافظ القباني عن ( ابو كَاطع ) ؟

جمعتني “كافتريا ” دائرة الاذاعة والتلفزيون في نهاية العام 1981 ، بالإعلامي القدير حافظ القباني ، طيب الله ثراه ، في مساء يميل الى البرودة ، وتشعب حديثنا ، الذي بدأ بملاحظات القباني عن طريقة اعداد برنامجي الاذاعي المعروف الذي حمل اسما غريبا في حينها هو ( بدون عنوان ) فقد كان يقدمه القباني وزوجته امل القباني ، ثم ساح بنا الحديث في منعطفات الذاكرة ، لكن توقف عند الظاهرة العراقية الكبيرة شمران الياسري ( ابو كاطع ).. فقرأنا صمتاً الفاتحة على روحه الطاهرة ، حيث لم يكد يمر على مفارقته الحياة سوى اسابيع قليلة ( في 17 آب 1981 ، غاب عنا الياسري ) ..

مازال حديث القباني عن الياسري ، راسخا في ذاكرتي ، لأنه نابع من علاقة نضالية جمعت الاثنين في فكر تقدمي ، وفي عمل اعلامي وثقافي دام طويلا ، وفي ثنايا الحديث قال الاستاذ حافظ ( لوكان الاخ ( ابو جبران) ويقصد الاستاذ شمران الياسري ، في بلد آخر غير العراق ، لعملوا له تمثالاً ، وبرامج وافلاما وثائقية ، فهو ظاهرة في الاعلام والثقافة ) ..

ومع مرور اكثر من اربعين عاما ، على حديث ومقترح الاستاذ حافظ القباني ، اجد من الضروري ان يبادر اصدقائي في اتحاد الادباء وشبكة الاعلام العراقي ودائرة السينما والمسرح ، الى تشكيل لجنة مهمتها اعداد الاسس التي يرتكز عليها انتاج مادة وثائقية عن الانسان والاديب والصحفي ” شمران الياسري ” لاسيما ان المعادل الصوري متوفر من خلال وجود اشخاص عاصروا الرجل ، وشهدوا مواقفه ، يمكن ان يتحدثو بموضوعية ، بما يثري الفترة الزمنية التي عاشها .. ففي ذاكرة د. عبد الحسين شعبان ، صديقه الاثير ، ونجله الاستاذ إحسان الياسري ، ومجايليه في طفولته في الكوت ، والصحفيين من معاصريه ، وكاتب هذه السطور ، ما يغني المادة الفلمية الوثائقية ، بعد ان يتوفر لها كاتب سيناريو بارع ، ومخرج ، يتتبع برؤاه الفنية اماكن اقامته في الكوت وبغداد والسجون التي قضى فيها ردحا من الزمن ، ومنهجه في الكتابة ، واحب الاماكن لديه الخ.

ومعروف ان الياسري اشتهر منذ أواخر العام 1958 باسم ( أبو كَاطع ) نسبة إلى برنامجه الاذاعي ذائع الصيت. وكان اسم أبو كَاطع وبرنامجه الموجه إلى الفلاحين ، قد فاق شهرة صاحبه، ومنذ ذلك التاريخ لم يعد شمران الياسري يُعرف الاّ من خلال الكنية التي لازمته كظلّه مثلما لازمته كلمة “الصراحة”، وهذه الشهرة توالت وتوالدت عبر سنوات من العطاء الاعلامي والثقافي والسياسي ، وهذا العطاء كان وفيرا ومحببا للمتلقين ، فبقيت خالدة في الذهن وتترد على الالسن جيلا بعد جيل .. فقد كان يمتلك موهبة لم اجد احدا ، تمتع بها ، تمثلت بـ ( السخرية الحزينة ) ولعل اعتبار الياسري “حنظلة” ناجي العلي، بمثابة “خلف الدوّاح”، فإذا كان حنظلة فلسطين شاهدا على ما حدث في فلسطين، فإن خلف الدوّاح العراقي (كعود الفرحان) في روايته هو الشاهد الآخر، على ما حدث في العراق ، واجد ان قول صديقه د. عبد الحسين شعبان ، يمثل الحقيقة بكل معانيها ، حيث ، اعتبر شعبان أبا كاطع “جارلز ديكنز” العراقي، وسخريته جادة، لأن لديه موقفا حادا من الحياة، وقد رسم صورة الريف العراقي بريشة فنان عليم وأصيل، وهو جزء من تاريخ الدولة العراقية.

ان ظاهرة شمران الياسري ، تبقى محطة ثراء عراقي ، عصي على النسيان ، فهو إعلامي وروائي على مدى طويل ، وان رباعيته الشهيرة “الزناد” و”بلا بوش دنيا” و”غنم الشيوخ” و”فلوس حميد”، اعدها من اهم الاعمال في مجال توجهها ، إلى جانب حكاياته العميقة في معانيها التي كان ينشرها في صحيفة “طريق الشعب” في سبعينيات القرن المنصرم ، وفيما بعد في الصحف العربية بعد اضطراره إلى مغادرة العراق والعيش في المنفى، وقبل ذلك نتذكر بشغف برنامجه الإذاعي في أواخر الخمسينات “احجيه بصراحة يبو كاطع” من إذاعة بغداد.

فهل وصل ندائي ، ونشهد فلما وثائقيا عن ابى كاطع ؟