ماذا سيحدث لوْ أنّ الكتلة الصدرية حصلت على منصب رئاسة مجلس الوزراء في الانتخابات القادمة ( لا سامح الله ) ؟ ربّما البعض من ذوي التفكير المحدود يرون أن هذا السؤال ليس على درجة من الأهمية ولا يحملُ في مضمونه أيّة خطورة مستقبلية . ولكنني من خلال تجارب السنوات السابقة ، ومن خلال فهمي الصحيح لهذه الكتلة التي طبقت نظام العبودية بالكامل والتزمت بشعار ( الطاعة العمياء ) لفرعونها ، أرى غير ذلك تماما . وباختصار فلو تحقق هذا الأمر فانّ رئاسة مجلس الوزراء سيتم اختزالها بشخص واحد فقط ، وسوف تدار جلساته عن طريق الاتصالات المستمرة بزعيمهم الأوحد مقتدى الصدر ، وسوف تكون ( قصاصات الورق ) الصادرة من مقتدى هي الحاسمة في جميع القرارات والتشريعات . وهذا الأمر لا يحتاج الى توضيح أكثر ، لأن جميع قيادات الكتلة الصدرية في نظر مقتدى الصدر ليست سوى بيادق ( كبيادق الشطرنج ) يحركها وفق أهوائه ومزاجه وارهاصاته الفنتازية ( Fantasia ) . ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون لأي شخص منهم دور في التفكير أو بيان رأي معين أو تقديم ملاحظة ما ، لأن ذلك يعتبر تجاوزاً على المقام الأعلى لوثنهم الأكبر .
وبما أنّ شخصية مقتدى الصدر ، كما أسلفت في مواضيع سابقة ، شخصية مركبة مضطربة ، تتمدد وتتقلص بسرعة فائقة بين أقصى اليمين وأقصى الشمال ، وتسبح في فضاء الأوهام ، وتستنشق من خيالها النرجسي ملامح الغطرسة والاستعلاء المفرط ، فلابد أن تكون الأربع سنوات القادمة مليئة بالتناقضات الكثيرة وبالقرارات المتقاطعة . وسوف يمر العراق خلال هذه الفترة القادمة بأسوء مرحلة . وهذه الرؤيا ليست تشائمية ( كما يتصور البعض ) بلْ أنها حقيقة واضحة المعالم ، ولو حدثت سيدرك العراقيون جميعا أنّ ما ذكرته عين الصواب . فهذا الرجل لا يرى في العراق سوى نفسه ، ولا يؤمن بأي رأي آخر ، ويعتقد اعتقادا راسخا أنه الأصلح والأفضل والأنسب لقيادة البلد . ومن يختلف معه يكون قد وضع نفسه في قائمة الأعداء المناوئين ، ويا ويله من شدة عداء مقتدى والكتلة الصدرية له .
ولكون هذا الرجل جاهلا ولا يملك من العلم والثقافة الاّ الشيئ القليل ، ستكمن هنا الطامة الكبرى ، وستكون السلطة التنفيذية كالدمية في يده ، وسوف يتحرك عباقرة السياسة من دول الجوار أو من الدول الأخرى لتحقيق ما يمكن تحقيقه عن طريق استغلال جهله ، خصوصا هم يعرفون جيدا أن عقله أرض خصبة صالحة لتقبل الأفكار القادمة من بعض الدول التي تتربص بالعراق شراً لمجرد اشباع غروره واطلاق الصفات والنعوت المغرية عليه . وقد يسأل سائل كيف يحدث هذا والكتلة الصدرية لن تكون وحدها على مسرح الأحداث ، وأين دور بقية شركاء العملية السياسية . الجواب لا يحتاج أيضا الى توضيح أكثر ، لأن مقتدى وكتلته سيعتبرون أنفسهم المكلفين شرعاً وقانونا بالسلطة التنفيذية ، وسيعتبرون أي اعتراض على اسلوب عملهم اساءة مقصودة ضدهم . كما أنهم على استعداد تام لمواجهة المعترضين باعلان الحرب الشعواء ( مهما كلف الأمر حتى لو احترق العراق بالكامل ) وهذا هو اسلوب مقتدى الصدر في مواجهة خصومه في العملية السياسية .